الحوار… ورقة بري المحروقة ؟!

بقلم طوني كرم

بـ»الثلاثة»، ربط رئيس مجلس النواب نبيه برّي، التوصّل إلى انتخاب رئيس الجمهوريّة والحدّ من إطالة أمد الفراغ «بالتوافق وبسلوك طريق الحوار… ثم الحوار… ثم الحوار»؛ وذلك غداة انضمام الجلسة الرئاسيّة الثانية عشرة إلى سابقاتها من حيث المخرجات، رغم تسجيل سابقة تكمن بقبول الثنائي «أمل» – «حزب الله» المشاركة باقتراعٍ لا يضمن ترئيس الوزير السابق سليمان فرنجيّة (51 صوتاً)، مقابل مرشّح إئتلاف قوى المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور ( 59 صوتاً ).

وبانتظار إعادة تفعيل «اللجنة الخماسيّة» المرتبطة بالملف اللبناني بعد لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم في الإليزيه، تساءل الرئيس برّي في بيانه أول من أمس، عن امتلاك الجميع الجرأة والشجاعة لسلوك طريق الحوار من أجل لبنان، والتقاطع تحت سقف الدستور حول رؤية مشتركة لكيفية إنجاز هذا الاستحقاق من دون إقصاء أو عزل أو تحدٍ أو تخوين، ولاقت غالبيّة قوى الثامن من آذار برّي إلى خطاب اليد الممدودة للحوار والتفاهم إنطلاقاً من تماسك تحالفهم وقناعاتهم الوطنية التي لا يمكن تجاوزها، وفق ما صرّح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» حسن فضل الله قُبيل انعقاد جلسة الأربعاء المنصرم.

وبعد الخطاب الهجومي لرئيس «المردة» سليمان فرنجيّة يوم الأحد الفائت، اعتبر عقب إنتهاء الجلسة 12 أنّ نتائجها تشكّل دافعاً لحوارٍ بنّاء مع الجميع، من بينهم النواب الذين لم ينتخبوه.

في المقابل تقاطعت آراء إئتلاف نوّاب المعارضة على اعتبار أنّ الأصوات الـ59 التي صبتّ لصالح الوزير السابق جهاد أزعور المدعوم من قبلهم تشكّل انتصاراً للديموقراطية وللمعارضة التي استطاعت أن تبرهن أنها قريبة جداً من الوصول إلى 65 صوتاً، مع تأكيدهم الإستمرار في المعركة الانتخابية وفق الأصول الديموقراطية.

وما بين الدعوة إلى الحوار والتأكيد على أهميّة احترام قواعد الإنتخابات والتنافس الديمقراطي بعيداً عن نهج التعطيل والفرض، إستبعدت أوساط حزب «القوات اللبنانية» الحاجة إلى حوار كلاسيكي تقليدي، رغم تأكيد الجلسة الرئاسيّة الـ12، عدم قدرة أيٍّ من القوى السياسيّة على إيصال مرشحها إلى رئاسة الجمهورية.

ووسط ترك الباب مفتوحاً لنقاش ودرس ما آلت إليه نتائج الجلسة الأخيرة، لفتت إلى أنّ نتائجها أعطت أرجحية واضحة لتقدّم تحالف قوى المعارضة عبر أزعور على مرشح الفريق الآخر فرنجيّة. ولتعيد التشديد أيضاً على أهميّة استكمال المسار الذي أدّى إلى تقريب وجهات النظر بين «القوات اللبنانيّة» و»التيار الوطني الحر» و»اللقاء الديمقراطي» و»الكتائب» و»تجدد» ونواب «17 تشرين» كما بعض المستقلين، تمهيداً لتتويج هذا التقارب أو التقاطع بانتخاب أزعور رئيساً للجمهوريّة.

علماً أنّ النموذج الأوضح للحوار المطلوب خلال هذه المرحلة، يكمن في استكمال النقاشات الثنائية والتواصل والتفاعل بين مروحة كبيرة من المعنيين بهذا الإستحقاق، وضعت أوساط «القوات» دعوة الطرف الآخر إلى الحوار في خانة الإقرار بعدم قدرته على إيصال مرشحه إلى بعبدا، وذلك بعدما أثبت ميزان القوى داخل المجلس النيابي، معارضة تعدّدية سياديّة إصلاحيّة تجمع مستقلين تغييريين، إلى جانب «التيار الوطني الحر»، تفرض على الآخر التسليم بعدم قدرته على تخطيها وإيصال مرشّحه.

إلى ذلك، برز تقاطع واضح بين «القوات اللبنانيّة» و»التيار الوطني الحر» من الدعوة إلى الحوار، بحيث تساءلت أوساط «التيار» ما إذا كان المضمور دعوة الآخرين إلى حصر الحوار بتأمين ظروف إنتخاب فرنجية، حصراً وتجاهل البحث في «رئاسة الجمهوريّة»، أي رئيساً وبرنامجاً ومقاربةً أسوة بالمبادرة التي سبق لـ»التيار» وعرضها عبر ورقة الأولويات الرئاسيّة للنقاش مع جميع القوى السياسيّة.

ووفق «التيار» فإنّ المدخل إلى الحوار يكون في الخروج من حصرية ترشيح فرنجية، واستكمال التواصل واللقاءات الثنائيّة بين القوى السياسيّة بعيداً عن إدراجها في خانة الحوار الوطني. وفي سياق متصل، إستغربت أوساط «التيار» رمي الحوار في ملعب الصرح البطريركي، وأوضحت أنّ ظروف مطالبتهم البطريرك بشارة الراعي رعاية الحوار في السابق، إندرجت في خانة السعي إلى توحيد موقف المسيحيين من الإستحقاق الرئاسي حينها.

وهو الأمر الذي انتفت الحاجة إليه مسيحياً بعد التوافق أو التقاطع بين «القوات» والكتائب» و»التيار» وآخرين على الملف الرئاسي، فيما ارتضى «المردة» عدم مشاركة القوى المسيحيّة في مقاربتها الرئاسيّة. وفي الختام، تتساءل أوساط «التيار» ما إذا كان المطلوب من الحوار إلغاء الإنتخابات، والتحاور على فرنجيّة بعد الإنتقال إلى التنافس ديمقراطياً عبر مرشحين رئاسيين يحتّم على مجلس النواب الإبقاء على دورات الإنتخابات مفتوحة حتى انتخاب أحدهم رئيساً للجمهورية.

اخترنا لك