يأبى المسؤولين الخضوع لإرادة الشعب اللبناني.
وباتوا يأبون أيضا الخضوع للنص القانوني.
فحتى الدستور فَقَدَ وهرته واحترامه على حساب السلطة المطلقة.
فها نحن نعيش مجدّداً أيام ملك الشمس لويس الرابع عشر.
فالسلطة مطلقة تسوي الأوراق بحسب ما يريد الملك، للشكليات فقط وحتى يُدوّن التاريخ ان الملك عَمِل بجدية.
لكن التاريخ الذي نعيشه لا يسمح بتغييب النصوص ولا بمصادرة إرادة الناس جهارًا ولا بمصادرة المال العام.
فيتحدث المسؤولون عن المخالفات وكأنها قصص تروى قبل النوم، ولا يتحرّك ساكناً لا من النواب ولا من النيابات العامة.
وكيف للقضاء أن يتحرّك وهو يجد نفسه وكأنه مسجونًا؟
قلّة من الناس تملك الجرأة لتخاطر باستقرار بيتها وحياتها المهنية والشخصية من أجل الوطن.
والنواب يعرفون كيف يستهدف النائب او السياسي الذي يرفع درجة المحاسبة الى مستوى القانون ليطال بذلك أداء أحد النافذين.
وبالرغم من الضغوطات على كل من طالب بتطبيق النظام، قامت قلة من النواب بالطعن امام المجلس الدستوري.
والمجلس أعاد الوقار للمؤسسة العريقة وشدّ على يد حامي الدستور فخامة رئيس الجمهورية الذي بالتأكيد كان له دور بحماية المجلس الدستوري وبإطلاق يده حتى يعيد الروح لدولة المؤسسات.
هذا الإنتصار هو بمثابة إعادة الحياة للوطن.
فهل نقدّر هذا العمل ونهلل له شاكرين بدلاً من انتقاده!
أما قانون الضرائب فهو يدلّ على أن المعنيين قد فقدوا معرفة تحضير الموازنة العامة وفق الأصول والطرق الحديثة التي توفّرت في العالم والتي أثبتت نفسها على أنها الطريقة الأعدل، كونهم لم يمارسوا دراسة الموازنة منذ عام ٢٠٠٥.
لكن، من واجب الإدارات المختصة أن تسهر على تحضير الموازنات ومقارنة الإنفاق بها وتحضير قطع الحساب سنويا بينما تسري رواتبها وذلك بغض النظر عما تفعل السلطة السياسية بناتج عملها الإداري!
كيف يقبل جميع المسؤولون بعدم قيام الإدارات المسؤولة بعملها طيلة عشر سنوات ولا يحال أي موظف للمحاسبة والمساءلة؟؟؟
يحاول البعض الإقتصاص ممن طعن وأي شعبية قد اكتسبوا، فيقررون مخالفة القانون ٤٦ وعدم تنفيذ السلسلة.
رغم أن الحلول موجودة ولكن النيات قد تكون مفقودة.
لقد قلنا مراراً وتكراراً ان هناك ضرورة باستبدال الضريبة على القيمة المضافة بالضريبة على المبيعات المعتمدة في عدة مجتمعات تشبه المجتمع اللبناني كولاية كاليفورنيا على سبيل المثال.
وحددنا مرارا وتكرارا ونحن أصحاب اختصاص، بأن مبدأ الشطور يجب ان يستعمل بما فيه مصلحة الفقراء وذوي الدخل المحدود على ان يتحمل أصحاب المال جزءأً ضريبيا أكبر، يتناسب مع قدرتهم المالية والاقتصادية.
أما الهدر فشتّان ما تحمل الموازنة العامة من أرقام يترحرح فيها المسؤولون عن إدارة شؤون البلاد، ليس نزولاً عند رغبة الشعب ولا من أجل المصلحة العامة، بل هم نواب اليوم بسبب حشد النواب لإقرار تمديد يصرخ بوجه الدستور، من أجل تأمين المصلحة الخاصة لمعظمهم. فيحق للشعب عندها ان يشكّ بالمسؤولين ونزاهتهم لاسيّما وأرقام لبنان على سلّم الفساد هي بتصاعد غير مسبوق!
ماذا عن الموازنة السوداء؟ أي الإيرادات من هبات أو من أموال قروض من البنك الدولي أو الأوروبي أو المؤسسات العربية وغير ذلك؟؟ أين تُنفق وكيف أُدخلت في الموازنات وكيف تأكدت الدولة من الإنفاق الصحيح لها؟ من يحاسب على تأخير تتفيذ المشاريع في الإنماء والإعمار وهل يكفي الظهور مع القيّمين على مجلس الإنماء والإعمار في مؤتمرات صحافية متلفزة تشيد بأن الخلل الذي وقع بتأخير مشاريع في منطقة كسروان لمدة عشر سنوات وأكثر قد تبدد، وانّ المشاريع ستبدأ وتنجز خلال الأربعة سنوات المقبلة؟؟ كيف يجرؤ هؤلاء النواب على إهانة ذكاء الشعب اللبناني؟ ماذا فعلوا هم خلال العشر سنوات الماضية من ولايتهم النيابية؟ وهل استفاقوا من سباتهم على رائحة الإنتخابات؟
اما الإنتخابات الفرعية فطارت دون ان يكلّف نفسه مجلس الوزراء عناء التعليل ولا أن يكلّف نفسه مجلس النواب بالمحاسبة وطلب إجرائها تحت طائلة حجب الثقة، لأن المجلسين أساساً في حالة “دمج” بدل أن يكونا سلطتين مستقلتين إحداهما تنفّذ والأخرى تحاسب.
فكيف للسلطة التي خالفت الدستور ومدّدت لنفسها وحجبت انتخابات ١٢٨ نائباً مرّتين أن تحاسب سلطة تنفيذية تحجب انتخاب ٣ نواب؟
وهكذا دواليك حتى بات الفساد سيد الموقف، والموظّف المحقّ كبش محرقة، والموظّف المشارك في المكائد الفاسدة، يدفع ثمن أعماله على حساب المواطن والإقتصاد والمؤسسات والوطن.
النقيب جينا الشماس
احترم لبنان Respect Lebanon