الرئيس نبيه بري اعتاد على الزعامة السياسية في لبنان، ورغم ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان مدعوماً من دول كبيرة ومن كل الجهات، لكنه لم يستطع ان يتجاوز الرئيس نبيه بري، وعلى هذا الاساس كان تحالف الرئيس نبيه بري مع الشهيد رفيق الحريري، لكن الميزان كان لصالح عين التينة، حتى ان الرئيس سعد الحريري الذي غاب عن لبنان لسنوات وعاد الى بيروت لم يستطع بدوره تجاوز الرئيس بري وعاد وتفاهم معه، خصوصاً أن مفتاح مجلس النواب هو في جيب الرئيس نبيه بري.
عندما قال الرئيس نبيه بري ان تأمين النصاب الرئاسي هو في جيبي الكبير كانت كلمة كبرى واعتبر ان انتخاب الرئيس العماد عون يمر من خلال هذه الورقة التي هي في جيب الرئيس نبيه بري، وهذا لم يجعل العماد عون يرتاح لهذه العبارة فرد بعدة مواقف أهمها ما قاله في الصرح البطريركي “ان التمديد والتمديدات الاخرى هي التي اساءت للمؤسسات واصابتها بالوهن” وبسرعة كبيرة رد الرئيس نبيه بري على كلام عون قائلاً: “صحيح ان التمديد هو الذي ادى الى الوهن في المؤسسات ولكن تأخير انتخاب رئيس الجمهورية لفترة طويلة هو اسوأ”.
وما ان انتهى الرئيس نبيه بري من خطابه حتى كان الرد من المفتي عبد الامير قبلان على ما قاله البطريرك الراعي بشأن دعم الرئيس عون وبأنه لا يجوز وضع فيتوات او حصر وزارة بطائفة معينة”، وقال الشيخ قبلان “ان حرمان الطائفة الشيعية يعود الى عشرات السنوات وبالتالي فان الشيعة لحقها الغبن جدا واذا كان المسيحيون يتحدثون عن ضعف في صلاحياتهم او في امور اخرى فالشيعة كانوا محرومين ومهمشين كلياً”.
الصورة الآن على الشكل التالي: محور يقوده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مدعوماً من رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع والقوات اللبنانية ومدعوماً من التيار الوطني الحر ومدعوماً من قوة اساسية هي الجيش اللبناني لا يمكن تقسيمها بسهولة كما حصل عام 1975 وهذه القوة ممسوكة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اكثر من اي قائد سياسي آخر، اضافة الى دعم البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي واضافة ايضا الى ما سيقوم به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من خطوات، فاذا نجح العماد عون في خطوات جذبت شعبية كبيرة لصالحه في الحكم، سيكون قوياً في بعبدا وعندها سيتحدث عالياً عن ملفات الفساد، وانه أتى الى رئاسة الجمهورية من العسكر ومن خارج الطقم السياسي الذي ادى الى الفساد وعاش 15 سنة خارج لبنان ولم يشارك في الديون والتراجع الاقتصادي الذي حصل في لبنان.
اما الرئيس نبيه بري فحليفه حزب الله لكن حزب الله لم يذهب الى ممانعة الرئيس العماد عون، انما بالعمق يفضل ان يبقى الرئيس بري قوياً وقادراً على الوقوف في وجه العماد عون، ذلك انه بمقدار ما يقترب الدكتور سمير جعجع من رئيس الجمهورية العماد عون يقترب حزب الله من الرئيس نبيه بري، واذا استقل العماد عون عن أي حلف مسيحي ولم ينحاز لأي جبهة فانه يستطيع حزب الله عندها ان يدعمه ولا يعطي كل الاوراق للرئيس بري رغم ان بري اصبح المفاوض الأول والمكلف بالحديث عن حقوق ودور الشيعة في لبنان اضافة الى مركزه كرئيس للسلطة التشريعية التي هي مجلس النواب.
صراع قوي بين بعبدا وعين التينة، بعدما كان الصراع في الماضي بين قريطم وعين التينة أصبح الآن بين بعبدا وعين التينة، وعندما يتم الحديث على انه هنالك فيتو على توزير علي حسن خليل فيرد الرئيس نبيه بري انا ايضاً اضع فيتو على توزير جبران باسيل. ويقول “ما سمحنا في الماضي نتيجة ظروف استثنائية من التنازل عن وزارة المالية والتوقيع الرابع في الدولة لأي مرسوم يدفع فيه اموال، فاننا لن نتنازل بعد الآن عن التوقيع الرابع وهكذا يكون الطائف متوازناً بالتواقيع الأربعة”.
اما بشأن موقف الحريري فبعدما كان الصراع بين 8 و14 آذار ثم تغيرت الصورة وحصل تفاهم بين العماد عون وحزب الله ثم تغيرت الصورة وحصلت تفاهمات جديدة وبأن العماد عون سيكون مدعوماً من التيار الوطني الحر والبطريرك الماروني والدكتور جعجع والقوات اللبنانية واحزاب اخرى بمواجهة الرئيس نبيه بري المدعوم من حزب الله ضمن حدود بنسبة 90% والنائب سليمان فرنجية ووليد جنبلاط، لكن جنبلاط لن يلعب اللعبة السياسية الى الأخير وسيكون له علاقة بين الطرفين وسيحاول التوازن بين الجهتين لكن عند الحقيقة سيكون جنبلاط مع الرئيس نبيه بري وسعد الحريري ذلك انه بينه وبين عون لم تنشأ علاقة تاريخية سياسية بل كان على خصام وحروب.
الموضوع الحكومي امامه تعقيدات، وبالتالي فان الرئيس سعد الحريري يدفع الآن ثمن تأييده للنائب سليمان فرنجية والالتزام معه بحصة وازنة في الحكومة تعويضاً عن انقلاب الحريري في مواقفه الرئيسية والتخلي عن تأييده فرنجية لصالح العماد ميشال عون.
وفي ظل هذه الاجواء فان السجالات بين المرجعيتين الروحيتين المسيحية والشيعية قد تراجعت نسبياً بعد أن استغرب البطريرك الماروني الردود على كلامه اثناء استقباله العماد ميشال عون في بكركي وتأكيد المطران بولس مطر ان البطريرك لم يقصد بكلامه الطائفة الشيعية لكن المفتي الشيخ احمد قبلان اكد بأن الشيعة وطنيون وهم ضحوا كثيراً من أجل لبنان ولن يتنازلوا عن وزارة المال وعن التوقيع الرابع على القرارات. واللافت ايضاً في الموضوع الحكومي ان حركة الرئيس سعد الحريري تراجعت خلال اليومين الماضيين رغم استمرار الاتصالات وهو ممتعض من رفض تشكيلته ومتمسك بحكومة الـ24 وزيراً لأن العودة الى حكومة الثلاثين يعني بدء المفاوضات من البداية.