رصد بوابة بيروت
وقعّت الصحافية والباحثة مايا خضرا كتابها بعنوان “Samir Geagea: L’avenir du Liban” الصادر عن دار النشر الفرنسيّة “Les Editions du Bien Commun”، في حضور الوزير السابق النائب مروان حمادة ممثلاً رئيس الحزب الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، النائب غسان حاصباني، النائب سليم الصايغ ممثلاً رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، النواب بيار بوعاصي، ملحم رياشي، غسان سكاف، غادة أيوب، رازي الحاج، غياث يزبك، جهاد بقرادوني، نزيه متى، الوزيرين السابقين مي شدياق وريشار قيومجيان، ممثل النائب نديم الجميل رئيس منطقة الأشرفية في حزب الكتائب اللبنانية روني نعمة، ممثل النائب ميشال معوض جو فرشخ، امين سر تكتل الجمهورية القوية الخبير الدستوري سعيد مالك، امين عام حزب القوات اللبنانية اميل مكرزل، عضو الهيئة التنفيذية في حزب القوات اللبنانية دانيال سپيرو، رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور، رئيس نادي الحكمة راغب حداد، وفد الاحرار مؤلف من المحامي فؤاد الأسمر نبيل سمعان وغابي عبود وعدد كبير من الشخصيات الأكاديمية والإعلامية والحزبية.
وتخلّل حفل التوقيع نقاش بين النائب بو عاصي والصحافي ميشال توما والكاتبة مايا خضرا، إضافة إلى مداخلتين من النائبين حمادة والصايغ.
بدأ الحفل بكلمتين مسجلتين لرئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع والنائب في البرلمان الأوروبي والفيلسوف فرنسوا-غزاڤيبه بيلّامي.
وقد استهل رئيس القوات كلمته، بالقول: “الله معكم جميعاً، كنت أتمنى أن أكون اليوم موجوداً بينكم، إلا أنكم تدركون ظروف البلاد، ولكن هذا الوضع لا يحول دون أن أتوجّه إليكم بكلمة مسجّلة قصيرة فهي أفضل من لا شيء”.
واذ شكر الباحثة والصحافيّة مايا خضرا على الجهد الكبير الذي بذلته في سبيل هذا الكتاب كي يبصر النور، أعرب الدكتور جعجع عن فخره بها ” أولاً، لأنها باحثة وصحافيّة من لبنان، وثانياً كونها تختلف عن كثر آخرين، إذ إنها تذهب إلى عمق الأمور، بعيداً من السطحيّة والإختزال اللذين يسودان الكثير من القضايا في هذه الأيام، وبالرغم من ذلك وجدت مايا، وسواها ممن يشبهها بالتأكيد، الذهاب أبعد من الأحداث الآنية واللحظة الحاضرة والغوص في عمق القضايا كي تعرّف القارىء على فكر سياسي من لبنان ليدرك بعدها أين يتجه هذا السياسي”.
وأكّد أن “في البدء كان الكلمة، وحيث يندر أو ينعدم وجود الفكر فمن المستحيل أن نرى أي حركيّة أو تحرّك صحيح، من هذا المنطلق، مهمٌ جداً العودة إلى تناول مسائل الفكر السياسي الفعلي، خصوصاً وأننا في الفترات الأخيرة شهدنا الكثير من التلاعب في هذا الفكر”.
وأضاف: البعض يستخدم الفكر السياسي بشكل شعبوي جداً، بغية استمالة الناس إليه ليقوم من بعدها بأمور مختلفة عن الفكر الذي يطرحه، لا بل أكثر من ذلك، تتعارض غالبية هذه الأمور في بعض الأحيان كلياً مع هذا الفكر، فيما هناك فئة أخرى تتكلّم فقط لمجرّد الكلام، وتطرح أفكاراً خياليّة، تنطلق صعوداً من “المتكور الطبقي” (Stratosphère) إلى ما لا نهاية، من دون أن تتمكّن من ترجمة فعليّة على الأرض لأي كلمة أو حرف من الفكر الذي تطرحه”.
وتابع: “في طبيعة الحال، يقتصر عمل المفكر على إبتكار الفكر، إلا أن عمل الساسة مختلف تماماً، صحيح أنهم بالدرجة الأولى يجب أن يتمتعوا بالفكر، كونه من غير الممكن أن يُنتج عملهم السياسي أي حركيّة صحيحة من دونه، ولكن في الوقت عينه عليهم إيجاد السبل لبلورة هذا الفكر السياسي على أرض الواقع”.
ونوّه رئيس القوات بمزايا النائب في البرلمان الأوروبي والفيلسوف فرنسوا-غزاڤيبه بيلّامي لأنه “انطلاقاً من محبّته ومودّته للبنان وافق على المشاركة في الكتاب ولو أنه يتناول شخصيّة سياسية من لبنان، ما لا يقدم عليه الكثيرون وإنما خطوة بيلّامي تنبع من محبّته للبنان بالدرجة الأولى، إلى جانب تقديره ومحبّته لـ”القوّات اللبنانيّة” في الدرجة الثانية”.
ووجّه جعجع تحية إلى جميع الحاضرين في حفل توقيع الكتاب الذي أقيم في فندق Sofitel Le Gabriel في الأشرفية، ووعدهم بالبقاء ” ملتزماً بالفكر الذي تحدثت عنه الكاتبة في كتابها بشكل تام وسأحاول أن أترجمه على أرض الواقع بشكل أمين وبأفضل ما يكون في الأيام المقبلة، جرياً على ما قمت به في الفترة السابقة”.
بدوره لفت النائب بيلامي إلى ان “أهمية كتاب خضرا تكمن في الفرصة التي أتاحها له من أجل تأكيد العلاقة التاريخية بين فرنسا ولبنان، كما العلاقة الوثيقة بين القوات اللبنانية والـPPE في سبيل مزيد من توطيد الصداقة بين لبنان وأوروبا، وتوجّه بالشكر الى الدكتور جعجع والقوات اللبنانية لتعاونهم الدائم من أجل تعزيز العلاقات والسعي المشترك إلى الإجابة عن مجموعة تحديات، خصوصا ان طريقة مقاربة هذه التحديات تؤدي إلى تحديد مستقبل أوطاننا، ومستقبل الرسالة التي يمثلها لبنان والتي تتشارك فرنسا معه فيها، ومستقبل الإنسانية في هذا العالم.” واعتبر ان النقاشات التي ستدور حول الكتاب ستؤدي إلى تعزيز قوة لبنان وما يمثله.
وأشار بو عاصي الذي يواكب عن قرب مسيرة جعجع منذ 40 عاماً يوم كان طالب حقوق في جامعة “القديس يوسف – اليسوعية” الى “أن أمرين يحاذرهما جعجع: من جهة لا يحب الحديث عن ذاته لإعتباره أن الأمر يشكل خصوصية له وليس للناس الذين لهم عليه فكره وإلتزامه والمشاريع التي يعمل على تحقيقها. الأمر مرتبط بحيائه الذي يحول دون الحديث عن مشاعره وهو رجل غير خجول أبداً ولكن يملك الكثير من الحياء. ومن جهة أخرى لأنه يخاف ان يحاكي عبر ذلك عواطف الناس Pathos وهو دائماً مسكون بهاجس عدم الوقوع في الشعبوية والديماغوجية”.
أضاف بو عاصي: “إلا ان الكاتبة مايا خضرا نجحت في كتابها بإنتزاع جانبين عاطفيين منه: الأول مرتبط ببداية إلتزامه العسكري حيث يكشف جعجع انه كان نابعاً من إندفاع عاطفي من أعماق قلبه وهو يتحدث عن ذلك للمرة الاولى. أما الثاني، فمرتبط بحرب الجبل التي شكّلت ل في حياته – وليس مرحلة الاعتقال 11 عاماً في سجن إنفرادي على عكس ما يظن كثر – حيث قال جعجع إيماني وفكري في خدمة الناس وهما جناحي مستذكراً سفر الخروج في العهد القديم من الكتاب المقدس”. حرب الجبل بنظر جعجع منذ وقوعها كانت حرباً عبثية ضربت المسيحيين والدروز – وهما أركان لبنان – وكان بالامكان تفاديها ويجب العمل على عدم تكرارها وهذا الامر هاجس يرافقه طيلة حياته”.
بو عاصي اكد أن “جعجع لطالما كان مؤمناً بأن لا قيمة لإمتلاك قوة عسكرية من دون أفق سياسي، فكان، كالرئيس المؤسس بشير الجميل، يسعى الى ان يكون البعد السياسي هو السباق والبعد العسكري في خدمته حين تدعو الحاجة. كما شدّد ان همّ جعجع هو حماية السيادة اللبنانية والتعددية والثقافة الديمقراطية والانسان كفرد وكجماعة”.
وختم: “هذه الأبعاد وغيرها في شخصية وفكر سمير جعجع قاربتها خضرا في كتابها بشكل مميّز”.
ورأى الكاتب والصحافي ميشال توما أن أهمية الكتاب تكمن في “فكر سمير جعجع السياسي ونظرته للتاريخ والمواضيع المطروحة على الساحة السياسية”. وثمة استنتاج عبّر عنه توما، لناحية “النظرة إلى رئيس “القوات” والأحزاب السيادية في العمل السياسي وسط أداء مبني على أسس، فيما شرح جعجع من خلال كتاب خضرا نظرته للمسار التاريخي واعتقاده أنّه ليس بمثابة تراكم أحداث وتطورات عشوائية بل إن التاريخ مسار في الاتجاه نحو الأفضل وتطوّر للإنسانية في المجتمع. وللمسؤول السياسي دوره المهم للتخفيف من وطأة الحروب والصراعات وتحمّل مسؤوليته جديّاً للتوصل إلى حلول مستدامة مع شرح مفهومه للعمل السياسي الذي لا يمكن أن يوصل إلى نتائج مطلوبة من دون قيم، لأن العمل السياسي لمصلحة الانسان في المجتمع وهدفه تطوير الإنسان”.
وشكر النائب حمادة الباحثة خضرا على كتابها، وتحدث عن “ثلاث محطات تلاقينا فيها حتى لو كنا منفصلين او متخاصمين: عندما دُفِعنا إلى حرب الجبل ولم نندفع باتجاهها، والنقطة الثانية عندما التقينا حول اتفاق الطائف من دون تنسيق مسبق من أجل التعافي، والنقطة الثالثة مصالحة الجبل، ولا شك ان للبطريرك مار نصرالله بطرس صفير الفضل الكبير، وللقوات اللبنانية والحكيم من سجنه والنائبة ستريدا جعجع والقوات كانت القوة الدافعة لهذا المصالحة، ومن دون ان ننسى دور حزب الكتائب والرئيس أمين الجميل”.
وأضاف: “عنوانان أساسيان شكلا محور حملتنا الانتخابية: السيادة والإصلاح، ونجحنا قدر الإمكان على أمل ان نصل إلى السيادة معا ونطبِّق الاصلاح”.
وبدوره قال النائب الصايغ: “من المفيد جدا ان نطلع على أفكار بعضنا البعض وان نتناقش في الفكر ونختلف حول الأفكار، لأننا بهذه الطريقة نبني الفكر الحقيقي وانتظارات الناس كبيرة منا جميعا، وهذا الكتاب يحفزنا ان نبلور أفكارنا وسياساتنا وألا نتكلّم فقط باليوميات السياسية على أهميتها كرئاسة الجمهورية والحكومة، انما ان نفكِّر حقيقة بأي لبنان نريد، ونعرف أي لبنان نريد، ونتكلم مع الشركاء في الوطن انطلاقا من الفكرة السيادية التي تجمعنا، والفكرة الروحانية التي تجمعنا أيضا، لأن لبنان مساحة روحية وعلى هذا الأساس نستطيع ان نبني مستقبل وطننا، والمراجعة ضرورية من أجل مستقبل أفضل”.
وكانت الباحثة خضرا قدمت لكتابها بالقول ان الدكتور جعجع يشرح أفكاره حول مستقبل لبنان من خلال تقديم خطاب دولة بعيداً عن الاتهامات، ومن خلال طرح الأفكار المنطقية البعيدة عن الانقسامات. وأراد الكتاب إيصال خطاب منطقي لبناء الدولة بعيداً عن الانفعالات مع سرد مسائل شخصية خاصة بحياة سمير جعجع تضمّنت تفاصيل حول حرب الجبل ونظرته الفلسفية. وتحدّث جعجع في الكتاب كرجل سياسي إلى كلّ الشعب اللبناني متوجّهاً الى الوجدان الغربيّ مع الحرص على فكره السياسيّ.
وتتمحور أهمية الكتاب، بحسب مايا خضرا، على النظرة المسؤولة والشاملة عن مستقبل لبنان البعيدة عن تهميش الفئات اللبنانية الأخرى وتأكيداً على احترامه التعددية والشراكة في الوطن انطلاقاً من مشروع وطنيّ جامع. ويبحث جعجع عن مشروع بناء دولة يبلور الاستقرار ومستقبل لبنان.