عقدت “حملة بدنا نحاسب” مؤتمرا صحافيا في “نادي الصحافة”، طالبت فيه “بملاحقة الفساد والمفسدين في الدولة وأجهزتها ومؤسساتها”.
واشار أحمد الحلاني في بيان تلاه إلى “اقتناع أكيد أن مكافحة هذا الفساد الذي يتسبب بكوارث ومآسي فظيعة لشعبنا، في مختلف مجالات الحياة وعلى كل الصعد، تبدأ بالإصلاح السياسي. فمن دون الاصلاح السياسي لا يمكن إصلاح الإدارة والمؤسسات العمومية والقضاء وأجهزة الرقابة.أي أنه من دون هذا الإصلاح لا يمكن إنقاذ لبنان من الأخطار المحدقة به في الداخل والخارج، وإعادة بناء الوطن والدولة والمجتمع على أسس سليمة.
كنا نرى أن الطريق إلى الإصلاح تبدأ بوضع قانون للانتخابات النيابية يمكن اللبنانيين من التعبير عن أرائهم وفرض إرادتهم التي هي المصدر الوحيد لشرعية السلطة”.
اضاف: “اليوم، وبعد أن جرى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبصرف النظر عن الملابسات المعروفة وغير المعروفة لعملية الانتخاب هذه، فإن المهمة الأولى للعهد الجديد وللحكومة العتيدة هي وضع قانون جديد للانتخاب وإجراء الانتخابات النيابية على أساسه. هذا ما أكده الرئيس المنتخب، وهذا ما تؤكده مختلف الأطراف السياسية المنهمكة اليوم بتشكيل الحكومة”.
ولفت الى “إجماع على أن الشرط الأول والأساس لقانون الانتخاب الذي يشكل الخطوة الأولى على طريق الإصلاح هو أن يرتكز القانون على قاعدة المواطنة ويتحرر من القيد الطائفي. حتى أطراف الطبقة السياسية، بجميع “أمرائها”، يجمعون على هذا الأمر، على الأقل في ما يعلنون لا في ما يضمرون. وإذ يزعمون دائما أن ما يحول دون تحقيق هذا الشرط هو طائفية اللبنانيين نحيلهم إلى الاستطلاع الذي أجرته الأسبوع الماضي مؤسسة “الدولية للمعلومات”، والذي جاء بنتيجته أن 85% من اللبنانيين يريدون إلغاء الطائفية السياسية”.
وتابع: “في أي حال، ومن دون الدخول في جدل حول هذه المسألة، نعود إلى الدستور وإلى وثيقة الوفاق الوطني اللتين، وبالاستناد إلى أحكامهما يجب وضع قانون الانتخاب. فلا شرعية لأي قانون يخالف نصوص الدستور وروح وثيقة الوفاق الوطني”.
اضاف: “وبسبب ما يجري تداوله في كواليس السلطة وبين أطرافها من مشروعات وأفكار لإعادة تفصيل قانون للانتخابات على مقاساتهم، اسمحوا لنا أن نضع بكل صراحة ووضوح الملاحظات الآتية:
أولا: في خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس المنتخب قال إنه يلتزم بتطبيق بنود وثيقة الوفاق الوطني بكل بنودها، من دون أية انتقائية. ثم قال إن هذه الوثيقة تنص على المناصفة، وكان يقصد المناصفة في مجلس النواب بين المسلمين والمسيحيين. مع احترامنا لفخامة الرئيس فإن هذا الكلام ليس دقيقا.الثابت في وثيقة الوفاق الوطني وفي الدستور هو وضع قانون للانتخاب يقوم على أساس وطني لاطائفي.أما المناصفة فهي مرحلة استثنائية وانتقالية”.
ورأى “إن مخالفة نصوص الدستور ووثيقة الوفاق الوطني منذ العام 1996 هي التي منعت قيام الدولة بمعناها الحقيقي وحولتها إلى مزرعة يتناتشها القيمون على السلطة من أبطال الحرب وأبطال الفساد.
لا يجوز يا فخامة الرئيس أن تقرأ وثيقة الوفاق الوطني انتقائيا، ولا يجوز أن تطبق انتقائيا. ولا يجوز أيضا أن يجعل المؤقت دائما كما جرى غير مرة منذ العام 1925 عندما عرض المندوب السامي قانونا للانتخاب خارج القيد الطائفي وهبت الطبقة السياسية آنذاك كلها لتقول “بعد بكير”. ثم تكرر الأمر في العام 1943، في البيان الأول لحكومة الاستقلال الأولى منذ ثلاثة أرباع القرن، وقالوا “بعد بكير”.
وتكرر مرة ثالثة في مؤتمر الطائف، وقالوا “بعد بكير”. واليوم، بعد تسعين سنة على طرح مشروع قانون المفوض السامي وبعد 73 سنة على بيان حكومة رياض الصلح الأولى، وبعد 27 سنة على مؤتمر الطائف. اليوم، وبعد سلسلة طويلة من الأزمات السياسية وبعد عدة حروب أهلية نسأل “بعد بكير”؟
ثانيا – في كواليسهم وفي تعهداتهم السرية لبعضهم البعض يدور الحديث عن تأجيل “تقني” للانتخابات النيابية. ويمهدون للأمر بمناورات وحجج يعدون لها من الآن. أما السبب الحقيقي لهذا التأجيل “التقني” فهو انه، ومن ضمن صفقة انتخابات رئاسة الجمهورية، تعهد فريق أول لفريق ثان بتأجيل الانتخابات النيابية حتى يتمكن الفريق الثاني من “ترميم” وصعه المالي، ويتمكن بالتالي من الانفاق على معركته الاتنخابية.
ثالثا: أما الأخطر في ما يجري التداول بشأنه خلف كواليس أهل السلطة فهو ما يتعلق بموضوع “النسبية” لجهة تشويهها وإفراغها من كل مضمون.
إن ملاحظتنا الأولى بهذا الشأن هي أن “النسبية”، بالرغم من أهميتها وضرورتها، تبقى من المسائل الإجرائية لتنفيذ القانون. وبالتالي لا يجوز طرحها كما يفعل أطراف الطبقة السياسية كبديل عن جوهر القانون وأساسه وهو إلغاء الطائفية.
أما لجهة تشويه “النسبية” وإفراغها من مضمونها فإن ما يجري ترتيبه في الكواليس يتخلص بالآتي :
أ – أن تكون الانتخابات النيابية على مرحلتين. في الأولى، ويسمونها التمهيدية، يجري التأهيل فيها وفق النظام الأكثري وعلى صعيد القضاء كدائرة انتخابية. أي أن عملية التأهيل تجري وفق ما يسمى قانون الستين. وبذلك ينحصر التأهيل للمرحلة الثانية (النسبية على أساس المحافظة) بمحادلهم و”بوسطاتهم” وبالتالي ينحصر التنافس، أو بالأحرى تقاسم المقاعد وتوزع المغانم في ما بينهم. فنعود إلى قانون الستين المعروف ولكن تحت يافطة “النسبية”.
ب – وكما في الفقرة (أ)، تكون الانتخابات النيابية أيضا على مرحلتين. في الأولى (التمهيدية) يجري التأهيل بأن تنتخب كل طائفة في القضاء مرشحيها. والذين يتأهلون في هذه المرحلة ينتقلون إلى الدورة الثانية (النسبية مع المحافظة). أي أنهم يأخذون البلاد إلى ما يسمى بالقانون “الأرثوذوكسي” ولكن مع تعديلات في الشكل. فهل ندرك مدى خطورة هذا الطرح على لبنان من حيث وحدته وسلامته وأمنه؟”.
وقال: “سوف نبقى في الميدان إلى جانب شعبنا حتى آخر الشوط. لن ندعهم يخدعون الشعب مرة أخرى. لن ندعهم يسرقون الوطن مرة أخرى. لن ندعهم يتناهبون الدولة مرة أخرى. لن ندعهم يمزقون البلاد بالتعصب والكراهية والجهل والتجهيل مرة أخرى.ندرك أهمية هذه المعركة، وندرك أيضا خطورة هذه المعركة”.