الحرب بين الموساد والاستخبارات التركية : حماية العقول والقدرات البشرية الفلسطينية من شر الصهيونية

بقلم بلال مهدي

أعلنت وكالة الاستخبارات التركية عن نجاحها في صد هجوم استخباري من جهاز الموساد الصهيوني. كان الهدف من هذا الهجوم اختطاف مهندس برمجيات فلسطيني بهدف نقله إلى فلسطين المحتلة في سبتمبر 2022، وفقًا لتقارير أمنية تركية.

وكشفت المصادر الأمنية أن جهاز الموساد قام بمحاولات متكررة لاستدراج المهندس الفلسطيني أثناء تواجده في قطاع غزة. بعد فشل هذه المحاولات، استهدف الموساد المهندس مرة أخرى في مدينة إسطنبول. وفي هذا السياق، أعلنت وكالة الاستخبارات التركية خطط الموساد وتحركاته، حيث قام بتوظيف الشركات والمؤسسات الأمنية كغطاء لأنشطته الاستخبارية.

الهروب الى الفخ

المهندس الفلسطيني البارز كان قد شغل دورًا حاسمًا في عمليات اختراق نظام “القبة الحديدية” الصهيوني وتعطيله خلال الفترة بين “2015 و 2016”. استفادت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، من هذا الاختراق لتحقيق مكاسب تكتيكية في الميدان، بما في ذلك خلال إطلاق عملية “طوفان الأقصى” في تشرين الأول الماضي. نجح المهندس الفلسطيني في تطوير برمجيات أثرت على نظام الدفاع الجوي الصهيوني، مما جعله هدفًا رئيسيًا لجهاز “الموساد”.

قرر المهندس الفلسطيني اللجوء إلى ماليزيا لتجنب مطاردات جهاز الموساد الإسرائيلي له في اسطنبول. نصحته الاستخبارات التركية وقدمت له توجيهات حول ضرورة اتخاذ إجراءات أمان والاعتماد على جهاز تموضع بشكل دائم للوصول إليه في حالة الضرورة. ورغم اتخاذه هذه الإجراءات، تعرض للاختطاف في ماليزيا للتحقيق معه من قبل جهاز “الموساد”. قامت الاستخبارات التركية بالتعاون مع السلطات الماليزية بتحديد موقعه وتحريره.

بعد تحريره، عاد المهندس إلى إسطنبول، حيث قدمت له الاستخبارات مأوى آمنًا وحماية. وقد قامت على إثرها بتوقيف 11 فردًا من عناصر جهاز “الموساد” المتورطين في محاولة اختطافه، مؤكدة عزمها على مواجهة ومعاقبة المتورطين في هذا العمل العدائي.

حماية الأدمغة أم استنزافها ؟

في ظل هذه الأحداث، يتسارع الصراع الاستخباري بين “الموساد” والاستخبارات التركية، مما يستدعي التفكير في كيفية حماية العقول والقدرات الفلسطينية البشرية حول العالم والاستفادة من مهارات المحترفين الفلسطينيين في مجال الأمن السيبراني وتكنولوجيا المعلومات، دون السماح للعدو بتصفية هذه القوة الفلسطينية البشرية.

بالطبع، يجب أن يكون الهدف الرئيسي هو حماية الأفراد والمحافظة على خصوصيتهم وسلامتهم. يجب أن يتم التعاطي مع هؤلاء الأفراد، بما في ذلك الفلسطيني “الهارب”، بروح من التضامن والاحترام لحقوقهم وحمايتهم.

تحول الأفراد الذين يواجهون تهديدات أمنية إلى قضية دولية ينبغي التعاون فيها لتقديم الدعم والحماية. يمكن للتعاون الدولي أن يتضمن تقديم المساعدة الأمنية والتقنية، دون التأثير على حقوق الأفراد أو استغلال مهاراتهم بطرق غير قانونية.

إن الهدف هو إيجاد سبل لحماية هؤلاء الأفراد وتمكينهم بحيث يكون لديهم الحق في بناء حياة آمنة ومستقرة دون التعرض للتهديدات أو الخطر.

يُعتبر المهندس الفلسطيني من بين أثمن القدرات التي تمكنت الاستخبارات التركية من حمايتها وإعادتها إلى تركيا. لتحصد مهاراته التي ستغني القدراة التركية في الصناعات الدفاعية العسكرية التي تجاوزت صادراتها عتبة الـ 4 مليارات دولار في عام 2022، وهو أعلى مستوى في تاريخ الجمهورية التركية، وذلك دون الكشف عن القدرات البشرية التي تقف خلفها.

وكانت تركيا قد أعلنت عن خطوة هامة في مجال الصناعات العسكرية، بعد استحواذ شركتها “صامسون يورت” على شركة “أي إي آي سيستمز” البريطانية، والتي تُعد واحدة من أهم ثلاث شركات في العالم في مجال الصناعات العسكرية.

السؤال الأساسي

في سياق الحرب المستمرة على غزة والتحديات المتزايدة في ميدان الحروب “السيبرانية”، تتعرض العقول الفلسطينية لتحديات فريدة تتعلق بالأمان الرقمي. يصبح بناء بنية تحتية تكنولوجية فعّالة أمرًا ضروريًا في مواجهة التهديدات “السيبرانية” الصهيونية التي تستهدف قطاع غزة والضفة الغربية.

كما تحتاج العقول الفلسطينية إلى البنية التحتية الخاصة بها، للتصدي للحصار المسيطر على حياة الفلسطينيين العزل أرضًا وجوًا وبحرًا. 

في نهاية المطاف، وقد أنهت الحرب على غزة الآمال المتعلقة بإحلال الأمن في المنطقة وأضافت تعقيدات جديدة إلى التحديات القائمة بعد تدمير كل ما يتعلق البنية التحتية للاتصالات ومنها الشبكات الأرضية والهوائية.

يتساءل الفلسطيني “الهارب”، متى سيتمكن من بناء دولته الخاصة القادرة على حماية أبنائها في زمن يُعَد فيه “الفلسطيني القتيل او الهارب” مجرد رقم إحصائي على سجلات الأمم ؟

اخترنا لك