في ظل المفاوضات التي تخوضها طهران مع الاتحاد الأوروبي في سبيل “إنقاذ” الاتفاق النووي إثر انسحاب الولايات المتحدة الأميركية منه، نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول إيراني “بارز” قوله: “سنستخدم نفوذنا لإحضار حلفائنا أي الحوثيين إلى مائدة التفاوض”، وذلك مقابل حماية الاتفاق.
ويعوّل الأوروبيون، الرافضون لانسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرم في عهد باراك أوباما في العام 2015، على تحقيق تقدم في الموقف الإيراني لمصلحة إنهاء الصراع في اليمن. وعليه، سيتمكنون من الإثبات للأميركيين أنه يمكن لأوروبا الاستفادة من المحاثات لانتزاع تنازلات في الملف اليمني.
ويعدّ الموقف الإيراني هذا لافتاً، فتخوض طهران حرباً بالوكالة مع السعودية منذ العام 2015 في اليمن، حيث تدعم الحوثيين بالصورايخ والمقاتلين في وجه قوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والتحالف العربي الذي تقوده الرياض.
وترافق الموقف الإيراني مع تكبّد الحوثيين خسارات كبرى في منطقة الحديدة الاستراتيجية، التي يعتبرونها شرياناً أساسياً بالنسبة إليهم، إذ بدأت قوات التحالف تضّيق الخناق عليها وعلى مينائها.
وعلى الرغم من أنّ موقف طهران المستجد يعتبر مفاجئاً للبعض، لا بد من التوضيح أنّه جاء تزامناً مع سلسلة تطورات أساسية: الضغوط التي ترزح تحتها طهران، وعلى رأسها الاقتصادية، إثر انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، والعقوبات المالية الجديدة التي فرضتها واشنطن على أذرع طهران الإقليمية.
لا سيّما “حزب الله” والحوثيين، والتغيّر في الموقف الروسي إزاء الوجود الإيراني في سوريا (إذ شدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على ضرورة تواجد الجيش السوري وحده في جنوب سوريا)، وأخيراً الانتخابات العراقية، حيث تصدّر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر المقرّب من السعودية والمعارض للتدخل الإيراني في بلاده، النتائج بفضل تحالف “سائرون”، وها هو يستعد اليوم لتأليف حكومة.
وبناء على هذه المعطيات، يطرح سؤال واحد نفسه: هل تكتفي أوروبا بالتنازلات الإيرانية في اليمن مقابل إنقاذ النووي أم أنّ المطلب أبعد من ذلك؟