قصّة «تمرّد» نوّاف الموسوي

أوحى غضب حزب الله على النّائب نوّاف الموسوي من جراءِ تسريب «أخبار» إلى الكاتب السّياسي عبد الباري عطوان، أنّ النّائب «المجمّدة خدماته» باتَ منبوذاً في الحزب ويسبح عكس التيّار، وباتَ مزعجاً لدرجة أنّ تخلع «العلاقات الإعلاميّة» قفّازاتها وتبادر إلى الهجوم وتكذيب ما وردَ عن لسانه!

لقد ظهر أنّ الرّد المقتضب للعلاقات الإعلاميّة عبر تأكيدها أنّ «ما وردَ في مقال الأستاذ عبد الباري عطوان نقلاً عن النّائب السيّد نوّاف الموسوي غير صحيح إطلاقاً ولا يعبّر أبداً عن مضمون اللّقاء الذي كان لقاءاً شخصيّاً غير معد أساساً للنشر» يشكّلُ بحدِ ذاته إدانة إلى الموسوي أكثر من كونه تكذيباً لفقرة وردت ضمن مقال عطوان، بحيث أن «العلاقات» لم تدحض معلومة اللّقاء بل أكّدت حصوله، ويدا أنّ الإعتراض محصور فقط في التسريب.

يوحي هذا الكلام عن غضب إنتاب قيادة حزب الله من تصرّف «الموسوي» فترجمته «العلاقات الإعلاميّة» إلى نص، بعدما ثَبُتَ لديها بالوجه الشرعي أن «السيّد تقصّدَ تسريب الخبر»، بصرف النظر عن الآليّة والأهداف من وراء ذلك، إلى أحدِ الصحافيين المخضرمين، وهو، أي الموسوي، بحكم العارف والعالم ضمنيّاً بأنه يسرّبُ «سكوباً» إلى صحفي لن يتورع عن إخراجه إلى الرأي العام.

على هذا الأساس كان «الموسوي» مدركاً لطبيعة ما يفعله، وطبعاً هو مدرك حكماً بالنتائج السلبيّة المترتّبة عن كلامه وتجاوز قرار تجميد نشاطهِ المتّخذ من أعلى سلطة هرميّة في قيادة حزب الله، واستناداً إلى ذاتِ القاعدة يُصبح «الموسوي»كمن يتعمّد المواجهة، مواجهة قرار حزبه!

وما يُمكن تسجيله على الهامش، أن «النّائب المُجمّد» وحين اقتربَ من تسويةِ وضعه مع إنتهاء مهلة تجميده وإعادة طرح ملفّه على «شورى حزب الله»، كرَّ إلى فاولٍ آخر أكثر من الإعجاب!

ومن الإدراك نفسه، يكون «الموسوي» قد مهّدَ للخروج من دائرةِ «التطويق» التي خضعَ لها منذ أنّ فجّر قنبلته تحت قبّة مجلس النوّاب ودفعَ الحزب ورئيس كتلته، محمد رعد، إلى الإعتذار والتبرير أمامَ الخصوم، وعلى نفسِ القاعدة، يصبح «الموسوي» بحكم المتجاوز لقرار منعهِ من الإدلاء بالمواقف والتصاريح الإعلاميّة والمشاركة بنشاطه كنائب في كتلة الوفاء للمقاومة، وهذه تحمل في حد ذاتها تطوّراً لافتاً في أداء النّائب، إن لم نقل تجاهلاً للقرار المتّخذ بحقّه!

ثمّة من ذهبَ بعد كلام «الموسوي» إلى «عطوان»، ليبني افتراضات حول ما ستؤول إليه توجهّات حزب الله المعروف بدقّتة التنظيميّة، تجاه «تجاوز» نائبه الذي صنّفه البعض بل وضعهُ ضمن خانة «التمرّد السلمي» على قرار حزبي، هل أنّ حارة حريك ستمد «النائب المشاكس» بحزمة عقوبات معزّزة ما سيؤدي إلى اسقاط المزيد من القيود عليه، امّ أنّها ستكتفي ببيان «العلاقات الاعلإميّة» وكفى الله المؤمنين شرّ القتال؟

هناك فرقةٌ أخرى أخذت تبني الإستنتاجات على «تسريبة الموسوي» ورد الفعل عليها وصولاً إلى الإعتقاد أنّ الرّجل قرّرَ «التمرّد» وإعادة التموضع وتهيئ نفسه لنسخة أخرى من «صبحي الطفيلي»! هذا الإفتراض أقرب لأنّ يُسجّل من مواليد الأول من نيسان!

العارفون بـ«طينة نوّاف» لا يتقبّلون فرضيّة «التمرّد»، أصلاً هي غير موجودة في قاموسه السّياسي والحزبي، لأن «التمرّد» عادةً يكون على قيادة في سبيلِ الخروج من تحت وصايتها، و «الموسوي» ليس من هذا النوع الذي ما برحَ قاعدة احترام قيادته و «تقديس قراراتها»، منذُ التعليق الأوّل له عبر «ستاتوس واتساب»: «أعتذر من هذه المسيرة الإلهيّة، لما يمكن أنّ أكون قد سبّبتهُ من ضرر. لكّن عزائي، أنّها راسخة، ثابتة، عظيمة، باقية، مستمرّة، ولا يقدحُ فيها شأني الضئيل».

لكن، وبحكم الإنضباطيّة المشهود لها داخل حزب الله، لن يمرّ «تسريب الموسوي» مرور الكرام، لانّه أوّلاً تقصد التّسريب إلى صحافي، وثانيّاً افصحَ عن لقاء خاص ليسَ من حاجةٍ إلى ذكر تفاصيله أمامَ أي أحدٍ كان، كما أنّه لن يجعله خارج قائمة «نوّاب حزب الله» ولو بعدَ حين!

على هذا الحال يكونُ «السيّد النّائب» قد ارتكبَ فولاً آخر أضيفَ إلى سلسلةِ الفاولات التي ارتكبها منذُ أنّ تركَ «العلاقات الدوليّة في حزب الله»، رغم أنّ جيناته السياسيّة سابقاً لم تكن تحملُ ابداً أي مؤشّرات تدل إلى إمكانيّة حصول أخطاء وتجاوزات من هذا النوع.

عبدالله قمح

اخترنا لك