خاص بوابة بيروت
أدانت محكمة الجزاء في بيروت برئاسة القاضية عبير صفا المحامي الشريف سليمان بالسجن. وقد تم دمغ ثلاثة عقوبات لتكون العقوبة الأشد “عام سجن”، وابدالها بغرامة قدرها سبعة ملايين ليرة لبنانية، ووقف تنفيذ العقوبة.
القضية بدأت عندما نشر المحامي سليمان بيانًا على حسابه الخاص عبر منصة الفايسبوك تضمن عبارات مثل “جرم توقيف عدة ناشطين”، و”جرم الاعتداء على الثورة”، و”قضاة قصار الهامة القانونية والوطنية”. المحكمة اعتبرت أن هذه العبارات تشكل تحقيرًا للقاضي فادي عقيقي، الذي كان مفوضًا للحكومة لدى المحكمة العسكرية. وأوضحت المحكمة أن البيان نشر بشكل يوحي بالإساءة والتشكيك في كفاءة ونزاهة القاضي أثناء قيامه بمهامه.
ورغم ادعاء سليمان بأن هدف البيان كان نشر الوعي حول استقلالية القضاء، أكدت المحكمة أن استخدامه لعبارات جارحة يتجاوز حدود النقد البناء. وأشارت المحكمة إلى أن أي مراجعة لقرارات القضاء يجب أن تتم عبر القنوات القانونية المعتمدة، رغم أن صفا لم تحترم هذه العلاقة التي تفرض بحسب قانون تنظيم مهنة المحاماة الحصول المسبق على إذن ملاحقة المحامي من قبل نقابة المحامين قبل البدء بالاستجواب أو المباشرة بالمحاكمة.
في هذا السياق، أدان النقيب السابق للمحامين والنائب في البرلمان ملحم خلف هذا الحكم الجائر، معتبرًا أن ممارسات الدولة البوليسية في لبنان تهدف إلى ترهيب المجتمع عبر استهداف المحامين ومنعهم من أداء رسالتهم. وأشار خلف إلى أن تقويض دور المحامي، خاصة في القضايا الوطنية الكبرى، يمثل شكلًا من أشكال الترهيب.
وفي حديث خاص لموقع “بوابة بيروت”، أضاف خلف أن المحامي ليس مجرد ممارس للقانون، بل هو قائد للمجتمع والمدافع الأول عن المستضعفين والمظلومين. وأكد على أهمية دور المحامي في الحفاظ على حقوق الأفراد وحمايتهم من التجاوزات. في ظل الظروف الراهنة، يصبح المحامي رمزًا للعدالة وحصنًا ضد الاستبداد، ويتحمل مسؤولية كبرى في مواجهة الأزمات والتحديات التي تواجه المجتمع.
وأشار خلف إلى أن المحامي في الأزمات الوطنية لا يُعتبر مجرد وكيل للفرد، بل هو وكيل للوطن والمواطنين. فدوره يتجاوز الدفاع عن الأفراد ليشمل الدفاع عن المبادئ الوطنية والحقوق الأساسية للشعب. في هذه الأوقات الحرجة، يصبح المحامي رمزًا للعدالة وحاميًا للقيم الوطنية، ملتزمًا بحماية حقوق المواطنين ومواجهة التحديات التي تهدد الوطن بأسره.
واعتبر خلف أن قضية المحامي سليمان هي محاولة لتخويف المحامين بما يهدد أمن المجتمع ككل، مؤكدًا أن المس بالمحامي هو مس بالمجتمع بأسره. وعلى الرغم من تعاون المحامي سليمان وحضوره كامل جلسات التحقيق والمحاكمة، فإن النيابة العامة لم تحترم الأصول القانونية في ملاحقة المحامي، وادعت على الزميل الأستاذ سليمان قبل أن تستحصل على إذن مسبق بالملاحقة من نقابة المحامين في بيروت. علمًا أن هذا النوع من التجاوزات كان من أسباب إعلان مجلس نقابة المحامين في بيروت سنة 2021 قرارًا بالإجماع بإعلان الإضراب، والذي لم يجرِ وقفه إلا بعد التزام النيابة العامة باحترام الأصول القانونية قبل أي إجراء ملاحقة بحق محامٍ.
وأكد خلف أن حصانة مهنة المحاماة لا تحمي المحامي بشكل فردي، بل تحمي كيانه في أداء دوره في الدفاع عن الشعب. وأي تجاوز لهذه الحصانة من قبل أي قاضي هو محاولة لكسر أحد أهم أسس العدالة في لبنان.
وختم خلف مؤكدًا أن القوة المتزامنة بين القاضي والمحامي تعتمد على الاحترام المتبادل، مشيرًا إلى أن هيبة القضاء هي جزء من هيبة المحامي. وأكد أن الحفاظ على هذه العلاقة المتبادلة هو أساس ضمان العدالة واستقلالية المهنة، مما يعزز الثقة في النظام القضائي ويساهم في حماية حقوق الأفراد والمجتمع بشكل عام.