“السيد cooper وتابعه” كتاب عقل العويط الجديد لدى هاشيت / أنطوان

هذا كتابٌ عن علاقة شاعرٍ بكائنه الأليف، بحيوانه، بكلبه الذي يحمل اسم “السيّد كوبر”.

هو كتابٌ عن سنواتٍ من الحياة المشتركة بين السيّد كوبر، وتابعه البشريّ، قوامُها الألفة البهية والصمت والنظرات والإشارات والحوارات والمشاعر الهائلة و الوقائع والتفاصيل والتفاهمات الروحيّة والإنسانيّة والإدراكيّة بين هذين الكائنين.

وهو كتاب اعترافات، كتلك التي كتبها قدامى القدّيسين.

إنه إنجيلٌ في العزلة، في اليأس من الكائن البشريّ.

إنجيلُ شاعرٍ لبنانيّ استقال من معاشرة الكائنات البشرية الاجتماعية، وانصرف إلى عزلةٍ شبه شاملة، إلى تعميق يأسه الفلسفيّ الوجوديّ من البشر، وإلى محاورة الحياة والوجود والعدم والشعر في عينَي كائنه الأليف الصامت، السيد كوبر… الكلب كوبر.

وهو كتابٌ في الموت اللبناني.

في الخراب والشقاء في لبنان.

في فروسية الكائن الإنساني الفرد، الأعزل سوى من تلك الفروسية الدونكيشوتية، على غرار النسّاك الممتلئين بمطهر الألم الأخرق والشكّ المخلّص.

كتابٌ في العراء الذاتيّ.

كتابٌ في تعرية الذات البشرية من خساسة البشر.

كتابٌ في الحبّ الفروسي الصامت في عينَي السيد كوبر وتابعه الوحيد.

إنه شهادةٌ عن بهاء العزلة الكينونية والألم.

شهادةٌ عن لحظاتٍ من حياة لبنان في حفرة الأمل القتيل واليأس والخلاص المستحيل، حيث تجتمع فيها لحظة 17 تشرين الثورية، بلحظة وباء الكوفيد 19 القاتل، بلحظة التفجير المأسويّ الذي أصاب بيروت في الرابع من آب 2020، وبلحظة انهيار الحياة اللبنانية برمتها.

… لكن ماذا عن السيّد كوبر ؟

إنّه السيّد الجميل الأنيق الأهيف النبيل الراقي الأنيس المؤنس صانع خطاب العزلة والاعترافات في الرواية التي يرويها تابعُهُ عن الوجود والكلمات والحبّ والارتطام بجدار العدم واليأس من انحدار الكائن البشريّ.

كوبر هو خلاصة الوجود الشعري والكينونة الانسانية في موكب انحدارها إلى قعرٍ… قد يكون لبنان مثله الأسطع.

على هامش الكتاب : “السيّد كوبر” هو كلبٌ من فصيلة “أكيتا” اليابانيّة المعروفة بوفائها ونبلها وسموّ أحاسيسها المرهفة، وقد لقيَ هذا النوع من الكلاب شهرةً أسطوريّةً انطلاقًا من قصّةٍ حقيقيّة حُوِّلت إلى فيلمٍ سينمائيّ عنوانه “هاتشيكو”، تَقاسَمَ فيه هذا الكلب دورَ البطولة مع الممثل العالميّ المعروف ريتشارد غير. وقد بقي يذهب إلى محطة القطار، طوال عشر سنوات، كلّ يوم، صبح مساء، منتظرًا، بلا جدوى، عودة سيّده الذي مات، وهو يلقي محاضرته عن الموسيقى أمام طلابه في الجامعة.

اخترنا لك