استغلال المظلومية : من الألم الشخصي إلى القضية الفلسطينية

الناشط سلمان الريس – باحث بعلم الوعي الانساني

تتداخل “المظلومية الشخصية” مع تبني القضية الفلسطينية وبشكل عميق، حيث يشعر العديد من الأفراد بأن معاناتهم وآلامهم من المظلوميات الشخصية التي تعرضوا لها، أو ما زالوا يتعرضون، لها تنعكس في المأساة الأكبر التي يعيشها الشعب الفلسطيني كما يرون ويتماهون معها. لكن يجب أن نتوقف لحظة ونتساءل:
هل يُستخدم ويُستغل هذا الألم في داخلنا كأداة للسيطرة علينا؟

في واقع الأمر، بعض المنظومات تستغل مشاعر هؤلاء الأفراد المتألمين وتماهيهم مع القضية الفلسطينية لتوجيههم لأجندات خاصة. حيث يتم تحويل التعاطف مع القضية إلى وسيلة للتحكم، يُستغل ويُغذّى الجرح فيها باستمرار، مما يجعلهم عالقين في دوامة من الألم والإستغلال دون القدرة على الشفاء.

من المهم أن ندرك أن النظر بصراحة إلى مصدر آلام المظلوميات الشخصية في داخلنا، ومعالجتها، هي الخطوة الأولى نحو التحرر. يتطلب ذلك الاعتراف بجراحنا، والعمل على فهمها، والتحرر من مسبباتها، وعلى شفائها، بدلاً من استخدامها كوسيلة للتماهي مع او لتأكيد أو لتكريس مظلومية جماعية، حيث نعيد توجيه طاقاتنا نحو فهم مشاكلنا الداخلية ومعالجتها.

يتطلب التحرر من المظلوميات شجاعة وإرادة للتغيير. ولكن عندما ننصرف الى معالجة جراحنا، نكتسب القوة اللازمة لعيش حياة أفضل، ولدعم القضايا بشكل أكبر على اختلافها وتنوعها وبشكل أصيل. إن المساهمة الفعالة في القضايا التي نتماهى معها، ومنها القضية الفلسطينية، تتطلب منا أن نكون متعافين من آلامنا الشخصية، بدلاً من أن نكون ضحايا للاستغلال بسبب جروح المظلوميات التي تعرضنا لها والمفتوحة في دواخلنا.

فلنفهم آلامنا، ولنجعل منها دافعًا للشفاء، ولنجعل من دعم القضية الفلسطينية، أو غيرها من القضايا، نتيجة لوعي حقيقي، وليس استجابة لتلاعب الآخرين بمشاعرنا.

اخترنا لك