السنة الخامسة لثورة ١٧ تشرين : خيبات الماضي وأمل المستقبل

مشروع ذاكرة ١٧ تشرين بقلم محمود شعيب – كاتب وناشط سياسي

في الذكرى الخامسة لثورة 17 تشرين، لا يمكننا إلا أن نستعيد تلك اللحظات التي حملت فيها الشوارع أصوات الناس، أصوات الغضب والأمل معًا. كانت لحظة تاريخية لم يشهد لبنان مثلها منذ عقود، حيث اجتمع الشعب من مختلف الأطياف والمناطق على هدف واحد: كسر قيود الفساد وتغيير مصير الوطن. حلمنا حينها بوطن جديد، يحكمه العدل، تسوده المساواة، وينعم بالكرامة.

لكن، للأسف، وكما هو حال معظم الثورات في وجه الأنظمة العميقة، تعرضت ثورة 17 تشرين لمحاولات خنق متعددة. استخدمت السلطة اللبنانية كل وسائلها لإجهاض الحلم. التلاعب السياسي، التحالفات المريبة، التضليل الإعلامي، والقمع الأمني، كلها كانت أدوات في يد من يحكمون قبضتهم على هذا الوطن، أولئك الذين نعتبرهم مسؤولين عن خراب لبنان.

في كل خطوة اتخذناها للأمام، كان هناك من يحاول جرنا إلى الوراء، أولئك الذين اغتنوا من أموال الشعب، وحولوا مؤسسات الدولة إلى مزارع شخصية. هم من نراهم يرفعون شعارات الوطنية، بينما يغرقون لبنان في الديون والفساد. لقد أفسدوا كل محاولة للتغيير، ودمروا كل جهد لاستعادة الدولة.

لكن رغم كل الخيبات والانكسارات، لا يمكن أن ننكر أن ثورة 17 تشرين زرعت بذور الوعي. لقد فتحت أعيننا على حقيقة أن هذا الوطن ملك لنا، وأنه لا يجب أن يظل رهينة بأيدي حفنة من الفاسدين. لقد أظهرت الثورة أن التغيير ممكن، وأن صوت الشعب هو السلاح الأقوى مهما كانت قوة القمع.

وفي الذكرى الخامسة، علينا أن نتذكر أن الثورة ليست حدثًا عابرًا، بل هي مسار طويل. قد نكون قد تعرضنا للخيبات، لكن لا يجب أن نخضع. فالمعركة لم تنتهِ بعد. سيظل الأمل حيًا ما دمنا نؤمن أن لبنان يستحق مستقبلًا أفضل.

إلى كل من استشهد وفقرت عينه وناضل وضحى في 17 تشرين، نقول : “قد خسرنا معارك، لكن الحرب لم تنتهِ بعد.”

اخترنا لك