القصة الكاملة لمنفِّذ هجوم إسطنبول وتنقُّلاته حتى لحظة اعتقاله

في الـ22 تشرين الثاني 2016 كانت الثلوج تتساقط على مدينة كونيا الواقعة وسط تركيا حينما وصلتها أسرة من الأتراك الأوغر تتكون من 4 أفراد بعدما عبرت الحدود الشرقية للبلاد مع الجارة إيران.. الأب شاب أوزبكي عمره 33 عاماً يُدعى عبد القادر مشاريبوف، ويقول إنه هنا “من أجل حياة أفضل” مثل كل الناس.

لم يكن أحد يعلم في تلك المدينة التي تحتفظ تحت تربتها بجثمان الصوفي الشهير جلال الدين الرومي، الشهير هنا بلقب “مولانا”، أنها تستقبل شخصاً سيصبح بعد 39 يوماً بالضبط قاتل نفس الرقم من الأشخاص، وكأنه “يفدي” كل يوم قضاه في البلاد بروح.

بدا هذا الرجل، الذي اعتقلته الشرطة أخيراً الإثنين 16 كانون الثاني 2017 في إحدى الشقق بمنطقة إسنيورت في القسم الأوروبي من إسطنبول، حينما نفذ عمليته، -بدا- رجلاً محترفاً يقوم بعمل استعد لأجله كثيرًا، قبل أن يثبت ذلك حينما اكتشفت قوات الأمن في تحقيقاتها المتتالية أنه تلقى فعلاً تدريباً لسنتين في جبال أفغانستان.

وبحسب صحيفة “خبر ترك”، فإن منفذ الاعتداء أوزبكي الجنسية، يُعرف بين إخوته في تنظيم “داعش” بسوريا الذي كان على اتصال معه بلقب “أبو محمد الخرساني”، ويتحدث 4 لغات بطلاقة، هي العربية والروسية والصينية والأوزبكية، كما يستطيع أيضاً أن يتواصل بالتركية.

وفي هذا التقرير إليكم مسار تنقلات الرجل الأوزبكي الذي أرعب تركيا مع بداية 2017، وأثار العالم كله بقدرته على تنفيذ عمله الإرهابي، ثم الهروب كأنه لم يقم بأي شيء، رغم كل التدبيرات الأمنية المتخذة.

الوجهة الأولى: كونيا

حاول عبد القادر أن يظهر مثل أي أب حالم بمستقبل أفضل لأبنائه حينما استقبلته مدينة كونيا الأناضولية أول يوم: بحث في البداية على شقة في المدينة تأويهم بمساعدة أحد السماسرة الذي أجر له أستوديو بمنطقة سولجوكلو بالمدينة.

وحسب صحيفة “حرييت”، فقد بقي الرجل في مسكنه الجديد ليوم واحد فقط، ومن دون أن يُعرف السبب طلب من نفس السمسار أن يُغيره، حيث انتقل إلى شقة أخرى في نفس المنطقة استأجرها بـ1100 ليرة (300 دولار).

blob:http://www.dailymotion.com/a9a3410a-d8c3-4051-aa69-eae9d0eae0a4

وقد التقطت كاميرا مراقبة في الـ15 كانون الأول 2016 منفذ الاعتداء وهو يدخل إلى محطة الحافلات بمدينة كونيا من دون أن يحمل معه أي أغراض، أو أن يكون معه شخص آخر.

ونشرت وسائل إعلام مختلفة بأن المنفذ كان في طريقه حينها لإسطنبول، من دون أن تؤكد أي جهة رسمية هذه المعلومة.

عندما وصل المهاجم إلى إسطنبول، استقر أول الأمر بمنطقة باشاك شهير، حسب تصريحات لوالي إسطنبول واسب شاهين في مؤتمر صحافي الثلاثاء 17 كانون الثاني.

وأضاف المسؤول التركي إنه ” قبل الاعتداء بيوم أو يومين غيّر مسكنه مرتين سعياً منه للتخفي، قبل أن يتوجه إلى الملهى من منطقة زيتنبورنو”.

يوم الاعتداء

في ليلة رأس السنة كان كل شيء بالنسبة للمعتدي قد تم، خرج إلى حافة الشارع بمنطقة زيتنبورنو في إسطنبول الأوروبية، والمعروفة باستقرار الجاليات الآسيوية بكثافة فيها.. أوقف سيارة أجرة واتجه نحو حي بيشيكتاش التاريخي الشهير والقريب من أورتاكوي.

وحسب ما نشرته وكالة “إخلاص” للأنباء، فإنه طلب من سائق سيارة الأجرة أن يجري مكالمة من هاتفه الخاص وهو في الطريق إلى تنفيذه العملية، من دون أن تُكشف هوية الشخص الذي تحدث إليه.

وطلب بعدها من السائق أن يستمر في السير في اتجاه أورتاكوي التي يتواجد فيها الملهى، مروراً بساحل بيشيكتاش على البوسفور (مسافة 4 كيلومترات).

عند وصوله إلى أورتاكوي، طلب الرجل من السائق أن يتوقف على بعد 10 أمتار من ملهى رينا، دفع ثمن الأجرة ونزل ليكمل على رجليه من دون أن يأخذ حقيبة كان قد وضعها في صندوق السيارة.

موقع الملهى

الساعة تشير إلى الواحدة و15 دقيقة صباحاً من كانون الثاني 2017. داخل ملهى رينا المطل على البوسفور كان أكثر من 600 شخص يحتفلون بقدوم السنة الجديدة، يتمنون لبعضهم البعض عاماً سعيداً وحياة أطول، ولم يكن أحدهم ليتخيل أن العام لن يبدأ سعيداً أبداً، وأن حياة 39 شخصاً منهم سنتتهي بعد قليل.

بينما يعلو صوت الموسيقى من الداخل، كانت خطى “أبو محمد الخرساني” تتسارع في الخارج، أخرج من حقيبة ظهره بندقية كلاشنكوف أوتوماتيكية وأطلق النار على أول شخص رآه أمامه ليرديه قتيلاً على الرصيف، معلناً بذلك بداية أول مجزرة سيعرفها العام الجديد!

اخترنا لك