يمكن وصف المعارك الدائرة جنوب غرب حلب منذ 12 يومًا بأنها الأعنف على امتداد الجبهات منذ اندلاع الحرب في سوريا باعتراف جميع الأطراف المشاركة فيها.
يدرك الجميع أن الإنتصار في هذه المعركة سيغير الكثير من موازين القوى عند الجلوس على طاولة التفاوض للتوصل الى تسوية سياسية في النهاية.
خلال الفترة الماضية، أدخل الجيش السوري وحلفاؤه تكتيكات جديدة على المعارك، إذ من المعلوم أن “جيش الفتح” يعتمد عادة في هجماته على قصف مركز وعنيف لمواقع القوات النظامية و”حزب الله”، قبل أن يُدخل المفخخات الكبيرة بهدف كسر خطوط الدفاع، ثم يتبع ذلك دخول الانغماسيين للاشتباك المباشر والسيطرة على المواقع.
في مقابل هذا التكتيك، بدأ الجيش السوري وحلفاؤه باعتماد “الدفاع في العمق”؛ أي تأخير الهجوم بهدف استنزاف القوات المهاجمة بدلا من محاولة منعها بالكامل من كسر خط الدفاع الأول.
ويسمح هذا التكتيك بـ :
– كسر زخم الهجوم ضمن مهلة زمنية أطول؛ أي السماح لـ”جيش الفتح” بالوصول الى ذروة الهجوم قبل امتصاصه بشن هجوم معاكس انطلاقا من خطوط دفاعية خلفية.
– بناء عدة خطوط دفاعية يصل في بعض الأحيان عددها الى ثلاثة. ويكون الخط الأول هو الأقل تجهيزا للسماح للقوات المهاجمة بالتقدم وافراغ طاقتها الرئيسية، في حين يكون الخط الدفاعي الثاني أكثر قوة. بينما تتركز كامل التحصينات والتعزيزات في الخط الدفاعي الثالث الذي يشكل رأس الحربة الحقيقي في الهجوم المضاد.
– عند بدء القصف العنيف من قبل جيش الفتح ثم دخول المفخخات ينسحب خط الدفاع الأول في الجيش السوري وحلفائه الى الخط الثاني، مع محاولة الالتفاف واقامة الكمائن؛ الأمر الذي يستنزف المسلحين ويشتت قوتهم في أكثر من اشتباك داخل بقعة سيطرة الجيش وحلفائه.
المرحلة الثانية التي يتولى فيها الجيش السوري وحلفاؤه الهجوم المضاد تعتمد على قصف مدفعي لوقت طويل نسبيا مع محاولات تقدم بطيئة بهدف فحص ثغرات العدو، بالتزامن مع نصب نقاط دفاعية في أماكن التقدم، كما يحصل حاليا في معارك الـ 1070.
حرب الاستنزاف هذه التي يخوضها الجيش السوري وحلفاؤه ضد “جيش الفتح” تفسر سبب دعوة المسلحين الى تجنيد اضافي نظرا للخسائر التي تكبدوها، خاصة و أن الجيش و”حزب الله” نجحا أكثر من مرة في جرهم الى مساحات مفتوحة ومكشوفة.