المقاومة الفلسطينية ومعاملة الأسرى : رسالة من و الى “العدو”

بقلم بلال مهدي

تُعَدُّ معاملة المقاومة الفلسطينية للأسرى ‘الصهاينة’ وغيرهم داخل الأنفاق جزءًا حيويًا من السياق الإنساني والقانوني للصراع الفلسطيني مع العدو المجرم. كما ويظهر التعامل مع الأسرى احترامًا كبيرًا للقوانين، بما في ذلك اتفاقيات جنيف والأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. يعني ذلك بأن الأسرى يحظون بحقوقهم المكفولة دوليًا، مثل الحماية من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو القاسية.

كما تعكس معاملة المقاومة الفلسطينية للأسرى الحرص على القضية الإنسانية للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية. كما يعتبر الفلسطينيون أن هذا التعامل يبرز الفارق الواضح بين مناهجهم الإنسانية وسياسة الاحتلال ‘الصهيوني’ الاجرامية، مما يعزز التضامن والدعم الدولي.

رسالة من و الى “العدو”

نقل الأسرى عبر الأنفاق وكشفهم عن ظروف احتجازهم يعد فرصة لتسليط الضوء على انتهاكات الاحتلال ‘الصهيوني’ الغير مبررة لحقوق الأسرى الفلسطينيين.

يتمثل الفرق الكبير بين طبيعة المكانين، أي ما بين  الأنفاق وزنازين الاحتجاز الصهيونية. فيما أن الأنفاق التي تُستخدم لنقل الأسرى تكشف عن الظروف الصعبة التي يمرون بها، وهو أمر سوف يلقى تأييدًا دوليًا للضغط من أجل تحقيق عدالة القضية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال.

وقد صلت للإعلام رسالة من إحدى المحتجزات “الصهاينة” اللواتي تم إطلاق سراحهن مؤخرًا في إطار اتفاق تبادل الأسرى، وقد هزت من خلالها الضمير العالمي. في هذه الرسالة، قدمت المحتجزة الشكر لمقاتلي وقادة القسام الذين رافقوها ورافقوا ابنتها خلال فترة الاحتجاز.

وجاء في رسالة الاسيرة السابقة دانيال ألوني : “للجنرالات الذين رافقوني في الأسابيع الأخيرة، يبدو أننا سنفترق غداً، لكنني أشكركم من أعماق قلبي على إنسانيتكم غير الطبيعية التي أظهرتموها تجاه ابنتي إميليا، كنتم لها مثل الأبوين، دعوتموها إلى غرفتكم في كل فرصة أرادتها. تشعر بأنكم كلكم أصدقاؤها، ولستم مجرد أصدقاء وإنما أحباب حقيقيون جيدون. لقد اعتبرت نفسها ملكة في غزة”.

وتابعت ألوني في رسالتها : “الأولاد لا يجب أن يكونوا في الأَسر، لكن بفضلكم وبفضل أناس آخرين طيبين عرفناهم في الطريق، ابنتي اعتبرت نفسها ملكة في غزة، وأنها كانت مركز العالم، فلم نقابل شخصاً في طريقنا الطويلة هذه، من العناصر وحتى القيادات، إلا وتصرف تجاهها برفق وحنان وحب”. ”أنا للأبد سأكون أسيرة شكر، لأنها لم تخرج من هنا مع صدمة نفسية للأبد. سأذكر لكم تصرفكم الطيب معنا، رغم الوضع الصعب الذي كنتم تتعاملون معه بأنفسكم والخسائر الصعبة التي أصابتكم هنا في غزة”.

وختمت : “يا ليت في هذا العالم يقدر لنا أن نكون أصدقاء طيبين حقاً، أتمنى لكم جميعاً الصحة والعافية لكم ولأبناء عائلاتكم”.

الانتصار المعنوي

تُعبر هذه الرسالة عن امتنان المحررة للمقاومة الفلسطينية وقيادتها، حيث يُظهر الشكر والامتنان للمجاهدين الذين كانوا إلى جانبها وكانوا مصدر قوة ودعم خلال الفترة التي قضتها في الاحتجاز.

يُشير هذا النوع من الرسائل إلى الروح القتالية والتضامن الذي يميز المقاومة الفلسطينية و تُظهر أيضًا الإنسانية في التعامل مع الأسرى، و الاهتمام بصحة وسلامة المحتجزين والتزام المقاومة بالمعايير الإنسانية، وهو جانب يبرز قيم العدالة وحقوق الإنسان في سياق الصراع مع العدو.

بشكل عام، إن الاحترام الكامل للمعايير الإنسانية والقانونية، يبرز إلتزام فصائل المقاومة بتحقيق العدالة والتحرر من الاحتلال بوسائل مشروعة وملتزمة بالقوانين الدولية والشرعية، ومن خلال هذا المشهد، يظهر للعالم تحقيق قول الله تعالى : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً }.

وقد تصاعدت حدة الجدل في الكيان بسبب رسالة الأسيرة السابقة “دانييل ألوني” وتقديرها لحماس، مما أدى إلى نوبة جديدة من الجنون لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو وأتباع اليمين المتطرف. ومن المتوقع أن تتعرض ألوني لعقوبات شديدة وللسجن، وربما يتم استبعادها.

اخترنا لك