كاتدرائية نوتردام في باريس والتي نشب فيها حريق هائل مساء الاثنين 15 أبريل 2019، جزء لا يتجزأ من ذاكرة فرنسا وتاريخها الكبير.
فقد استمر بناؤها قرابة ثلاثة قرون (1163 – 1145) وهذه الكاتدرائية كانت طوال العهد الملكي من الكاتدرائيات القليلة التي كان الملوك الفرنسيون يرغبون في أن يتوجوا فيها لتميزها المعماري القوطي وموقعها في قلب العاصمة الفرنسية وثراء محتوياتها وأيقوناتها وكنوزها.
بل إن الامبراطور نابليون الأول حرص على أن يتوج في هذه الكاتدرائية عام 1804 وبعد قيام الثورة الفرنسية كان الباريسون يخشون من أن يؤدي المنطق الثوري من جهة وتحالف الكنيسة الكاثوليكية مع العهد الملكي إلى الإساءة إليها. ولكن ذلك لم يحصل، باستثناء اختلاس بعض المحتويات.
وفي القرن العشرين، كانت الكاتدرائية ترمز مثلاً إلى نضال الفرنسيين ضد الاحتلال النازي وأقيمت فيها قداديس دينية لتأبين شخصيات مرموقة منها الجنرال ديغول والرئيسان الفرنسيان الأسقان جورج بومبيدو وفرانسوا ميتران.
واستمدت من الكنيسة وبيئتها ومحيطها قطع فنية رائعة الجمال ورواية مميزة منها على سبيل المثال رواية “أحدب نوتردام” الشهيرة التي وضعها فيكتور هوغو عام 1831.
أصبحت الكنيسة منذ عام 1999 جزءاً من التراث العالمي كما أصبحت قبلة للسياح يأتونها من مختلف انحاء العالم ويجعلون منها أكثر الكاتدرائيات الأوروبية التي يقبلون على زيارتها.
يمكن القول باختصار إن باريس بدون كاتدرائية نوتردام وبرج إيفل مدينة قد فقدت جزءاً أساسياً كبيراً من هويتها التارخية والإنسانية.