المدير العام للأمن العام محاضراً في الجامعة اليسوعية

لبّى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم دعوة رئيس جامعة القديس يوسف الأب البروفسور سليم دكاش، الى لقاء عقد قبل ظهر اليوم في مبنى “حرم الإبتكار والرياضة” في منطقة المتحف شهد حواراً حول كل القضايا التي تعني الأمن العام في الأمن والسياسة والإقتصاد وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب.

وكان في استقبال اللواء ابراهيم على مدخل الحرم رئيس الجامعة الأب البروفسور سليم دكاش وكبار المسؤولين.

وحضر اللقاء الذي عقد عند الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر اليوم في قاعة المجلس المخصصة للضيوف المميزين في مبنى الحرم الى رئيس الجامعة: نوابه، عمداء الكليات، مدراء المعاهد وعدد من الضيوف تقدمتهم السيدة نايلة رينه معوض، رئيس المجلس الإقتصادي الإجتماعي روجيه نسناس، رئيس مكتب شؤون الإعلام العميد نبيل حنون، رئيس مكتب شؤون العديد في الأمن العام العميد الركن رياض طه، رئيس تحرير “مجلة الأمن العام” العميد منير عقيقي وعدد من الإعلاميين والحقوقيين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات ومؤسسات حقوقية تعنى بحقوق الإنسان وحشد من اساتذة الجامعة الحاليين والسابقين بفروعها المختلفة وحشد طالبي من فروعها ولا سيما من كلية الحقوق والعلوم السياسية ومدرسة الجمهور.

كلمة دكاش

في بداية اللقاء تحدث البروفسور سليم دكاش فرحب بـ “اللواء الضيف” وقال: نلتقي اليوم مع جار لنا، في الجغرافيا، حيث تتجاور جامعة القديس يوسف والمديريّة العامة للأمن العام، وفي الروح الانسانيّة، حيث تلتقي رسالتا المؤسستين على صناعة الخير العام.

واضاف: في العادة يكون المدير العامل في المجال الأمني رجلاً بعيداً عن الناس، غارقاً في الأسرار خلف جدران مقرّه، يهتمّ بالتضييق على الخصوم، ومحاربة المعارضين. وهي حالة موجودة في غالبيّة الدول والبلدان.

ضيفنا اليوم، المدير العام للأمن العام سعادة اللواء عباس ابراهيم، اعطى الوظيفة الأمنيّة التي يشغلها طابعاً مختلفاً، فيه انفتاح وروح انسانيّة وتفاعل مع الآخرين وحداثة في العمل والرؤية.

اصبحت المديريّة العامة للأمن العام بإدارته نموذجاً للإدارة العامة الناجحة، البعيدة عن الروتين، بعدما صارت الخدمة فيها أفضل وأسهل وأسرع. وتحوّلت مع اللواء ابراهيم الى ادارة مبادرة تقرّب المسافات مهما كانت بعيدة، تسعى الى الحلول مهما كانت صعبة، تعمل للمصالحة ونشر لغة الحوار مهما كانت الجدران عالية.

وقال: كلّنا يذكر، الوساطات والمساعي التي قام بها اللواء ابراهيم للإطلاق الأسرى والمخطوفين واعادتهم الى اهاليهم ومحبّيهم. وبعضُها كان من المهمّات شبه المستحيلة، كالإفراج عن راهبات معلولا والعسكريين الأسرى لدى الجماعات الارهابيّة في جرود عرسال. ونجاحُه فيها يدلّ على مهنيّة عالية وتحمّل للمسؤولية الوطنية بشجاعة.

كما نذكر سعيه الى وصل ما انقطع بين اللبنانيين ولا سيّما في طرابلس، والاستقبال الشعبي الذي اُقيم له عند زيارته المدينة وسلك ضيفُنا درب الانفتاح على الآخر والابتعاد عن الفئويّة الضيّقة. وقاده هذا النهج الانساني الى ارساء علاقة جيّدة مع المسؤولين الروحيّين المحليّين في الكنائس المحليّة، ومع المسؤولين في الفاتيكان.

تمرّ المنطقة، ومعها لبنان، بأوقات مصيريّة تاريخية ستكتب مستقبلنا في العقود المقبلة.

وهي اوقات تستدعي من الجميع العمل لترسيخ الصيغة اللبنانية الفريدة، القائمة على العيش الواحد، واللقاء المشترك وتعزيز الحياة، في مواجهة سياسة اهل الجهل والتطرّف والموت. هذه الصيغة التي تستند اليها جامعة القديس يوسف في سياستها التربوية منذ تأسيسها.

وقال: ان التجربة اللبنانية القائمة هي اعجوبة حقيقية في هذا المحيط المتفجّر. وهي من دون شكّ العلاج المطلوب للمجتمعات المتعدّدة، من اجل تحقيق اللقاء حول المشترك بينها.

نعمل ونجهد كرهبانية يسوعية لتحقيق خير الناس وتنمية المجتمع، وتعزيز التضامن ونشر التسامح والانفتاح بعيداً عن كل اشكال التمييز والفئوية.

يقول القديس توما الأكويني : ” ان الغرض من كل شريعة هو الخير العام”.وجاء في الحديث الشريف : ” لا يؤمن احدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه”. وفي هذا، منتهى الحبّ والسعي لخير الآخر.
وانتهى دكاش الى القول: مع هذا اللقاء الروحي – الانساني، اعود الى الترحيب مجدّداً باسم جامعة القديس يوسف، وباسمي الشخصي، بسعادة اللواء ابراهيم بيننا، فأهلاً وسهلاً به وبكم.

كلمة اللواء ابراهيم

والقى اللواء ابراهيم كلمة استهلها بالقول: يسعدني جدا ان اكون اليوم بينكم في هذا الصرح الأكاديمي الكبير، الذي خَرَّج الكثير من رجالات لبنان منذ ان تأسـس في العام 1875.

ساهم ولا يزال في اعلاء شأن الثقافة والتربية والحداثة في مواجهة الدعوات الظلامية والتكفيرية التي تجتاح عالمنا.

وليس صدفة ان تعلو مداميك جامعة القديس يوسف بالتوازي مع مداميك المديرية العامة للأمن العام، فتتكامل الادوار، الأولى تخرّج الاجيال والثانية تحميها.

وأضاف: ارتأيت في هذا اللقاء المميز ان أتحدث معكم من القلب الى القلب، نتحاور في لغة العقل والضمير، لغة الانسان، الذي يبقى الأساس في بناء الدول وتقدمها.

هذا الجانب من الحق الانساني الذي افردنا له مساحة مهمة في خططنا التطويرية وبرامجها، بالاضافة الى مهماتنا الادارية والامنية والخدماتية.

اضحى الانسان في الامن العام قيمة مضافة لا بل مميزة، تدخل في صلب عمل عسكرييه اليومي، مُحَصّنا بإنجازات تجسدت:

اولاً: عمليا وميدانيا بتدشين بناء جديد لـ نظارة التوقيف الاحتياطي، وإنشاء دائرة حقوق الانسان.

ثانياً: اصدار “مدونة قواعد السلوك العسكري” بالتنسيق مع مكتب الامم المتحدة في لبنان.
وقال: اضحى موضوع حقوق الإنسان أولوية الدول بعد انتهاء الحرب الباردة، وصار أولوية قصوى مع ظهور ما تزعمه المجموعات والتنظيمات الإرهابية عن “دولة الخلافة” التي تبيد الحضارات وسلالاتها من بني البشر، من دون أن تستثني أية جماعة.
اننا في لبنان نعي ونعيش معنى حقوق الإنسان لكون بلدنا انشئ باسم الحرية، كان موئلاً لطالبيها والهاربين من الظلم والعبودية، تكوينه الثقافي والديموغرافي يقوم على تنوع مكوناته السياسية والاجتماعية والدينية. ولذلك فانني أشدد على انه ليس مبالغةً القول ان الثقافة السياسية والظروف الإجتماعية والاقتصادية السائدة، في كثير من الدول تُعتبر عوامل رئيسية في تدهور أوضاع حقوق الإنسان وتعثر التحول الديموقراطي. أما المعيار الأساس في تقويم نظام الحكم والثقافة السائدة من منظور حقوق الانسان فهو معيار الحرية. وبهذا المعنى فإننا في لبنان ـ شعب ومؤسسات ـ اخترنا منذ كنا، الحرية كأصل تتفرع عنه بقية الحقوق.
إن بلدنا يعاني الأمرين على امتداد حدوده، وفي داخله، جراء الإرهاب المنظم التي تقوم به جماعات تتمدد على مساحة العالم العربي وتجاوزته إلى أوروبا والولايات المتحدة الاميركية.

كما ان نتائج هذا الإرهاب في الأقليم كانت كارثية على بلدنا الذي تحل في ربوعه مجموعات تخطى تعدادها المليونين بين وافد ولاجىء، والمؤسف ان من بينهم من يريد بلبنان شراً سنقف بوجهه أيا تكن التضحيات.

وقال اللواء ابراهيم: اننا نشجع كل شخص مسؤول او يعمل في القطاع الخاص، أن يسعى الى تمتين عمليات التواصل بين القطاع الرسمي والمجتمع المدني، وتقديم المشورة والمشاريع البناءة لتحديث المؤسسات الرسمية، ووضع الاطر الكفيلة لمنع الفساد واقفال مساربه المتعددة، ودعم المؤسسات ببرامج بناءة ومفيدة، ولا يسعى الى تقويضها في مشاريع لا تشبه مجتمعنا، ولا تحترم تاريخنا وقيمنا المنصهرة في تعددية حضارية – ثقافية – دينية، دفع اللبنانيون اثمانا كبيرة للمحافظة عليها.

وتوجه الى الحاضرين وقال: اسمحوا لي أن أقول أنه على الرغم من الاعباء التي تستنفذنا، لم نغامر يوما بالقول بالتضحية بحقوق الإنسان على مذبح الأمن، وسنستمر بمهماتنا ببراعة الجرّاح ومهارة المشرعين، انطلاقا من قناعتنا وسعينا لقيام الدولة الآمنة وليس دولة الأمن التي تصادر الحريات والحقوق.

فالقوانين التي تحكم عملنا انما هي من صميم المواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقعها لبنان، ومنها السجون والسجناء.

وعليه أود التأكيد على اننا متمسكون بحقوق الإنسان وبالتعاون مع المجتمع الدولي، وسائر المنظمات الحقوقية المسؤولة بما فيه خير الانسان، متهما كان أم بريئا، لكن دائما وفقا للقوانين والاصول التي تنص عليها التشريعات اللبنانية.

حوار بين اللواء ابراهيم والمشاركين

وبعد كلمة اللواء ابراهيم جرى حوار بينه والمشاركين في اللقاء رد خلالها اللواء ابراهيم على مداخلات الحاضرين على سلسلة من الأسئلة والمداخلات التي تناول قضايا تتصل بعمل الأمن العام والمهام التي يقوم بها وتوقف عند بعض المحطات الأمنية والسياسية الأساسية التي تسجل له في عمله اليومي. كما بالنسبة الى دور المراة في الأمن العام وسبل مواجهة الإرهاب.

تبادل الدروع والهدايا

وفي نهاية اللقاء تبادل اللواء ابراهيم ورئيس الجامعة دروعا تقديرية وقدم البروفسور دكاش كتاب ” le Portrait De Luniversite ” ورد اللواء ابراهيم باهدائه كتاب “سر الدولة” عن تاريخ الأمن العام. كما قدم لمكتبة الجامعة مجموعة مجلدة فاخرة عن اعداد “مجلة الأمن العام” للأعوام 2014، 2015 و2016.

اخترنا لك