السنة الخامسة على ١٧ تشرين : لبنان إلى أين ؟

مشروع ذاكرة ١٧ تشرين بقلم كريم حمدان

بعد مرور خمس سنوات على انطلاقة ثورة 17 تشرين المباركة، هذه الثّورة الّتي تجلّت بأبهى صورها، وجمعت الوطن بكلّ أطيافه تحت عنوانين : رفض الطّبقة السّياسيّة الفاسدة، وبناء دولة العدالة والقانون الّتي تحمي كلّ المواطنين.

منذ ذلك التّاريخ ونحن ننادي بإقامة دولة فعليّة حقيقيّة تمتلك قرارها دون اجتزاء أو وصاية، وكان الحضور المليونيّ المذهل في ساحة الشّهداء تحت هذين العنوانين المتعطّشين لهما قولًا وفعلًا إلى أن دخلت أحزاب السّلطة وعاثت فسادًا بين ترغيب وترهيب، ممّا تسبّب بانكفاء المواطنين من السّاحات وبالأخصّ ساحة الشّهداء، ولكن بقيت الشّعلة مضاءة بقلوب من آمنوا بها وهم كثر، ورأينا النّتيجة بصناديق الاقتراع عام 2022 بغضّ النّظر عن رأينا بمن فازوا، ولكنّ النّاس قالوا كلمتهم رغم كلّ التّأثيرات المحيطة بهم، ونحن راضون وشاكرون بحيث حصلنا على ما لم تحصل عليه أحزاب عمرها عشرات السّنين.

في الأمس القريب، حصل ما لم يكن بالحسبان، طوفان الأقصى وتبعاته.

في السّابع من تشرين، حصلت عمليّة طوفان الأقصى وتبعها حرب الثّامن من تشرين وسمّيت بحرب الإسناد والمشاغلة، وعلى مدى أشهر لم نسمع موقفًا واضحًا ورافضًا لما يجري من نوّاب الثّورة ولا كلّ أركان الدّولة مجتمعة.

وبتاريخ 14/11/2023 وقفنا باسم تجمّع دولة لبنان الكبير أمام بيت المحامي في بيروت، أي بعد مرور شهر وأسبوع على بدء الحرب، ورفعنا الصّوت عاليًا وندّدنا واستنكرنا ما يحصل، وبأنّنا ندعم فلسطين وقضيّتها العادلة سياسيًّا ودبلوماسيًّا وإعلاميًّا فقط وليس أكثر من ذلك، وناشدنا المسؤولين وطالبناهم بعدم زجّنا بهذه المحرقة وإقحامنا بحرب ليس لنا فيها ناقة ولا جمل، ولكن لسوء الحظّ، لم نلقَ أذنًا صاغية، ووقع المحظور.

ألم يكفِ لبنان ما تحمّله من ويلات وخراب ودمار منذ عام 1965 ؟! وتبعه اتّفاق القاهرة المشؤوم الّذي شرّع عمل المقاومة الفلسطينيّة، وسمح لها بالعمل العسكريّ من منطقة العرقوب وسمّيت منطقة “فتح لاند”، ومنذ ذلك الحين لم نعرف الرّاحة والاستقرار، وكأنّ نار جهنّم فُتحت علينا، وما زلنا حتّى الآن موجودين بقلب المعركة ليس لنا فيها ناقة ولا جمل.

نسأل قادة المقاومة, هل أجريتم حساباتكم بما فعلتم بلبنان وشعبه ؟!

ـ ماذا قدّمتم لغزّة وشعبها ؟!
ـ مَن فوّضكم باتخاذ قرار عن الشّعب اللّبنانيّ بأكمله ؟!
– ألا يحقّ للشّعب اللّبنانيّ أن يعيش بسلام أسوةً بكلّ شعوب العالم الحرة ؟!
– مَن يبني ما خرّبتم ودمّرتم ؟!
– مَن يعيد الخسائر على صعيد الدّولة والمجتمع ؟!
– مَن يعيد النّاس الّذين استشهدوا بحرب ليس لهم فيها رأي ؟!
– مَن يزيل الخوف من عيون الأطفال ويعيد البسمة إلى وجوههم ؟!
– مَن يعيد الأمل المفقود إليهم ؟!
– مَن يبلسم جراح النّاس المعنويّة بسبب خروجهم من ديارهم ورميهم على قارعة الطّريق وتركهم لمصيرهم شيبًا وشبابًا ونساءً وأطفالًا ؟!
– مَن يعيد لهم كرامتهم ؟!
– مَن يعيد النّاس الّذين هُجّروا قسرًا ويئسوا وسئموا وقطعوا الأمل بهذا البلد ؟!
– إلى متى سيستمرّ من يعتبرون أنفسهم قادة بتقرير مصير النّاس، بغضّ النّظر عن النّتيجة، دون حسيب أو رقيب ؟!
– إلى متى ستبقى أرواح النّاس رخيصة ؟!
– الجواب واضح إلى حين يصبح لدينا دولة وقضاء نزيه ومساءلة ومحاسبة.
– ويطلّ علينا بالأمس أحدهم ويبشّرنا بحرب أهلية، حرب ماذا ؟ وأين أنت تعيش ؟! ألم يكفِ هذا الشّعب ما فيه ؟!
– ألم تر حين تلاقى اللّبنانيّون في ثورة 17 تشرين كيف كانوا متخطّين كلّ الحواجز الوهمية ؟!
– ألم ترّ الاحتضان الشّعبي لإخواننا النّازحين ؟!
– فكرة الحرب الأهليّة غير موجودة إلّا في عقول أصحاب النّفوس المريضة.
– أخيرًا، بعد مرور خمس سنوات على ثورة 17 تشرين ليس لهذا البلد خلاص إلّا ببناء دولة فعليّة مطلقة السّيادة على أرضها دون شريك، وليس من سلاح سوى سلاح الشّرعيّة دون سواها مهما اختلفت المسمّيات، والعودة إلى اتّفاقيّة الهدنة عام 1949، وتطبيق جميع القرارات الدّوليّة، والتزام لبنان الحياد عن كلّ مشاكل المنطقة.

وكما قال سماحة الإمام موسى الصدر : “سنخسر وطننا لبنان ولن نستعيد شبرًا واحدًا من فلسطين وسنتحوّل إلى لاجئين إذا لم نجعل لبنان في دائرة الحياد”.

اخترنا لك