مع اقتراب موعد الإنتخابات الرئاسيّة في إيران، المزمع إجراؤها في 19 أيار المقبل، عادَ الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد إلى الواجهة، متصدّرًا عناوين الصحف، عبر عودته الى العالم السياسي بشكلٍ غير مباشر، وبالتحديد عبر مستشاره ونائبه السابق حميد رضا بقائي الذي أعلن خوض غمار الإنتخابات الرئاسية، كذلك عبر دخوله رسميًا إلى منصّة “تويتر”، وإستباق ذلك برسالة إلى سيّد البيت الأبيض دونالد ترامب.
بالعودة الى فترة حُكم نجاد، فقد لازمت إيران أوضاع إقتصاديّة صعبة جرّاء فرض العقوبات على البلاد، التضخّم المالي، وغير ذلك من أمور ماليّة، ومؤخرًا عُلمَ أنّ مرشد الثورة السيد علي خامنئي نصح نجاد بألا يترشّح مجددًا “لتجنّب الأحداث التي توالت بعد انتخابه عام 2009، حيثُ حصلت مواجهات بين الشرطة ومعتصمين، اعتبروا أنّه تمّ التلاعب بنتائج الإنتخابات”.
وبعد طلب خامنئي يتنحّي نجاد عن مسار الرئاسة، أعلن بقائي ترشّحه، ولم تمضِ أيّام حتّى كتب نجاد رسالة من 3500 كلمة لترامب، أشاد فيها بمزاياه مثل وصفه “الصادق” للنظام السياسي “الفاسد” في الولايات المتحدة ودعاه فيها الى المناداة لإجراء تعديلات في حقوق المرأة، في الوقت الذي كان الإصلاحيّون داخل إيران ينتقدون نجاد بسبب “المحافظة الإجتماعية والسلطويّة”.
والجدير ذكره أنّها ليست المرّة الأولى التي يكتب فيها نجاد الى رئيس أميركي، فقد كان قد هنّأ الرئيس السابق دونالد أوباما ودعاه الى إجراء نقاش حول رحلات مباشرة بين أميركا وإيران، وإقامة مؤتمر في طهران لجذب الإستثمارات الإيرانية.
ويرى نجاد نفسه قريبًا من ترامب لأنّهما يعارضان العولمة ويشدّدان على التعاون مع روسيا، على الإقتصاد الوطني والإكتفاء الذاتي، كما يميل نجاد للجمهوريين، وبالرغم ممّا كان يُنشر عنه، عن إبتعاده عن الولايات المتحدة، فكلّها أمور غير صحيحة، إذ كان يستخدم تكتيكات معيّنة للتقرّب من دوائر القرار في واشنطن، كما كشف هوشانك أمير أحمدي، وهو بروفيسور في جامعة روتجيرز البحثية العامّة في ولاية نيوجرسي الأميركية، ومدير الدراسات حول الشرق الأوسط في الجامعة، هو من مؤسيي المجلس الأميركي – الإيراني، الذي يسعى إلى تحسين العلاقات بين إيران وأميركا.
وخلال زيارته الأخيرة إلى إيران، وصف أحمدي، نجاد بـ”البطل”، قائلاً: “نجاد يطلق تصريحات ضدّ إسرائيل ليصرف الإنتباه عن الولايات المتحدة. نجاد زاد من حدّة التوتر مع إسرائيل في محاولةٍ لتخفيف التوتر مع واشنطن. كان يريد إقامة محادثات مباشرة مع أوباما عن القضايا النووية. كان ثوريًا ورجلاً شعبويًاـ يريد الدفع بإيران ويعتقد أنّ أميركا تردّ عل القوة”.
توازيًا، يعتقد حسين موسيفيان، أستاذ بجامعة برنستون ومتحدث سابق في المفاوضات النووية، أنّ نجاد استخدم إمكانياته خلال فترة رئاسته الأخيرة للتفاوض مع أميركا والتخفيف من التوتر بين البلدين. وفي مقابلة معه قال: “إنّ المشكلة الوحيدة مع نجاد في المفاوضات النووية كانت امتلاك اليورانيوم”، موضحًا أنّ “المفاوضات الأولية التي أقيمت حول النووي بين سفراء أميركيين وإيرانيين حدثت في بغداد خلال ولاية نجاد”.
لكن بالرغم من محاولات نجاد، إلا أنّ سببين حالا دون تطوّر العلاقات الإيرانية الأميركية خلال فترة حكمه، هما: إنكار الهولوكست (المحرقة النازية لليهود خلال الحرب العالمية الثانية) ومواقفه ضدّ وجود إسرائيل، إذ كان يركّز في خطاباته على مواجهة إسرائيل.
وبعد كلّ ما سبق واقتراب الإستحقاق الرئاسي، يُطرح السؤال الآتي: “هل سيسامح الإيرانيون نجاد عن بعض الأخطاء السابقة؟”، إنتخابات أيار ستكشف!