مشروع ذاكرة بقلم السّيد محمد الأمين
كاتب و ناشط سياسي
كم تبعد الحرية من هنا ؟ مسافة صوتك
في واحدة من ساحات النضال الشعبي لثورة ١٧ تشرين قال شاب جنوبي، لم آت لأجل مطلب اقتصادي، وضعي جيد الحمد الله، إنما أشارك لأستعيد كرامة واطالب بحرية مسلوبة في الجنوب.
وهذه واحدة من الطموحات التي يسعى لها اللبناني أن تتحقق الحرية والمطالب لعيش كريم، ويخطئ من يظن بأن ثورة ١٧ تشرين خرجت من الساحات من دون أن تحقق مطالبها بتحرير الدولة من السلاح وهيمنة الميليشيات ،١٧ تشرين تلك الانتفاضة التي قمعت وحوصرت واجتمعت على وأدها أحزاب السلاح والسلطة ها هي اليوم ما زالت تخيفهم، لماذا ؟
لأنها أصبحت فكرة غير قابلة للعزل وصوت غير خاضع للكتم.
ولأنها عممت في كل المناطق اللبنانية المطالبة بسلاح الشرعية فقط واعتبار أي سلاح خارج القوى القانونية غير شرعي وان الدولة وحدها هي من تملك حصريته، هذا المقدس الذي كان اللبنانيون الا القليل منهم يخافون من محاولة انتقاده والاقتراب من مناقشة دوره ، صار محطة رئيسية في طريق بناء الدولة فلم يعد الخوف وارداً “وتخطى حدود آلهة الطوائف وزعماء المنظمات.
لقد نزعت الانتفاضة من خلال شمولها في كل الطوائف والمناطق اللبنانية ادعاء الأحزاب الدينية والحركات المسلحة التي قمعت الانتفاضة بشموليتها واحتكارها للطائفة وهيمنتها على الطوائف، إن روح ١٧ تشرين مستمرة وتتمدد لقد حدت الانتفاضة من الخوف لا بل انتزعته، وبات يدرك من قمعها أنه لم يعد قادراً على الاحتفاظ بهيمنته التي ترفض سماع صوت آخر ، انتفاضة ١٧ تشرين هي بداية التحول من مقولة “نحنا الدولة” نفعل ما نشاء ونضرب ونقمع وتفسد ونسرق، لقد غيرت ١٧ تشرين التفاخر بشذوذ القوة المسلحة غير الشرعية وبشجع الفاسدين وجعلتهم متهمين في خراب الوطن واستباحة الدولة بعد أن كانوا يسرحون ويمرحون في دولة حولوها الى مزرعة وولاية وامارة وبنك وسوق عرض وطلب رغم كل محاولات المليشيات الشيطنة والوأد والاستقواء عليها.
قبل ١٧ تشرين كانت كل طائفة محتكرة للحزب والزعيم والمولانا وبهذا يتم فصل اللبنانيين عن بعضهم البعض بحجه المحافظة والدفاع عن الطائفة إلا أن كانت ١٧ تشرين واستل مفهوم المواطنة والتلاقي والتواصل والتعارف ونبذ التعصب من خلال تكاتف وتعاضد المواطنين من كل المناطق اللبنانية فأخرجتهم من سجون طوائفهم ومناطقهم واحزابهم إلى الوطن.
١٧ تشرين المجد للصوت الذي تخطى حدود السجن وأخاف الجلاد.