الدعاء مكانه القلب لا الهاتف

يتكرّر مشهد تسخيف القيم والعبادات الدينية عبر تحويلها الى مادة رخيصة ومُملّة تتكاثر الكترونيا بشكل هائل دون أن تُصيب القلبَ في شيء، ومن أكبر الضحايا الإلكترونية في رأيي حاليا هو الدعاء..

عندما علمونا الدعاء في الصغر انما استعملوا اسلوباً شبيهاً بإسلوب طلب الولد من أبيه إذ يعحز الولد عن فهم الحقيقة الإلهية (وهو لن يفهمها كبيرا الا جزئيا) فيحببون اللهَ الى قلبه كونه مُجيبا للدعوات.

ولكن من واجب العاقل عند البلوغ الفعلي أن يفهم أن الله أعطاه أثمن ما في الدنيا الا وهو العقل، وأن استعمال العقل بطريقة تقيّةٍ وارادة في الفهم والنجاح هما الموصلان الى بلوغ الأهداف وليس الجلوس كالأطفال يدعون الله لتحقيق امنياتهم.

وتتحول بذلك وظيفة الدعاء الى مادة لترويض العقل وإبقاءه في دائرة الإيمان والإنسانية أثناء طريقه في تحقيق طموحاته.

اما جانب تحقيق الله للأمنيات والطلبات فهو أمر الهي يعود له وحده سبحانه وتعالى ولا يظنن أحد أنّه يمكنه الإجابة عن أمر إلهي بأكثر من الحدود التي كشفها تعالى.

ومن أهم شروط الدعاء أن يكون خالصاً نابعاً من القلب لا وسيلة للتباهي والمزايدة عبر الهواتف بما لا يخلو من الرياء، الا ما لزم جهره بعد صلاة الجماعة.

ومن يقرأ قوله تعالى متمعّنا فيه حتى نهايته فيصيب المعنى:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ..

وأي وسيلة للرشد الا العقل؟

وهل حمل الإنسانُ الأمانة لولا نعمة العقل؟

إنها ليست من الصدفة ولا من العبث أنْ قال أمير المؤمنين عليه السلام:

ربي، إنّ من أعطيته العقل ماذا حرمته وان من حرمته العقل ماذا وهبته؟

الشيخ دانيل عبد الخالق

اخترنا لك