فقيرة جداً هي النصوص التي تتحدث عن أعضاء الهيئة الشرعية، لا سيّما فيما يخص صفات المرشح لهذه الهيئة، حيث اقتصر الأمر على شرط واحد، هو أن يكون اسم المرشح مدرجاً على لوائح الشطب!!
فبمعزل عن قضاة الشرع و المفتين فقد ورد في البند الثاني من المادة 6 من قانون تنظيم شؤون الطائفة الإسلامية الشيعية، رقم 67/72 ما يلي : (علماء الدين اللبنانيين المتخرجين من المعاهد و الحوزات الدينية)؛ إشارةً لأعضاء الهيئة العامة .. و هذا تعريف مطاط و غير واضح إطلاقاً !!
و في مورد الحديث عن مَن يحق له انتخاب أعضاء الهيئة الشرعية ورد في المادة 9 من القانون السالف الذكر : (تتألف الهيئة الشرعية من اثني عشر عضواً من علماء الدين اللبنانيين تنتخبهم مجموعة علماء الدين اللبنانيين لمدة ست سنوات) و هنا أيضاً لا يوجد تحديد لعلماء الدين، بل ورد (مجموعة علماء الدين..)!!
و إذ لا يمكننا في وقتنا الراهن القبول بهذا الشرط الوحيد؛ إلا أنه لا يسعنا إلا أن نتفهّم عدم تعقيد الأمور في ذلك الزمان، الذي كان فيه علماء الدين اللبنانيين الشيعة من النخبة المميزة، فكراً و مسلكاً و ممارسةً، مع الفارق الكبير مع وقتنا الحاضر، الذي يشهد تراجعاً في المستوى، و انحداراً على كل الصعد العلمية و المسلكية …
حيث لم تكن القوى السياسية قد تغلغلت في الأوساط العلمائية .. كون هذا الإنحدار بفعلها، و نتيجة تأثيراتها في الجسم الديني!!
كي لا نسترسل في الأمر؛ فإنه ينبغي وضع جملة شروط لمن يحق له الترشح لعضوية الهيئة الشرعية، و من تلك الشروط :
أولاً : ينبغي أن يكون المرشح قد أنهى دراسة (السطوح العليا) ، أي أنجز دراسة – ما يصطلح عليه حوزوياً – كتابي المكاسب و الرسائل.
ثانياً : يَحسُن أن يُوضع شرط أساسي بأن يكون المرشح قد مضى على تصديه للعمل الديني أكثر من عشرين عاماً، بأن يكون ارتدى زيه الديني خلال هذه الفترة، كي يكون صاحب تجربة تؤهله للريادة على صعيد العلماء.
ثالثاً : لعلماء الدين خصوصياتهم التي ينبغي مراعاتها، لا سيما في مؤسسة كمؤسسة المجلس الإسلامي الشيعي، التي هي ذات صبغة دينية بامتياز؛ فيجب أن يكون أعضاء الهيئة الشرعية من العلماء غير الحزبيين، حفاظاً على حيادية المؤسسة، و احتراماً للجسم الديني. في حين أن هذا الشرط ليس ضرورياً لأعضاء الهيئة التنفيذية.
و يبقى أمران :
الأول : أنه في مورد ذكر أعضاء الهيئة العامة من المدنيين، تمّ اشتراط مواصفات محددة ..، و هذا ما لم يلحظ في الحديث عن الجسم العلمائي!!
و لذا، كما ينبغي اختيار نخبة من المجتمع المدني الشيعي – إن صح التعبير -؛ فكذلك يجب فيما يخص المجتمع العلمائي.
الثاني : كان مستوى العلماء فيما مضى رفيعاً جداً، بعكس وقتنا الراهن، و كي نكون عمليين، و حتى لا نعقد الأمور كثيراً، و بنفس الوقت لا نترك الأمور تنحدر أكثر؛ فينبغي مراعاة :
أ ـ أن العالِم الذي يحق له الترشح لعضوية الهيئة الشرعية هو الذي أنجز دراسة (السطوح) ، و شرع بدراسة مرحلة (بحث الخارج) .
ب ـ أن العالِم الذي يكون عضواً في الهيئة العامة الناخبة، هو الذي أنجز دراسة مرحلة (المقدمات)، و شرع بدراسة مرحلة (السطوح).
ج ـ يبقى شرط الإجتهاد فيمن يحق له تولي منصب رئيس المجلس الشيعي..
و بهذا نتخلص من العموميات المذكور في قوانين المجلس الشيعي، كما لا نترك الأمور تستمر بالإنزلاق الذي نشهده …
الشيخ محمد علي الحاج العاملي