ما بين كلام نصرالله الهادىء وزلة لسان نواف الموسوي

بغض النظر عن السجال الذي حصل في جلستي يوم الاربعاء، الصباحية والمسائية، بين نائب كتلة “الوفاء للمقاومة ” نواف الموسوي والنائبين نديم الجميل وبيار ابو عاصي، وبعيدا عما يشكله هذا السجال من تضارب في الآراء والخيارات الموجودة اساسًا داخل المجتمع اللبناني، افقيًا وعموديًا.

فإن إستعمال بعض التعابير، التي صدرت عن نائب “حزب الله”، والتي وصفها البعض بـ” الداعشية”، والتي استدعت من الرئيس نبيه بري شطبها من محضر الجلسة، وضعها بعض الذين يدورون في فلك ١٤ آذار في خانة التصرف الناتج عن فائض القوة، وهو كلام يتناقض مع مضمون كلمة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، الذي دعا فيها إلى الابتعاد عن الاجواء المحتقنة والتعاطي بين جميع مكونات البلد بإيجابية.

وبين كلام الموسوي حول “تكسير الرقاب” وكلام نصرالله فرق شاسع، وبالأخص عندما تحدّث الأخير عن أنّ “الأمور في الحكومة ليست خاضعة للأكثرية أو للأقلية أو للثلث المعطل”، معتبراً أنّه “لا يمكن لقوى أن تفرض قناعاتها على قوى سياسية أخرى، ونحن منفتحون على كلّ الملفات، وكلّ الأمور قابلة للدراسة والنقاش”.

فأمام هذا الكلام المسؤول، وهو كلام جديد صدر عن سيد المقاومة، الذي حاول تصويب الأمور ووضعها في نصابها الديمقراطي، وبالأخص لجهة رفضه منطق فرض بعض القوى قناعاتها على قوى أخرى، وقد يكون موضوع الرئيس الشهيد بشير الجميل، من بين المواضيع الحساسة، التي لا يجب مقاربتها من زاوية التحدّي، وهذا ما ورد في كلمة الموسوي، الذي أستفزه كلام النائب سامي الجميل عندما أستشهد بكلام لوزير الخارجية جبران باسيل، والذي أعتبر لاحقًا “زلة لسان” رفضها حزب الكتائب.

الذي رأى فيها رسائل لمن يعنيهم الأمر، وهو ما يناقض ما سبق للسيد نصرالله أن تحدّث عنه عندما دعا إلى الهدوء بعد تشكيل الحكومة والإبتعاد عن السجالات الإعلامية، مطالباً القوى السياسية المشاركة في الحكومة بالتفهم أنّ هناك قلقاً ويجب التعاطي مع هذا ذلك بإيجابية ومعالجته”.

لافتاً إلى أنّ “هناك إجماعاً على وجود خطر مالي واقتصادي، وهذا يجب أن يكون أولوية مطلقة، وعلى الحكومة أن تقول للبنانيين والمجلس النيابي ولنفسها أولاً، كيف ستمنع هذا الإنهيار، وكيف ستحصن الوضع المالي في البلد”.

هذا السجال، الذي أحتّل في اليومين الماضيين مواقع التواصل الإجتماعي، أدّى إلى إستنفار على كل الجبهات من أجل تحصين الساحة الداخلية من التدخلات الخارجية، وقد عمد “العقلاء” في كلا الطرفين إلى التطلع نحو ما يمكن أن يبني أكثر من التلهي في مواضيع هدّامة، وهي كثيرة، والتي من شأنها أن تفرمل إنطلاقة الحكومة وإنكبابها على العمل.

من دون أن يعني ذلك أن “زلة اللسان” هذه يمكن التغاضي عنها، وهذا ما ستظهره الأيام المقبلة في طريقة تعاطي نواب “حزب الله” داخل قاعة المجلس النيابي، وإن كان المطلوب من قبل حزب الكتائب أكثر من ذلك، بإعتبار أن أي كلمة تصدر عن أي نائب ينتمي إلى الحزب تكون معبّرة عن توجهات معينة.

وفي رأي البعض، الذين يعرفون أن “حزب الله” قرر، منذ أن طالب بوزارات وازنة كوزارة الصحة، عدم التواضع وعدم السكوت عن أي إساءة، إلاّ أن حماسة الموسوي جعلته يستعمل تعابير في غير محلها.

وفي إعتقاد البعض أن الرئيس نبيه بري يبقى الضمانة الأساسية لضبط إيقاع أي سجال يخرج عن المألوف وعن الأدبيات المتوافق عليها، بغض النظر عما تشكله المواضيع الخلافية من حساسية مفرطة لدى البعض، في وقت يتطلب الوضع الدقيق صبّ الجهد في على ما يمكن أن ينقذ الوضعين الإقتصادي والمالي من تعثرهما، قبل أن تكبر “ثقوب المركب”، وقبل غرق الجميع ف يبحر أزمات المنطقة.

اندريه قصاص

اخترنا لك