الفضل شلق : لم أزر ضريح الحريري يوماً… وأعتبر نفسي فاشلاً
"قدّمتُ استقالتي من المستقبل في العام 2002 ولم أُخبر أحداً عن السبب"..
بقلم نوال نصر
الفضل شلق. هو الرجل اللصيق في مسيرة الشهيد رفيق الحريري حيث انطلق معه موظفاً وقرر، بملء إرادته، أن يبقى موظفاً إلى حين قدم استقالته في العام 2002. لا يغالي الرجل في التعبير عن العلاقة التي جمعته بالشهيد ويستغرب مغالاة البعض في القول: كنا أصدقاء لرفيق الحريري. هو العالم أن الرجل لم يكن «يفضفض» إلى الآخرين بمكنوناته وأكثر جلسة جمعته به في 25 عاماً كانت بين خمس وعشر دقائق. إنطلق في حزب البعث «الله لا يعطيهم العافية» كما قال، ثم في حزب العمال الثوري العربي ثم في الحزب الإشتراكي ثم في نصف حزب فكّر بإنشائه «لينيني ماركسي» لكنه لم يبصر النور. لكن، ماذا عن حزب تيار المستقبل؟ يجيب: قلت لسعد «نظام الحزب الذي تنوون إنشاءه ما بيسوى صرماية». لقاء مع الفضل شلق في شباط 2024 بعد تسعة عشر عاماً على شباط 2005 الذي غادرنا فيه، في عيد الحبّ، رفيق الحريري.
البرد قارس والبحر، المحاذي مباشرة لدارته، هادر. البحر أسرار فماذا عن علاقته به؟ يجيب: «أحبه. أحب الجبل أيضاً. لكني أملّ بعد خمس دقائق». جوابه يُنبئنا أننا أمام رجل لا يشبه سواه. هو يحفظ أسماء كل من تعاون معهم، الصغير قبل الكبير، ويعرف من أي منطقة يتحدرون وكم عدد أولادهم ويحاول أن يتابع شؤونهم وشجونهم ولو من بعيد. يحبّ القهوة المرّة. نشربها معه. ويبدأ في سرد أحداث للتاريخ.
عاشقٌ للقراءة. مكتبته كبيرة. والكتب في كل مكان وبين يديه الآن كتاب عن اللغة العربية وآخر بدأه للتوّ بعنوان: The Iran wars. هو يمضي ستة أشهر في بيروت، في الرملة البيضاء، وستة اشهر في الجبل، في بلدته التي يعشقها كفريا مردداً قول أبو تمام: «نقِّل فُؤادَكَ حَيثُ شِئتَ مِنَ الهَوى · ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ · كَم مَنزِلٍ في الأَرضِ يَألَفُهُ الفَتى· وَحَنينُهُ أَبَداً لِأَوَّلِ مَنزِلِ «.
بيته في كفريا هو بيت أهله نفسه الذي عاد ورممه بعدما هدمه «الهوا الأصفر». رائحة أهله، والده الأديب والكاتب علي شلق ووالدته خديجة، ما زالت فيه. هناك كبر مع شقيقه طبيب القلب وائل شلق ويقول: علاقتنا، شقيقي وأنا، وثيقة جداً وليت كل الإخوة مثلنا» ويستطرد: «يوم عدت الى كفريا بعدما تهجرنا، وهي بلدة الثلثين فيها سنّة والثلث الثالث مسيحيون، قلت للناس: إنسوا الحرب الأهلية وشو صار». ويختم بحزنٍ: «لعننا الله».
تغيير العالم
فلنسمعه. «أنا يساري جداً جداً وما زلت. أنا ماركسي لينيني. لم أدخل في الحزب الشيوعي. درست لاحقاً في الولايات المتحدة (بكالوريوس في العلوم إختصاص هندسة ميكانيكية من جامعة لويزيانا) وطُردت من اميركا بسبب نشاطي الحزبي هناك ومتابعتي موضوع فلسطين. كنت اريد تغيير العالم لا إستعادة فلسطين وحسب» (يضحك كثيراً بعدما أدرك حجم الحلم الذي لازمه). ويقول: «حاولت تغيير العالم ويومها كانت قد اشتدت حركات الطلاب وشهدنا مرحلة فييتنام. وكنت من أوائل الطلاب الذين طردوا من الولايات المتحدة لأسباب سياسية».
عاد الى لبنان في أوائل العام 1970 ويقول: «بقيت عدة أشهر عاطلاً عن العمل ثم وجدت وظيفة في بلدية بيروت في تصليح شاحنات رفع النفايات. كنت رئيس ورشة التصليح. والدي درس في درعا وحمص ونال دكتوراه في فرنسا وكان مدير أول ثانوية رسمية في طرابلس عام 1952».
الحريري… من هو ؟
عمل شلق نحو عامين في بلدية بيروت. ثم عمل في سدّ الفرات في سوريا. دخلت زوجته فعرّفنا اليها: «إنها غالية. وهي غالية جداً على قلبي. بعد ذلك عملتُ في دار الهندسة الشاعر في لندن طوال ستة أعوام حتى العام 1978 يوم التقيت لأول مرة برفيق الحريري رحمه الله. إشتغلنا معاً في باريس في شركة اوجيه». ويتذكر: «لم أكن أعرف عنه شيئاً. ولا ولا شي. كان منزلنا مهدماً ووالدي متقاعداً وشقيقي يتخصص في الطب وكنت بحاجة الى وظيفة. زارني شخص أعرفه وسألني: هل تشتغل مع رفيق الحريري؟ سألته: «ومن هو هذا؟ قال: إنه مقاول في السعودية بحاجة الى مهندس ميكانيكي شاطر. وافقت. وفي اليوم الثاني التقيته كنت في «الشحاطة» (يضحك مجدداً لذلك). جلسنا وبعد خمس دقائق قلت له: أحببتك وسأعمل معك. عدت الى البيت وقلت لزوجتي: لن نعود الى لندن بل سأسافر الى باريس وسأعمل مع رجل إسمه رفيق الحريري. جاوبتني: ومن هذا؟ هل تعرف عنه شيئاً؟ أريتها محرمة كان قد كتب عليها رقماً هاتفياً طلب مني ان اتصل به لترتيب عملي الجديد».
ماذا رأى رفيق الحريري في الشاب الفضل شلق ليضمّه بسرعة الى فريق عمله؟ يجيب: «هو كان بحاجة الى مهندس ميكانيكي فقرر بسرعة وأنا ايضاً قررت بسرعة إنضمامي إليه. ودفع لي راتباً لا بأس به». كم كان هذا الراتب؟ يجيب: «أكثر مما كنت أتقاضاه حينها في دار الهندسة وقدره ستة آلاف ليرة. وقال لي: ستأخذ سلفة وحين تصل الى باريس بيتك موجود وتستلم سيارة».
هو اللقاء الأول الذي جمع بين الرجلين وانتهى الى بداية دامت 25 عاماً. عمل الفضل شلق إستشارياً مع الملحق الإقتصادي في أوجيه. وقبل أن نغوص معه في المراحل التي تلت نسأله: هل يقسم حياته الى محطات؟ يفكر لحظات ثم يجيب: «أهم محطة في حياتي كانت إرتباطي بزوجتي غالية (ويعود ليضحك كثيراً). ويستطرد: مرحلة عملي في دار الهندسة كانت عزيزة جدا عليّ ورفقتي مع رفيق الحريري أيضا».
توطدت العلاقة بين الرجلين أكثر يوم طلب الحريري من شلق أن يرفع الردم من بيروت: «قال لي نظّف بيروت. بدأنا العمل في السادس من أيلول 1982. عاونني مهندس إسمه عمر الداعوق. وبعد ستة أيام من بداية العمل دخل اليهود (الجيش الإسرائيلي) الى بيروت وأصبحت محاصرة. من رأى بيروت في تلك الأيام بكى. رفعنا ردم 350 مبنى مهدماً في بيروت و250 مبنى في الضاحية. ما زلت أتذكر هذه الأرقام. كنا نرفع 600 نقلة ردم في اليوم الواحد واستمرينا ستة أشهر».
كيف كانت علاقة رفيق الحريري ببيروت آنذاك؟ يجيب: «كان يُردد أمامي أنه يريد جعل بيروت (ولبنان عموماً) جنة. وأتذكر أنه حين طلب مني تنظيف بيروت لم يتطرق الى مال وكلفة ولم يسألني مرّة عن حجم ما نصرف من اموال. وهو سألني بعد يومين أو ثلاثة من بداية العمل: ما بدّك تدفع للناس؟ أجبته: جيّد أنك ذكرتني. حوّل مالاً الى البنك السعودي اللبناني ألحّ المصرف أن أسجل الحساب باسمي لا باسم الشركة. أصبحت أدفع من هذا الحساب ولا مرة سألتهم عن الرصيد كما لم يسألني رفيق الحريري مرة: كم صرفت؟ وكنت أحمل التوقيع المنفرد الوحيد على هذا الحساب».
كان همّ رفيق الحريري الأهم يومها إعمار بيروت «كان يتكل عليّ وعلى المجموعة التي هي معي. أنا من قلت له أن يستعين بأوجيه على الرغم من كل المشاكل بيني وبين الشركة لأن عقلي «طزّ» والقيمون عليها يعتبرون ثقافتي أميركية. إنتقلتُ بعدها الى مؤسسة الحريري. وذات يوم دعاني الحريري الى الصعود معه في السيارة. كان ذاهباً الى القصر الجمهوري لرؤية الرئيس الجميّل. سألني: كم تلميذ يمكنكم تعليمهم سنوياً على نفقة المؤسسة؟ العاملون كانوا قد حددوا قدرة المؤسسة بنحو 350 طالباً سنوياً. رفعتُ أنا العدد وقلت له: سنأخذ 500 طالب وطالبة. أجابني: خذوا ألفاً. كان ذلك في أيار 1984. وصلنا الى تشرين الثاني 1984 و»غلتنا» من الطلاب والطالبات 7000. كان يتصل بي يومياً ليسألني «قدي الغلة اليوم» (عدد الطلاب الذين ساعدناهم). كان يردد أمامي: كم أفرح حين أسمع ما تقول. كان التعليم هاجساً آخر لديه».
في حين كان شلق في مؤسسة الحريري سأله الشهيد يوماً: كيف قبلت الإنتقال بهذه السهولة من أوجيه الى المؤسسة؟ أجابه شلق: أوجيه مؤسسة لبناء الحجر وأنا أفضّل أن أكون في مؤسسة تبني البشر. أجابه الحريري: كنت أعرف ذلك. يُخبّر شلق ذلك مشيراً الى «أن الحريري كان يعرف أنني زعلان لكن لم أقل له ذلك ولم يقل هو ذلك لي. كذبنا على بعضنا» ويشرح «كان يعرف إستحالة أن أكون سعيداً بعدما تركت اوجيه التي تضم آلاف الأشخاص وانتقلت الى مؤسسة تضم ثلاثة» ويعود ويستطرد: «لكن، لاحقاً، كبرت المؤسسة بسرعة وأخذنا على عاتقنا 33 ألف تلميذ لأنتقل بعدها الى رئاسة مجلس الإنماء والاعمار».
بتعمل وزير ؟
هل وجد شلق نفسه أكثر في المجلس؟ يجيب: «كلّه شغل. طلب مني رفيق قبل ذلك أن أصبح وزيراً حتى قبل أن يصبح هو رئيساً للحكومة. كانوا حين يسألونه: من تريد؟ من تسمي؟ يجيب: الفضل؟ رينيه معوض رحمه الله أخبرني بذلك. الياس الهراوي سألني بدوره: بتعمل وزير؟ (يقلد لهجته الزحلاوية). أجبته: لماذا تسألني أنا؟ إسأل رفيق الحريري. هو من يقرر؟ ويومها سألني الحريري أيضا: بتعمل وزير؟ أجبته: إذا بدّك شغل فأعطني مجلس الإنمار والإعمار. إنه اهم. ويستطرد: اللغة، العمار، الطب… كله Same Same. الأهم أن يجد الشخص ما يعمله. وشعاري كان دائماً: أسهل ما في الشغل هو الشغل. لم اكن أقول عن أي عمل انه صعب. كنت أعمل ليل نهار. وأحبّ العمل على الأصول. إذا قرأت كتاباً لا أعرف أن أتجاوز منه حرفاً».
غرام الفضل شلق الأول كان القراءة ويقول: «لاحقاً علمت أنني أعرف الكتابة. وأول ما كتبت كان كراساً نشرته دار الحقيقة عام 1978 تحت عنوان: «الطائفية والحرب الأهلية في لبنان» أو «جذور الحرب الأهلية في لبنان». لم أعد أتذكر بدقة.
«أنا مخلوطة فهل تعرفين ما هي المخلوطة؟». يسألني ذلك مضيفا: «أنا شيء من كل شيء. في الستينات كنت مع حزب البعث، الله لا يعطي القيمون عليه العافية. ويوم غادرت الى أميركا خفّت الصلات مع البعث. ويوم عدت الى لبنان عام 1970 إنتسبت الى فريق منشقّ عن حزب البعث هو حزب العمل الثوري العربي. وكان يضم ياسين حافظ رحمه الله. وفي آخر العام 1974 لا اعرف من وضع في عقلي أن اذهب الى الحزب الإشتراكي. ذهبتُ، شغلتُ مكتب الإرشاد فيه، وبدأت الحرب الأهلية. وليس لي نفس أن أتكلم عنها. لاحقاً، حاولت أنا ومجموعة من الشباب إنشاء حزب لينيني ماركسي لذلك أقول إنني دخلت ثلاثة أحزاب ونصفاً. أنا مخلوطة» ويستطرد متذكراً كمال جنبلاط: كان يطلب منا الإنضمام الى الحزب الإشتراكي فقلت له أنا ماركسي فأجابني «سنمركس الإشتراكي». كان شخصية غريبة طريفة وكنت ألتقيه أسبوعياً وفي كل مرة يُخبرنا عن كتاب «شكل». كان يحب التين المطبع (اليابس)». يُخبر ذلك ويضحك.
تحدث الفضل شلق عن ثلاثة أحزاب ونصف. ماذا عن تيار المستقبل؟ يجيب: «لم انتسب رسمياً له. رفيق كان يعرف أن لدي تجربة حزبية. وحين قال لي «بدنا نعمل شي بين الحزب والحركة» على أساس هو أساسه الحركة القومية العربية وأنا حزب البعث. سألته: ماذا تعني حزب ومش حزب؟ أجابني: أنت ستؤسسه. كنتُ ضدّ تأسيس حزب المستقبل لأنني أفهم أن صاحب المال يؤسس شركات. والحزب ليس شركة. أخبرته بذلك فقال لي: نؤسس تياراً. وهذا ما صار».
غادر الفضل شلق قبل تأسيس حزب المستقبل ويقول: «أتذكر أن سعد زارني بعد إغتيال والده وجلس هنا (يشير الى المقعد المحاذي) ومعه كان مشروع برنامج حزب المستقبل. قرأته وقلت له: ما بيسوى صرماية. هذا يصلح لشركة إعلانات لا برنامجا حزبياً».
لماذا يقول ذلك؟ ماذا لم يعجبه في البرنامج بالتحديد؟ يجيب: «أنا متأثر بتجارب الأحزاب الصغيرة الثورية السرية والأيديولوجية. أثق أن الشخص يتربى تربية حزبية».
نريد أن نعرف ماذا لم يعجبه في البرنامج بدقة؟ يجيب: «هو برنامج قائم على الخصخصة وبيع أصول الدولة. إنه برنامج من صناعة شخص رأسمالي. والرأسماليون يُنشئون عادة أحزاباً ليتسلوا بها وتخدمهم. أما أنا حين فكرت في تأسيس حزب فكان هدفي تغيير العالم. كارل ماركس قال: فهمنا العالم والآن حان الوقت لتغييره». يتمهل. يسكت. يفكر ثم يقول: في النهاية كله «أكل هوا». إكتشفت إستحالة تغيير العالم. وها أنا أشعر، في نهاية حياتي، بعدما تجاوزت الثمانين، أن العالم يتحدثون عن إنجازات أما أنا فأعتبر نفسي فاشلاً».
الجميع يُخطئ، أين اخطأ رفيق الحريري؟ يجيب بنبرة واثقة: «لم يُخطئ». ويستطرد: يوم قدمتُ إستقالتي في كانون الأول عام 2002 لم يسألني أحد لماذا فعلت ذلك إلا رفيق الحريري. قال لي بالحرف: قل لي لماذا تستقيل؟ لم اخبره».
لماذا استقلت؟ يضحك حين يسمع سؤالنا هذا. نعود لنسأله: هل هو أحد أسرارك؟ يجيب: «ليس سراً لكنني شعرت… (يخبرنا ما يدور في رأسه مع تمنيه بعدم نشره).
هل فكرة الإستقالة راودته فجأة؟ يجيب: «هذا ما حصل فعلا. توجهت إليه وقدمتها. أستغرب كثيراً. سألني: ما هذه؟ أجبته: إنها إستقالتي. سألني عن السبب فأجبته: لا سبب مباشر. قدمتُ إستقالتي في عزّ دين أيام رفيق الحريري. كنت رئيس مجلس إدارة صحيفة المستقبل. غادرت وبقي راتبي الشهري سارياً».
كثيرون حكوا عن إنقطاع الإتصالات بين الرجلين بين عامي 2002 و2005 وحول ذلك يقول شلق: «بقينا أصحاب حتى آخر لحظة. قبل شهرين من وفاته، شاركني في فينيسيا فرحتي بزفاف إبني علي. أتى ومكث فترة طويلة. وقبل أن ننتقل الى العشاء إنقطع التيار الكهربائي برهة فخلنا وكأن الأمر متعمد وطلبنا منه أن يغادر».
أمور كثيرة يتذكرها شلق بينها أنه خُطف من بيت حمية، من محمد حمية، في يوم من أيام العام 1986 ويقول»زارني شقيق الخاطف بعد وقت وقال لي: أستاذ الفضل أريد منك أن تسامح شقيقي على الأرض حتى يسامحه الله في السماء. سامحته».
ماذا عن الخطأ الذي إقترفه هو ولم يسامح نفسه عليه؟ هل إقترف ذنباً في مجلس الإنماء والإعمار؟ كلام كثير يُحكى عن تعهدات وإلتزامات وأسرار تلك المرحلة… يجيب: «إسألي ما شئت. خذي راحتك واسألي. يومها لم أكن أسمع أي طلب من رفيق أو من غيره في السياسة. أجزم أنه لم يضغط عليّ يوماً. هو لم يكن يسمح لنفسه بذلك وأنا لم اكن اتدخل في المناقصات. كان هناك أشخاص نثق بهم يأتون بالتقارير فأوقعها. أنا كنتُ أقول لمن يسألني: لا تسمعوا من رؤسائكم. وعلاقتي مع رفيق الحريري كانت قائمة على الإحترام. هو يعرف جيداً أن رأسي «سميك «. كما لم يرغب هو أيضاً بذلك. مرة واحدة فقط ضغطوا فيها علينا من الشام من أجل شركة لولدي محسن دلول وحكمت الشهابي».
كثيرون تحدثوا عن صداقة تربطهم مع رفيق الحريري، فهل كان التقرّب منه سهلاً؟ هل كان يثق بكثيرين؟ يجيب: «كانت شخصيته محببة وودوداً ويساعد الناس الى آخره أما أن يقول أحدهم أنه قريب منه فهذا حمال أوجه. هناك أناس إدّعوا أنهم عرفوه بعدما توفي. وقال كثيرون انهم مقربون منه. لا أعرف مدى صحة ذلك. أنا عملت معه طوال 25 عاما ولم نجلس مرة واحدة أكثر من عشر دقائق متواصلة معاً».
بعد أيام تحلّ ذكرى إستشهاد رفيق الحريري. سعد الحريري آت… ماذا عن ظاهرة الحريرية التي إنتقدها كثيرون؟ يجيب: «لا أريد ان أتكلم عن هذا الأمر». هل التقى بسعد مراراً بعد وفاة والده؟ «إلتقيت به. وفي انتخابات 2005 النيابية كان رأيي غير رأيه لكني فعلت ما اراد. كنت أتشاجر مع رفيق الحريري ونتصالح. أولاده شيء آخر. كانت إستقالتي أيام رفيق في جيبي دائماً أرفعها أمامه كلما تشاجرنا فيقول لي: ضبها. أعتقد أن الموظف الذي يحترم نفسه تبقى الإستقالة في جيبه».
لم ينزل شلق الى ضريح الحريري يوماً. تتدخل زوجته هنا بالقول: هو يرفض زيارة أي ضريح حتى والده ووالدته. في هذا الإطار يقول: «لا فلسفة لي خاصة مع الموت لكن، منذ عامين او ثلاثة، أفكر بجملة قالها امامي أحد أقاربي في الضيعة وهي: الحياة حلوة. أفكر: لماذا قال ذلك؟ وإذا كانت الحياة حلوة فهل الموت قبيح؟ ويستطرد: مشيناها خطى كتبت علينا ومن كُتبت عليه خطى مشاها».
طرح إسمه رئيسا للحكومة. طُرح إسمه للنيابة والوزارة. ووُزّر مرة في الاتصالات. ويقول: «قلتُ لرفيق يوم رفضت ترشيحي للنيابة: النيابة سياسة ومعك دولة الرئيس ما في سياسة. وإذا عملتُ نائباً معك سأكون كذاباً لأنني سأعلن ما لا أراه. ويوم قبلت ان أصبح وزيراً للهاتف فمن أجله. هو قال لي: في مشكلة بدك تحلها. قبلت. كان الخليوي غير مقلّع بعد. حليت المشكلة في عشرة أيام وبقيت بقية الوقت بلا عمل».
لدى الفضل شلق ثلاثة أولاد: علي وجهينة وسلمى (المدللة). ولديه ستة أحفاد هم: الفضل وزياد وتيماء ونور وميساء وزاهي. ويقول: «أنا أخوهم الصغير». يحب «قعدة البيت» مع كتاب ويقول: ليتني أستطيع المكوث في المنزل 24 ساعة على 24.
قبل أن نغادر يتذكر سؤالنا عن خطأ إقترفه فيقول: ما كان لازم أعمل جريدة المستقبل. مكثت عشرة أعوام أقنع رفيق «بلاها» وفي الآخر قبلت معه. وهو استخدمها في السياسة.