العميد #جورج_نادر : معركة #لبنان مع “#العدو_الإسرائيلي” تحمل تكاليف باهظة ولا أفق لنصر حاسم

بقلم بلال مهدي – خاص بوابة بيروت
@BilalMahdiii

في خضم التصعيد العسكري والسياسي الذي يشهده لبنان، والنزاع المستمر مع “العدو الإسرائيلي”، تبرز تساؤلات عديدة حول مستقبل الصراع وإمكانية تحقيق أي نصر عسكري أو سياسي. تتوالى الأحداث بصورة متسارعة، مع دخول القوى الدولية والإقليمية على خط الأزمة، مما يزيد من تعقيد الأوضاع في المنطقة.

لقد مرت زيارة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، آموس هوكشتاين، كسابقاتها، حيث جدد فيها الدعوة إلى ضرورة تنفيذ القرار 1701. وكان هوكشتاين قد أكد مرارًا على ضرورة تنفيذ القرارات الدولية لتجنيب لبنان خطر الحرب الشاملة، ورغم تلك الدعوات، بقي رئيس مجلس النواب نبيه بري وحلفاؤه غير مقتنعين بأن “العدو” قد يقدم على أي عدوان واسع النطاق قبل إنتهاء الانتخابات الأميركية. فقد راهنوا على فوز دونالد ترامب، الذي وعد بمنع الحرب من خلال ضغطه المباشر على إيران، التي تُعتبر المحرك الرئيسي للفصائل المسلحة في المنطقة، مما أدى إلى تدمير البلدات الحدودية مع “فلسطين المحتلة” دون ردع المجازر اليومية في غزة.

هل تُخرج الحلول السياسية لبنان من دوامة الصراع ؟

في حديث خاص لـ”بوابة بيروت” مع الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد الركن جورج نادر، ألقى الضوء من خلاله على تعقيدات الوضع الحالي من زاوية عسكرية بحتة.

العميد نادر بدأ حديثه بالتعليق على تصريح صدر عن مسؤول العلاقات الإعلامية في “حزب الله”، محمد النابلسي، الذي قال: “ما أُخذ بالقوة لا يُسترد بالسياسة”. وفقًا لنادر، فإن هذا القول يحمل في طياته معنى أن السياسة ليست سوى امتداد للحرب بوسائل أخرى. فإذا فشل أحد الأطراف عسكريًا، فمن غير المرجح أن يتمكن من النجاح في المفاوضات السياسية. السياسة تأتي لتثبيت الانتصارات العسكرية وتحقيق المكاسب، لكن دون إنجاز ميداني قوي، لا يمكن الاعتماد على السياسة لتحقيق النتائج المرجوة.

في هذا السياق، أشار العميد نادر إلى الفجوة الكبيرة في القوة العسكرية بين “حزب الله” و”العدو الإسرائيلي”. فقد أكد أن القوة العسكرية الميدانية لها الدور الأبرز في فرض أي معادلة سياسية مستقبلية. ومن هنا، تساءل نادر: “هل يمكن القضاء على ‘حزب الله’ بالقوة؟”، ليجيب بأن هذا الأمر يبدو بعيد المنال، لكنه شدد على أن الأضرار التي لحقت بالقرى الحدودية اللبنانية والضحايا الذين سقطوا جراء هذا الصراع لا يمكن التغاضي عنها. حيث ناهز عدد الشهداء اللبنانيين 2600، إضافة إلى 12000 جريح، بينما تم تدمير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية تدميرًا كاملاً.

نادر لم يتوانَ عن الإشارة إلى ما وصفه بالمفارقات الصارخة بين المعاناة التي يعيشها اللبنانيون ومثيلتها لدى “الإسرائيليين”. ففي حين يتفاخر “حزب الله” بإجبار مليون “إسرائيلي” على دخول الملاجئ، أشار نادر إلى أن تلك الملاجئ في فلسطين المحتلة مجهزة بوسائل الأمان والراحة، في حين يعاني المدنيون اللبنانيون من ظروف معيشية قاسية.

كما تناول العميد نادر الانتقادات الإعلامية التي وُجِّهت لـ”حزب الله” حول أدائه العسكري في هذه المعركة، مؤكدًا أن الإعلام غالبًا ما يصور “حزب الله” على أنه يخسر في مواجهة “إسرائيل”، بينما يُظهر “العدو الإسرائيلي” تقدمًا ميدانيًا. إلا أنه لفت إلى أن “حزب الله” يلحق أضرارًا ملموسة بالعدو من خلال الهجمات على القوات والدبابات في مناطق مثل عيتا الشعب والعديسة، لكنه تساءل: “أين الانتصار؟ هل تمكن الحزب من منع تدمير غزة وتهجير أهلها؟”.

وسلط نادر الضوء على التكلفة الباهظة التي يدفعها لبنان في هذا الصراع، سواء على المستوى العسكري أو المدني. ورغم التأثيرات العسكرية الملحوظة لـ”حزب الله”، إلا أن نادر يظل مشككًا في تحقيق نصر حاسم، مشيرًا إلى أن الخسائر اللبنانية تتجاوز بكثير ما تكبده “العدو الإسرائيلي”.

وختم نادر كلامه بالتأكيد أن المدخل إلى الحل يبدأ بإعلان حالة الطوارئ فورًا، ونشر الجيش اللبناني جنوب الليطاني، مما يمهد للبدء بتنفيذ القرار 1701. وأشار إلى أن ذلك يجب أن يتزامن مع وقف إطلاق النار من كلا الجهتين، إضافة إلى انتخاب فوري لرئيس جمهورية يكون قادرًا على تحمل المسؤولية في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ لبنان.

في الختام

يعيش لبنان في خضم صراع معقد يعكس التحولات السياسية والعسكرية في المنطقة، ويبدو أن الصراع المستمر بين “حزب الله” و”العدو الإسرائيلي” يحمل في طياته تحديات جسيمة للمدنيين اللبنانيين. بينما يحقق “حزب الله” بعض المكاسب الميدانية، تبقى الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمدنيين والبنية التحتية عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق نصر حاسم. إذ إن إصرار “العدو” على التدمير الكامل للمدن والبلدات، خصوصًا تلك التي لم تتعرض للقصف في عدوان تموز، يثير القلق حول مستقبل البلاد.

تعكس الفجوة الكبيرة في قدرة كل طرف على تحمل تبعات الحرب صورة مقلقة، حيث يمتلك “العدو الإسرائيلي” منشآت مدنية محصنة وقادرة على تحمل الضغوط، بينما يعاني اللبنانيون من أوضاع إنسانية صعبة وسط دمار واسع. وفي ظل هذه الظروف، يطرح التساؤل حول جدوى الاستمرار في الصراع بنفس الاستراتيجية، خصوصًا بعدما دفع “حزب الله” ثمنًا باهظًا باستهداف تسلسل القيادة العسكرية والسياسية.

إن تأكيد العدو على اغتيال السيد هاشم صفي الدين، المرشح الأول لخلافة السيد نصر الله، كان بمثابة ضربة قاصمة، إذ أضعف إمكانية إعادة انتظام القيادة السياسية بقيادة شخصية تمتلك سمات “كاريزمية” مثل نصر الله. هذا الأمر يعكس حجم التحديات التي يواجهها “حزب الله” في الوقت الراهن.

تتطلب الحرب “بالوكالة” القائمة في لبنان تأملاً عميقًا حول مسارات هذا الصراع ونتائجه. وفي الوقت الذي ينادي فيه البعض بضرورة إستمرار عمل “المقاومة”، يجب التفكير أيضًا في سبل إنقاذ ما تبقى من لبنان وضمان عودة آمنة للنازحين إلى أراضيهم. كما يجب العمل على كسر فكرة الحزام الآمن الذي يسعى العدو لفرضه بالقوة. إن الإستمرار في إستراتيجيات قد تؤدي إلى المزيد من التدمير قد لا يكون الخيار الأمثل، بل يتطلب الأمر البحث عن حلول بديلة تكسر دائرة العنف وتؤمن حماية اممية للبنانيين.

اخترنا لك