عندما أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في اذار الماضي نيّة حزبه شنّ حرب على الفساد عبر تشكيل إطار تنظيمي يشرف عليه شخصيّاً، ومعلنا ان قيادة حزب الله عينت النائب حسن فضل الله مسؤولاً لمتابعة ملف مكافحة الفساد.
ظن الرأي العام اللبناني خيراً من منطلق أن وعد السيد نصر الله صادق. بيد أن هذا الرأي العام الذي يؤكد أن حزب الله نجح في هزيمة اسرائيل وفي الحرب ضد الارهاب، أصبح يعتبر بعد تسعة تسعة اشهر من الانتخابات النيابية أن نجاحه ضد الفساد مشكوك به، باعتبار أن المعركة ضد رؤؤس الفساد تبقى اصعب من الحرب ضد إسرائيل.
تأتي مكافحة الفساد والهدر، بالنسبة لحزب الله، في مقدمة خطوات التحصين المطلوبة من الحكومة اللبنانية الجديدة. وعلى هذا الاساس أعاد النائب فضل الله أمس في كلمته خلال جلسة مناقشة البيان الوزاري التذكير بملفات عامة من قبيل قضية الـ11 مليار التي لن تنسى، والمالية العامة وترشيد الانفاق، والتلزيمات والبواخر وأخرى كانت محط متابعته خلال ترؤسه لجنة الاتصالات كملف الانترنت غير الشرعي، وقطاع الاتصالات وايراداته المتراجعة.
ليتحدث عن مستندات ووثائق لو تم الكشف عنها لأودت برؤوس كبيرة من السلطة إلى السجن، ليقول من دون أن يسمي أن “الوزير الفلاني” خرج من الحكومة بـ 200 مليون دولار.
الأكيد ان الدرج يشطف من فوق وليس من تحت، كما قال فضل الله، في إشارته إلى وقف الهدر ومكافحة الفساد. بيد أن نائب الوفاء للمقاومة لم يسجل أي معلومة محددة يمكن التوقف عندها ملياً، لا سيما ان كل ما ادلى من مواقف بقي في اطار العموميات التي دفعت عددا من الوزراء الجدد الى مطالبته بالتسمية وتساؤلهم أسوة بزملائهم النواب لماذا لا تقال الامور كما هي طالما ان حزب الله وضع يده على زناد الحرب ضد الفساد؟!.
ما تقدم يظهر أن حزب الله ما قبل إعلانه الانكباب على مواجهة الفساد وما بعد لم يتقدم كفاية الى الامام. فحكومة الى العمل، في بداية تقليعتها، فماذا كان يضر حزب الله لو أن نائب بنت جبيل حمل ملفا مبكلا ومكتملا بالمعلومات والمستندات والوثائق وطرحه امام الراي العام والحكومة وفي الندوة البرلمانية ليحمل الجميع من حكومة وقضاء وبرلمان تبعات متابعة هذا الملف وما أكثر هذه الملفات الموجودة بالاسماء في عهدة حارة حريك.
الثابت حتى الساعة أن حزب الله الذي يؤكد أن عمله يبدأ مباشرة بعد نيل الحكومة الثقة لا يزال حذرا تجاه النتائج المترتبة حيال هذا الموضوع. صحيح أن المخاطر الخارجية تراجعت، لكن الحسابات تجاه الحلفاء والأصدقاء وحتى تجاه من يختلف معهم بالسياسية عندما تكون الحساسيات طائفية، تشكل نوعا من القيود على خطاب حزب الله وخطته، رغم أن الوضع الاقتصادي والمالي بلغ مستويات خطيرة.
ثمة من يشعر أن حزب لم يفعل شيئا في هذا الخصوص منذ حمله شعار مواجهة الفساد، لا بل على العكس مرت قضايا كثيرة تهم المواطن ولم يكن في يده حيلة، فالزبائنية في التوظيف لا تزال سيدة الموقف. وعلى سبيل المثال لا الحصر، لا يزال الناحجون في مجلس الخدمة المدنية من أساتذة في وزارة التربية والطيران المدني خارج وظائفهم، فضلا عن حراس الاحراج يناشدون رئاسة الجمهورية والمعنيين تحقيق مطالبهم المحقة.
في حين جرى توظيف خمسة آلاف موظف منذ فترة الانتخابات لدواع انتخابية من خارج مجلس الخدمة المدنية. ولم يستطع الحزب حتى هذه الساعة تحريك هذا الملف عند حليفه الأول التيار الوطني الحر الرافض لنتائج المباراة التي تخل بحسب الوزير جبران باسيل بما يسمى التوازن الطائفي.
وتشدد مصادر معنية في حزب الله على أن الحزب يتجه الى تقديم مشاريع واقتراحات قوانين عبر وزرائه ونوابه تهدف إلى حماية المواطن، ووضع حد للفساد وضبط المالية العامة ووقف الصفقات والهدر ، وأنه لن يتراجع عن وعد قطعه فهو سيوقف مزاريب الفساد ويقفلها نهائيا. وغدا لناظره قريب.
هتاف دهام