هل حانَ الوقت لكي يندم رئيس الحُكومة سعد الحريري على فعلته و «يلعن السّاعة» التي أعادَ فيها تبنّي ترشيح النّائبة المطعون بولايتها ديما جمالي؟ الجواب نعم، والذمّة ذمّة مصدر «أزرق» أنبحَ من كثرةِ الصياح!
لا جدل في أنّ جمالي تسبّبت بـ«وجع رأس» للرئيس الحريري، بل إنّه لامسَ حد الصداع! المرأة لا تجيدُ السّياسة وهذا أمر باتَ مفروغاً منه، لكن أنّ لا تُجيد فن الخطابة والتّعاطي مع الناس وهي شخصّية أكاديميّة فهذه مصيبة أخرى!
أصبحت المصائب مقرونة بجمالي منذ تاريخ إعادة ترشيحها بعد قرار المجلس الدستوري ابطال نيابتها، يكادُ لا يمرّ خروج إعلامي مرأي للمرشّحة «الزرقاء» من دونِ أن يقترن بكارثة كلاميّة، حتى إنّ مستقبليون باتوا يرون بنائبهم القادمة «مغنطيساً» ما أسرعه بالتقاط المشاكل..
حتى أنّ ملازمة أمين عام «تيّار المستقبل» أحمد الحريري الدائم لها في كلّ جولاتها، المعلوم منها وغير المعلوم، لم يشفع في التقليل من المصائب، بل أنّ «طيف الشيخ» باتَ ربّما يرفع من القدرة على استدعاءِ الكوارث الكلاميّة، فكلّما اقتربَ منها «الشيخ أحمد» أكثر، زادَ إرتفاع مستويات تهوّرها!
لم تكن آخر الفصول «الزحطة» التي طبعت كلامها حول قرار المجلس الدستوري وإتهام رئيسه بتقاضي رشى، تلك القصة وعلى عظمتها، مثّلت حدثاً غير مستغرب لكون السيّدة صاحبة الحفل لا تعرف كيف تقيس أفعالها ، بل إنّ الأمر الأعظم جاء أثناء حضورها إلى جانبِ «الشيخ أحمد» أحد اللّقاءات الإنتخابيّة في طرابلس، التي لم تترك خلاله أحداً من الحلفاء والخصوم إلّا و «بلّت يدها به»، ممّا أدّى إلى تكّون مستوى كبير من الانزعاج لدى أكثر من شخصيّة إجتماعيّة طرابلسيّة حضرت اللّقاء، من شدّة .. جهل جمالي بطرق التعاطي مع أبناء منطقتها!
تراكم هذه الأمور دفعة واحدة أدّى إلى تحوّلها لشكاوى بدأت تزحف نحو بيت الوسط كالسيل الهادر، بل أنّ بعضها ذهب إلى تحميلِ الرّئيس سعد الحريري مسؤوليّة قراره ومطالبته بتحمّل عواقبه، وهو الذي لم يدرك لحظتها مدى الضرر الناتج عن إعادة ترشيح جمالي، التي وخلال أحدَ عشر شهراً لم تُثبت جدارتها أبداً، كما أنّه (أي الحريري) لم يأخذ، لا بإعتراضات المستقبليين الشماليين ولا الحلفاء السّياسيين على وزنِ رئيس الحُكومة الأسبق نجيب ميقاتي، الذي ازعجهُ جدّاً تمترس الحريري خلف قراره.
لكنَ الوضع الآن عند رئيس مجلس الوزراء يختلفُ عن ذلك الذي نشأ قبل شهر تقريباً، الآن يُدرك الرّئيس الحريري مدى الويل الذي جلبه على تيّاره في طرابلس، وهو لم يعد يخفي امتعاضه من المشاكل والشكاوى الدائمة التي تَنتج عن كلّ ظهور إعلامي لجمالي رغمَ وجود أحمد الحريري إلى جانبها كالظل!
تراكم المشاكل، أجبرَ الرئيس الحريري قبل مدّة على حصر الخطابات العلنيّة خلال الإحتفالات الإنتخابيّة العامة بـ«الشيخ أحمد» الذي أخذ ينطقُ بلسان جمالي من دون ترك مجال لها لتقديم وجهة نظر «تيّار المستقبل» السياسيّة على المنبر درءً لأي هفوة، وقد حُصِرت صلاحيّة كلامها بتناول بعض الأمور الإنمائيّة بشكل هامشي، إلى جانب تكرار موشّحة الإجلال والإكرام للحلفاء.. وهو ما جرّ على «التيّار» وأمينه العام إتهامات بـ«سلب قرار جمالي» وتحويلها إلى «مرشّح أخرس»!
بعد ما أذاعته جمالي بحق رئيس المجلس الدّستوري يتأكد أنّ الحريري وأمينه العام «معهما حق»، والرّئيس الحريري حق أيضاً بالقرار الذي اتخذه بعد هذه الحادثة والذي وضعَ عند المسؤولين عن «حملة جمالي الإنتخابيةّ»، القاضي بمنعها من الظهور في أي لقاء إعلامي سياسي علني، لا تلفزيونيّاً ولا إذاعيّاً، وهذا ينسحب أيضاً على منعها من إجراءِ أي مقابلة صحفية مباشرة أو علنيّة.
القرار الذي شبّههُ البعض بأنّه «قرار عقابي بالدرجة الأولى»، أتى كباب من أبواب «تخفيف المشاكل»، وكانت النصيحة التي وردت إلى فريق جمالي هي «عدم تأمين أو الموافقة على أي ظهور إعلامي أبداً حتّى تقفل صناديق الإقتراع» !
عبدالله قمح