بقلم د. علي خليفة – ناشط سياسي في حركة الإعتراض الشيعي
تطرح الشيعية السياسية اليوم الدعوة إلى الحوار، لا الإنتخابات، من أجل ملء الشغور الرئاسي.
الحوار دعوة حق، بالمطلق. ثم من سيرفض الحوار بالمطلق، سيكون أمام عسر التبرير. ولكن مهلاً. الحوار المزعوم دعوة حق يراد به الابتزاز السياسي.
أولاً : إنه التفاف على الدستور وتعطيل لآليات النظام القائم. فالدستور ينصّ على الإنتخاب فورًا، وبجلسات متتالية، وفق آليات منصوص عنها وتواريخ محدّدة. لم يحصل ذلك، لا لأن النظام السياسي مأزوم، بل لأن التعطيل الذي مارسته الشيعية السياسية بلغ حدّ التعسّف. مجلس النواب المتحول حكمًا إلى هيئة ناخبة، وفق الدستور، أصبح ينعقد بمزاج “مرةً لتمرير تشريعات الضرورة، ومرات لتعطيل الانتخاب”.
ثانيًا : الدعوة إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية هي دعوة قائمة وجوبًا، فيصبح حجبها ابتزازًا، وتعيينها ابتزازًا. ثم من قال إن نصاب الدورة الثانية، هو ذاته نصاب الدورة الأولى في ظل عدم بيان ذلك بشكل مباشر في النص الدستوري وفي ظل اعتبار المجلس النيابي هيئة انتخابية، لا تشريعية، طيلة فترة الشغور الرئاسي ؟ هذه الإشكالية الدستورية يجب تفسيرها، لا من قبل مجلس النواب في جو تنازع الصلاحيات والمصالح، بل من قبل المجلس الدستوري. فمجلس النواب، وإن كان سيد نفسه، إلا أنه سلطة. والسلطة يجب أن يحدّها الدستور كي لا تطغى. والدستور يفسره المجلس الدستوري لا مجلس النواب، تمامًا كما يكون للمجلس الدستوري صلاحية النظر في دستورية القوانين التي يصدرها مجلس النواب وصولاً إلى إمكانية إبطالها.
الدعوة إلى الحوار هي إذًا وبصراحة دعوة لفرض معادلات من خارج آلية عمل النظام. الشيعية السياسية انقلبت على النظام الديمقراطي البرلماني وهي تحاول استخدام فائض القوة وانتفاخ الرأس الطائفية بصورتها القصوى من أجل الهيمنة على الآليات الديمقراطية المرعية لانتخاب رئيس للجمهورية، في ظل عدم استحواذ الشيعية السياسية على الأغلبية في مجلس النواب.
أي أن الشيعية السياسية هي اليوم في طور الإنقلاب أيضًا على الشرعية الشعبية التي انبثقت عن الإنتخابات النيابية الأخيرة وشكّلت توازنات المشهد السياسي القائم.
ما البديل عن الحوار الملغوم والمقدم بصورة ابتزاز صارخ ؟
البديل هو التمسك بالدستور حصرًا، وإلا فالذهاب بالمواجهة مع الشيعية السياسية لفرض تطبيق الدستور، لا الالتفاف عليه والإمعان في تعطيله.
وإنْ لم ينجح ذلك وتخسر الشيعية السياسية غلواءها، فلتقلْ الشيعية السياسية وتصرّح على عاتقها ماذا تريد بدلاً من الدستور وحكم القانون واستعادة أدوار الدولة.