فرقاء اليمن متفائلون بـ”سلام ممكن” من الرياض

الشرعية والحوثي يكشفان عن تقدم في مساعي المبادرة السعودية ونتائج المحادثات التي جرت منذ أبريل الماضي

بقلم توفيق الشنواح

عبرت القوى اليمنية عن تفاؤلها بجهود السعودية وعمان في إحداث تقدم نوعي على طريق الحل السياسي للأزمة الدامية، مما انعكس تصريحات إيجابية لطرفي الصراع بالتزامن مع المشاورات التي تجريها الرياض مع وفد حوثي وصل إليها الخميس الماضي للمرة الأولى منذ بدء الحرب قبل تسعة أعوام.

وفي حين رحب مجلس الشورى اليمني أمس السبت بمحادثات السلام التي قال إنها “انتقلت إلى مرحلة متقدمة”، قال الحوثيون عبر المتحدث الرسمي باسمهم ورئيس وفدهم التفاوضي محمد عبدالسلام إن “السلام هو الخيار الأول الذي يجري العمل عليه”، معبراً عن أمل جماعته في أن “تتوج مفاوضات الرياض بتقدم ملموس في كل الملفات الإنسانية والعسكرية والسياسية وبما يحقق السلام والاستقرار في اليمن ودول الجوار والمنطقة”.

وهذا الخطاب يكشف عن تقدم في مساعي المبادرة السعودية ونتائج المحادثات التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي باستجابة الأطراف اليمنية لاستمرار النقاش، خصوصاً الحوثيين الذين كانوا يرفضون مبادرات السلام والتهدئة.

سلام ممكن

وكلام عبدالسلام تبعه حديث لا يقل تفاؤلاً على لسان رئيس مجلس الشورى اليمني أحمد عبيد بن دغر الذي عرف بمواقفه المتحفظة من نوايا الحوثيين خلال مبادرات السلام عندما أعرب عن أمله “في أن يتعاطى الحوثيون مع المشاورات بمسؤولية تخرج الشعب اليمني من أزمته الوطنية التي كانوا سبباً فيها”، وشدد على أن “تحقيق السلام العادل والشامل في اليمن ممكن إذا التزم الحوثيون مبدئياً مرجعياته الثلاث ونظروا إلى السلام على أنه هدف وغاية، وأدركنا جميعاً أن خيار السلام هو أفضل الخيارات لإنقاذ شعبنا والحفاظ على بلدنا موحداً في ظل نظام جمهوري ودولة اتحادية وضمان الاستقرار والأمن الدائم فيها”.

حوار مكمل للمملكة وعمان

وحديث رئيس الشورى ألمح إلى رؤية مستقبلية تعالج طبيعة العلاقة بين القوى السياسية اليمنية كافة عقب التهدئة المرتقبة التي من المتوقع أن تعلن في الأيام المقبلة من خلال “حوار وطني شامل لا يستثنى منه أحد”، واعتبر أن هذا الحوار أصبح “اليوم مطلباً وطنياً ملحاً يكمل جهود السعودية وسلطنة عمان والمجتمع الدولي”.

والخميس الماضي، أعلنت السعودية توجيهها دعوة لوفد من صنعاء إلى زيارة المملكة لمناقشة سبل التوصل لوقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن والتفاهم حول حل سياسي مستدام ومقبول من الأطراف اليمنية كافة، وفقاً لوكالة “واس”.

وذكر بيان وزارة الخارجية السعودية أن هذه الدعوة تأتي امتداداً لمبادرة الرياض التي أعلنت في مارس (آذار) عام 2021 واستكمالاً للقاءات والنقاشات التي أجراها الفريق السعودي برئاسة سفير المملكة لدى اليمن محمد آل جابر وبمشاركة سلطنة عمان في صنعاء خلال الفترة من الثامن إلى الـ13 من الماضي.

مقدمات عملية السلام

ويتوقع أن تفضي المحادثات التي تأتي استكمالاً للمفاوضات الماضية بوساطة السلطنة إلى عقد اتفاق بين الحوثيين والحكومة الشرعية يتضمن تجديد الهدنة المنتهية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والبدء بتنفيذ سلسلة معالجات إنسانية واقتصادية ملحة من ضمنها دفع الرواتب وفقاً لكشوفات عام 2014، أي ما قبل الانقلاب الحوثي، وفتح الطرقات والمعابر وإتاحة المجال لوجهات جوية جديدة أمام مطار صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين واستكمال عملية تبادل الأسرى وفق مبدأ “الكل مقابل الكل”، على أن تنجح تلك المساعي في إنجاز مقدمات عملية السلام للشروع في تنفيذ مراحل لاحقة ترتبط برؤية السعودية للحل السياسي الشامل في اليمن برعاية أممية وإقليمية ودولية.

مراحل نحو الحل النهائي

للاقتراب من المحادثات الجارية التي تحاط بشيء من الهدوء، أكد مصدر حكومي تحدث إلى “اندبندنت عربية” أن اتفاقاً وشيكاً من المتوقع أن يعلن عنه بوضع إطار عام يتضمن خطة مزمنة تشمل المراحل الثلاث التي قدمتها السعودية للتوصل إلى حل نهائي للنزاع في اليمن، وتتضمن كل مرحلة جملة من القضايا برعاية إقليمية وأممية ودولية.

وأوضح المصدر أن الاتفاق سيبدأ بوضع المعالجات الإنسانية الملحة كصرف الرواتب وتبادل جميع الأسرى وفتح مطار صنعاء وغيرها.

وكانت الحكومة الشرعية اقترحت تسليم رواتب الموظفين إلى المستفيدين في مناطق سيطرة الميليشيات مباشرة، وفقاً لقاعدة بيانات الخدمة المدنية والعسكرية عام 2014 إلا أن الجماعة رفضت ذلك، مطالبة بالحصول على المبلغ عبرها وصرفه وفق البيانات الحالية، أي بعد قيامها بإحلال عشرات الآلاف من مقاتليها بدلاً من الموظفين الذين فروا إلى مناطق سيطرة الحكومة أو أولئك الرافضين العمل مع سلطاتها من دون مقابل.

كما طالبت بحصة من عائدات تصدير النفط على أن تتصرف بها بشكل مباشر، مما تسبب في إفشال التوصل إلى حل وفي تنامي أصوات احتجاجية شعبية عبّر الحوثيون عن خشيتهم منها بشن سلسلة تهديدات توعدت أصحابها بالقمع والتنكيل.

وعلى رغم مساعي مسقط والرياض، إلا أن مبادرات السلام الحالية اكتسبت قوة دافعة منذ اتفاق السعودية وإيران على استئناف العلاقات بينهما في اتفاق أبرم بوساطة صينية في الـ10 من مارس الماضي، من المؤمل أن يوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في اليمن.

أمل وترقب

وأنعشت زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء فضلاً عن التقارب الأخير بين الرياض وطهران، الآمال في التوصل إلى حل سياسي للنزاع الدامي في البلد الذي يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

والخميس الماضي، طالبت 98 جهة دولية ومحلية بينها منظمات تابعة للأمم المتحدة بزيادة التمويل لمواصلة مساعدة “أكثر من 21.6 مليون شخص، أي 75 في المئة من سكان اليمن”.

اخترنا لك