الرئيس بفرمانٍ خارجيّ “أينتخبه” النوّاب ؟

بقلم عقل العويط

النوّاب في مجلس النوّاب، غالبيّتهم في الأقلّ، تحت جور رئيسهم وحلفائه وسلطة الأمر الواقع ( أو الوصاية أو الانتداب أو الاحتلال )، وأهل الذمّة من الطوائف والمذاهب كافّةً، أليسوا أعجز من انتخاب رئيسٍ لبنانيٍّ يُصنَع في لبنان؟ هذا إذا أرادوا.

السبب؟ أليس لأنّهم، غالبيّتهم في الأقلّ، مُعَيّنون تعيينًا بفرمانات (أو بقانون انتخابيّ ليس فيه من ديموقراطيّة الانتخاب شيءٌ كثير)، ودمى، وحجار شطرنج، وأدوات، وروبوتات (لكنْ بدون ذكاء اصطناعيّ)؟
لو لم يكونوا كذلك، لو ليسوا كذلك، لكانوا اجتمعوا الأسبوع الفائت مثلًا، وقبله (أو لاجتمعوا اليوم حصرًا) وفقًا للدستور، وبملء إراداتهم ووفرة كراماتهم (أين هي؟!)، وغصبًا عن استكباراتهم الداخليّة ومحرِّكاتهم الإقليميّة والدوليّة، ولظلّوا يحاولون يجتمعون في جلسةٍ بدوراتٍ انتخابيّةٍ مفتوحة إلى حين انتخاب الرئيس.

يجب ألّا يستخفّ أحدٌ بمسألة الديموقراطيّة والحرّيّة والسيادة على الذات؛ أي بمسألة كون النوّاب، على عكس ما يقوله الدستور عنهم، يستطيبون التنازل عن حرّيّاتهم وسياداتهم على ذواتهم للإيرانيّ والسوريّ والفرنسيّ والأميركيّ والخليجيّ والروسيّ والصينيّ والتركيّ والصهيونيّ، وللدولار من حيث جاء.

والنوّاب، غالبيّتهم في الأقلّ، فقاعاتٌ منفوخة (طبولٌ فارغة) تلكزها (بالمسّاس مثلًا) فتنفخت وتتلاشى. هم ظواهر “صوتيّة”، على غرار غالبيّة وسائل التواصل والجيوش الألكترونيّة والأبواق ونشرات الأخبار والأخبار ورواة الأخبار. كمثل مَن يستنكرون، في الظاهر وعلنًا، زيارات الأوصياء والمحتلّين، من موفدين أجانب، إقليميّين ودوليّين، لكنّهم يروحون “يحاورون” و”يتحاورون”، رِجلًا (صوتًا) في البور، ورِجلًا (صوتًا) في الفلاحة، ورِجلًا (صوتًا) على الشبّاك (على قولة سيّد نفسه)، ويضعون شروطًا ومعايير (مرحبا شروط ومعايير!) وينسّقون تنسيقًا دقيقًا معهم في كيفيّات الوصول بالخنوع والذمّيّة إلى خواتيمهما المفضية إلى… تبادل المغانم وتقاسمها والصفقات، وإلى – طبعًا أو في الغالب الأعمّ – انتخاب رئيسٍ ( أيّ رئيس ) وسوى ذلك من ملء شواغر واستحقاقات.

والنوّاب، غالبيّتهم في الأقلّ، مراتب ومستويات. بعضهم رؤساء وزعماء، بعضهم الآخر أنصاف، بعضهم الثالث لا أنصاف ولا أرباع، وبعضهم الرابع أشباه نوّاب، وبعضهم الخامس لا شيء البتّة. كراسٍ (بلاستيك)، كركوزات، مهرّجون، ضفادع، متسكّعون، فلتات شوط، أزلام، وباحثون عن “أمكنة” في لوائح 2026.

هؤلاء هم النوّاب (و/أو زعماء النوّاب). غالبيّتهم في الأقلّ. وإلّا لكانوا فعلوا شيئًا دستوريًّا يُذكَر، ولكانوا قلبوا الطاولة، ومَن حولها، وما عليها.

“فاعليّتهم” أنّهم 128 و”يصوّتون” (من صوت)، و”يقترعون” (من اقترع على ثياب)، و”ينتخبون” (من انتخب انتخابًا ونخبةً) و… يمدّون أرجلهم من الشبّاك، وهلمّ.
أنا “صوّتُ”، و”اقترعتُ” لبعضٍ من هؤلاء، و”انتخبتُ” بعضًا منهم. وها هنا ذنبي على جنبي. فهل يحقّ لي، وهل يحقّ لأحد من الشعب الذين فعلوا مثلما أنا فعلتُ، أنْ ينوح ويشتكي ويحتجّ (صوتيًّا)، ثمّ “يكوش”، ويقبل بالقسمة التي تُعَدّ وتُهَيَّأ وتُطبَخُ (على نارٍ حامية؟) في الخارج الإيرانيّ والسوريّ والفرنسيّ والأميركيّ والخليجيّ والروسيّ والصينيّ والتركيّ والصهيونيّ والدولاريّ من حيث كان وجاء؟
النتيجة؟ لن يُنتَخَب رئيسٌ سيّدٌ حرٌّ مستقلٌّ، بل سيصدر فيه، على الأرجح، فرمانٌ فحسب.

فالنوّاب في مجلس النوّاب، غالبيّتهم في الأقلّ، تحت جور رئيسهم وحلفائه وسلطة الأمر الواقع (أو الوصاية أو الانتداب أو الاحتلال)، وأهل الذمّة من الطوائف والمذاهب كافّةً، أليسوا أعجز من انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة، يُصنَع في لبنان؟
… أمّا رافضو الفرمان، فليمنعوه انتخابًا في المجلس، وليمنعوه ضغطًا ديموقراطيًّا في الشارع، وإلّا ذنبُهم، وذنبُنا، على جنبنا وجنبهم.

اخترنا لك