هلّلَ كُثر من أنصار عهد الرئيس ميشال عون، لموقف وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو المتعلق بعودة النازحين السوريين أمام الكونغرس الأميركي، حيث أكد أن بيروت لم تعتد تحتمل العبء الملقى على عاتقها جراء وجود النازحين السوريين داخل أراضيها، داعياً إلى تهيئة الظروف سريعاً لإعادتهم إلى سوريا.
الإحتفاء العوني بموقف بومبيو يعود إلى الإقتناع بأن مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل هي من بدّلت موقف بومبيو، لكن مصادر ديبلوماسية مطلعة إستخفت بهكذا تحليلات معتبرةً أن سياسة دولة كالولايات المتحدة الأميركية لا تتأثر بموقف من هنا وآخر من هناك، وكل ما يهمها هو مصالحها العميقة.
وتعتبر المصادر أن زيارة بومبيو إلى لبنان، أعادت تكوين القناعة الأميركية تجاه عودة النازحين، فقد سمع وزير خارجية واشنطن كلاماً واضحاً من حلفائه أنهم لا يستطيعون خوض معركة بقاء النازحين السوريين في لبنان أمام بيئاتهم، وأن الفريق الآخر يكسب سياسياً جراء خطابه المطالب بإعادة النازحين.
قبل خطاب بومبيو في الكونغرس وبعد زيارته إلى بيروت، بدأت “القوات اللبنانية” ترفع الصوت عالياً مؤيدةً المبادرة الروسية بعدما كانت خلال الأسابيع الماضية رأس حربة في معارضة مساعي العهد لإعادة النازحين بحجج مختلفة، ومن يراقب مواقف نواب وقياديي “القوات” يرى أنهم تنفسوا الصعداء وباتوا يتحدثون بخطاب سياسي يشبههم أكثر.
لكن المصادر أشارت إلى أن ما سمعه بومبيو من حلفائه في بيروت ليس الأصل وراء تبديل واشنطن لأولوياتها، بل إن مؤشرات خطيرة إستقاها الموفد الأميركي توحي بتدهور واضح وسريع للوضع الإقتصادي والمالي والمصرفي.
وترى المصادر بأن واشنطن لا ترغب في حصول إنهيار الإقتصادي ومالي في لبنان، ولو أرادت ذلك لفعلته منذ سنوات، إذ إن مصالحها العميقة مع النظام الإقتصادي في بيروت ومع القطاعين المالي والمصرفي، يلعبان دوراً أساسياً في رسم سياسيتها، لذلك فإن بومبيو نقل إلى إدارته حقيقة الوضع المصرفي المأزوم في لبنان، الأمر الذي ساهم في إعادة ترتيب واشنطن لأوراقها.
من جانب آخر، تلفت المصادر أن سحب واشنطن للـ”فيتو” عن إعادة النازحين السوريين لا يعني أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الأوروبيين، سيلبون المطالب الروسية بتأمين تكلفة إعادتهم إلى بلادهم.
وتضيف المصادر أن الأميركيين لن يدفعوا أي دولار لإعادة النازحين، لكن سحب الفيتو السياسي سيُحرج موسكو، ويسحب ذريعتها وذريعة النظام في سوريا السياسية والإعلامية، القائلة بأن تجميد إعادة النازحين يعود إلى الإعتراض الأميركي.
وتؤكد المصادر أن ذهاب موسكو ودمشق إلى إعادة النازحين من دون دعم مالي دولي وغربي، يخدم جزء من الأهداف الأميركية في سوريا، إذ إن الأمر سيزيد من الأعباء المالية على روسيا التي تعاني جراء العقوبات الأميركية.
كما سيؤدي إلى زيادة الضغط الإقتصادي على سوريا التي ستستقبل مئات آلاف النازحين الفقراء الذي سيشكلون بدورهم أحزمة بؤس في محيط العاصمة، كما أن عودة هؤلاء سيؤدي إلى حدّ ما، لإعادة التوازن الديمغرافي لسوريا قبل الإنتخابات الرئاسية.
علي منتش