خاص بوابة بيروت
في تطور دراماتيكي يعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط، نفذت إسرائيل عملية اغتيال استهدفت امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله والمجلس التنفيذي لحزب الله. هذه الخطوة التي جاءت وسط تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، لاقت ردود فعل دولية واسعة، حيث اعتبرتها دول غربية عديدة ارتياحًا كبيرًا وخطوة صائبة في مكافحة الإرهاب في المنطقة.
وفقًا لتوم حرب، مدير التحالف الأميركي شرق أوسطي للديمقراطية، فإن هذه العملية تمثل انتصارًا كبيرًا لإسرائيل، وتحديدًا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي استطاع تحقيق هذا الإنجاز رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها حكومته داخليًا وخارجيًا. المجتمع الدولي تلقى هذه الضربة على أنها رسالة واضحة بأن إسرائيل قادرة على القضاء على قيادات الإرهاب البارزة، وهو ما يعزز موقفها أمام المجتمع الدولي الذي طالما طالب بمثل هذه العمليات النوعية.
حرب، وفي حديث خاص لـ”بوابة بيروت” أوضح أن نصر الله كان يعد أكثر خطورة من شخصيات إرهابية مثل أسامة بن لادن، كونه كان يعيش وسط المدنيين ويتحكم بجزء من الدولة اللبنانية، مما جعل التخلص منه إنجازًا استراتيجيًا مهمًا. هذا الإنجاز تم التعبير عنه بارتياح واضح في العواصم الغربية، التي رأت في اغتيال نصر الله خطوة حاسمة نحو تقليص نفوذ حزب الله في المنطقة.
على الصعيد العربي، يرى حرب أن ردود الفعل العربية كانت صامتة إلى حد كبير، لكن هذا الصمت يعكس ارتياحًا غير معلن. العديد من الدول العربية رأت أن إسرائيل تسير على المسار الصحيح في محاربة حزب الله، الذي كان يشكل تهديدًا لأمنها واستقرارها على مدى عقود.
أما بالنسبة لإيران، التي تعد الراعي الرئيسي لحزب الله، فيؤكد حرب أن الشائعات التي تشير إلى تخلي طهران عن حزب الله غير دقيقة. العلاقة بين إيران وحزب الله علاقة عقائدية، وإيران لن تتخلى عن هذا الحليف بسهولة. إلا أن الوضع الداخلي في إيران اليوم ليس كما كان سابقًا، فالنظام يواجه معارضة كبيرة من الشعب الإيراني، الأمر الذي يحد من قدرته على التحرك بحرية في المنطقة. إذا ما تحركت إيران بشكل عسكري رداً على هذه الضربة، فإنها تخاطر بتعرضها لضربة قوية من إسرائيل بدعم أميركي، مما قد يشعل ثورة داخلية قد تهدد وجود النظام نفسه.
من جهة أخرى، يوضح حرب أن عمليات الاغتيال الإسرائيلية الأخيرة، التي طالت قيادات بارزة في حزب الله، تأتي في إطار استراتيجية إسرائيلية واضحة لتفكيك البنية التحتية للحزب. حزب الله يعاني الآن من خسائر جسيمة في صفوف قياداته المدنية والعسكرية، مما سيجبره على إعادة بناء هيكليته، وهي عملية لن تكون سهلة أو سريعة.
الدولة اللبنانية تجد نفسها اليوم أمام مسؤولية كبيرة، وفقًا لحرب. فلبنان ليس كغزة، حيث تسيطر حركة حماس على السلطة بالكامل. في لبنان، هناك دولة وجيش ومؤسسات رسمية، ويجب على هذه الدولة أن تتخذ موقفًا حاسمًا لحماية مواطنيها وتجنيبهم المزيد من المعاناة. الحل يكمن في تفكيك سلاح حزب الله وتسليمه للجيش اللبناني وفقًا للقرار الأممي 1559، الذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات في لبنان.
حرب يتوقع أن تستمر إسرائيل في عملياتها العسكرية ضد حزب الله لفترة قد تمتد لأشهر، إذا لم تتحرك الدولة اللبنانية بسرعة. استمرار الصراع سيؤدي إلى المزيد من الدمار للبنية التحتية اللبنانية، وسيزيد من معاناة الشعب اللبناني. لذا، فإن الدولة اللبنانية مطالبة اليوم قبل الغد بالتحرك لضمان سلامة مواطنيها وإجبار حزب الله على الاستسلام.
وفيما يتعلق بدور إيران المستقبلي، يرى حرب أن قدرة إيران على دعم حزب الله باتت محدودة. العقوبات الدولية المفروضة على طهران، والوضع الداخلي المتأزم، قلصت من قدرتها على تقديم الدعم اللوجستي والعسكري لحزب الله كما كانت تفعل في الماضي. ومع ذلك، ستستمر إيران في دعم حليفها الأساسي في المنطقة، وإن كان بشكل أقل من السابق.
ويشير حرب إلى أن الشرق الأوسط يشهد مرحلة جديدة، حيث يتراجع دور الميليشيات المسلحة، وتحل محاولات السلام محل الحروب المتواصلة. إسرائيل أعلنت بوضوح أنها ليست ضد الشعب اللبناني، بل ضد حزب الله، وهذا الموقف يعكس توجهًا جديدًا يمكن للبنان أن يستفيد منه إذا ما اتخذ خطوات نحو تحقيق السلام الداخلي ونزع سلاح الميليشيات. ,الدور الأميركي في هذه المرحلة يبقى حاسمًا، إذ تدعم واشنطن بالكامل التحركات الإسرائيلية ضد حزب الله. الرئيس الأميركي جو بايدن وأعضاء الكونغرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أبدوا دعمًا واضحًا لهذه العمليات، معتبرين أن التخلص من حزب الله يمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة.
العد العكسي لنظام الملالي قد بدأ
وحول الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل، قال توم حرب، إن الأيام الأخيرة شهدت تطورًا خطيرًا في الصراع المتصاعد بين إيران وإسرائيل، حيث قامت إيران بإطلاق أكثر من 200 صاروخ باليستي نحو الأراضي الإسرائيلية. وأشار إلى أن هذا الهجوم الباليستي تجاوز الخطوط الحمراء على مستوى العلاقات الدولية والأمن الإقليمي. ورغم أن الصواريخ كانت فارغة من المواد الكيميائية أو النووية، إلا أن الخطر يكمن في احتمال استخدامها لتلك المواد، مما قد يؤدي إلى دمار شامل لإسرائيل وخسائر بشرية ومادية هائلة.
وأكد حرب على أن قدرة القبة الحديدية الإسرائيلية على التصدي لمثل هذه الهجمات تظل مثيرة للإعجاب، لكنها ليست فعالة بنسبة 100%. وأوضح أنه إذا تسربت نسبة صغيرة من هذه الصواريخ، خاصة إذا كانت محملة بمواد سامة أو متفجرة، فقد يتسبب ذلك في كارثة إنسانية كبرى. وأضاف أن الخطر يزداد تعقيدًا في حال نسّقت إيران مع حلفائها في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، لشن هجوم منسق على إسرائيل.
وأضاف حرب أن هذا التصعيد الخطير قدم ذريعة واضحة لإسرائيل للرد، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن لا تكون إسرائيل وحدها في الرد، بل ستحظى بدعم حلفائها التقليديين، وخاصة الولايات المتحدة، إلى جانب دول أوروبية مثل بريطانيا وفرنسا. كما رجح أن الدول العربية ستسمح بمرور الطائرات الإسرائيلية عبر أجوائها، مما يشكل تحالفًا إقليميًا ودوليًا جديدًا ضد إيران.
وتوقع حرب أن يكون الرد الإسرائيلي مركّزًا على ضرب المنشآت النووية الإيرانية ومراكز إنتاج النفط، في إطار محاولة لشل قدرة إيران على تطوير السلاح النووي. وأكد أن منع إيران من الحصول على السلاح النووي يعتبر هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل، التي ستسعى لتحقيق هذا الهدف عبر ضربات عسكرية صادمة.
وأشار حرب إلى أن الأوضاع الداخلية في إيران تزيد من تفاقم الأزمة، حيث يواجه النظام الإيراني معارضة شعبية واسعة، تصل إلى 70% من الشعب الإيراني. واعتبر أن هذه التطورات تشير إلى بداية العد العكسي لنظام الملالي في إيران، موضحًا أن هذا التصعيد قد يكون بداية نهاية النظام الإيراني، كما كان الحال مع صدام حسين بعد قصفه لإسرائيل خلال حرب الخليج.
واختتم حرب حديثه بالقول إن التحولات الكبرى في الشرق الأوسط أصبحت أقرب من أي وقت مضى، مشيرًا إلى أن هذا الصراع سيعيد تشكيل التحالفات الإقليمية والدولية، ويبرز الدور المحوري لإسرائيل في مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة من إيران وحلفائها في المنطقة.