ما زالت أحداث السودان تشغل العالم، بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير وتولي مجلس عسكري انتقالي مقاليد الحكم لفترة انتقالية، وسط تعقب ومراقبة حثيثة للخطوات الجديدة التي سيتقدم بها المجلس العسكري بقيادة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان.
وفي هذا الصدد، كشف الصحافي السوداني عثمان ميرغني السبب الحقيقي والخطير الذي دفع قادة الجيش السوداني الى خلع الرئيس السابق عمر البشير.
وقال ميرغني نقلا عن مصادر من المجلس العسكري السوداني أن البشير قبل صدور قرار عزله بيوم، قال لهم بالحرف الواحد : “طبعا كلكم تعلمون أننا نتبع المذهب المالكي، وهذا المذهب يتيح للرئيس أن يقتل 30% من شعبه، بل وهناك من هم أكثر تشددا يقولون 50%”.
وأضاف الصحافي السوداني، أمام تجمع للمتظاهرين، أن “البشير اختتم حديثه لهم بقوله: “قدامكم 48 ساعة ما عايز أي زول (شخص) قدام القيادة، حتى لو كان ثلث الشعب”.
وتابع أن “قادة المجلس العسكري قرروا في تلك اللحظة أنه يجب أن يسقط فعلاً”.
ومنذ يوم أمس الخميس، بدأت حشود تتوافد الى اعتصام أمام قيادة الجيش السوداني بالخرطوم، للمطالبة بتسريع تنفيذ المطالب الشعبية بتصفية النظام القديم ورموزه، وتكليف حكومة مدنية، وهيئة تشريعية، ومجلس رئاسي مدني.
وقالت أحلام عبد العزيز ربة منزل في التاسعة والثلاثين من العمر، إنها أتت لدعم المعتصمين وللضغط على المجلس العسكري الانتقالي لتسريع تحقيق مطالب الثوار، وأضافت : “أنا سعيدة، عندما جاء البشير للحكم كان عمري تسع سنوات، وأفنى حكمه الديكتاتوري عمري الجميل”، وتابعت : “يا لها من سعادة أسبوع بكامله من دون إطلالة البشير التي كرهناها”.
بدوره، قال أحمد موسى وهو أب في الخمسين، إنه فخور بأبنائه الذين شاركوا في المظاهرات والاحتجاجات التي أطاحت البشير، وتابع : “أنا فخور لأني ربيت أبنائي على حب السودان، لذلك فعلوا ما عجزنا عنه طوال ثلاثة عقود”.
وتتلخص مطالب القوى السياسية السودانية، في 6 مطالب رئيسية، وهي تصفية النظام القديم ورموزه بما في ذلك حل المؤتمر الوطني الحاكم السابق وواجهاته الحربية والاقتصادية، وتكليف حكومة مدنية، وهيئة تشريعية، ومجلس رئاسي مدني، وهيكلة جهاز الأمن السوداني، ومحاربة الفساد وإصلاح الاقتصاد.
أين البشير ؟
بعد الإطاحة به، نُقل البشير إلى سجن كوبر في الخرطوم، حيث يقبع مع عدد من القيادات العليا للنظام السابق، مع استمرار الاعتصامات والاحتجاجات التي تطالب برحيل رموز نظامه كافة.
وسجن كوبر هو أحد أكبر السجون المركزية في السودان، بني في زمن وقوع السودان تحت الاحتلال البريطاني، بعد انتصار القوات البريطانية على جيش الخليفة عبد الله التعايشي عام 1899 واحتلال السودان.
وواجهت بريطانيا مقاومة من السودانيين بعد احتلالها، فأمر مسؤول بريطاني كان يدعى الجنرال كوبر، ببناء أكبر سجن لضم جميع المعارضين السياسيين والعسكريين المناهضين للوجود البريطاني.
وبحسب صحيفة “الركوبة” السودانية، بدأ استخدام السجن عام 1903، أثناء إدارة المسؤول البريطاني كوبر في منطقة الخرطوم بحري، والذي أولى السجن اهتماماً خاصاً، حيث عُرف عنه زيارته المتكررة له وتفقد نزلائه، وعرف بمعاملاته الإنسانية، لذلك أُطلق اسمه على السجن.
وجاء تصميم المبنى هندسياً بشكل مماثل للسجون البريطانية، وتحديداً يشبه سجن “برمنغهام” البريطاني، وشيد على مساحة خمسة آلاف متر مربع، ويطل على شارع رئيسي لمدينة الخرطوم بحري، وفي موقع قريب من جسر القوات المسلحة الذي يربط الخرطوم بالخرطوم بحري.
وللسجن 14 قسماً، فهو يفصل المحكومين بالإعدام عن السياسيين أو الجرائم الجنائية أو الأحكام المؤبدة وغيرها من أنواع العقوبات، وهو أحد أكبر السجون في العاصمة.
ويعد سجن كوبر واحداً من أشهر السجون التي شهدت إعدامات للسجناء السياسيين، أو المنقلبين عسكرياً، وأول واقعة إعدام شهدها السجن كانت في كانون الأول 1924، بحق مجموعة من الضباط السودانيين كانوا تابعين لما يسمى “قوة دفاع السودان”، وهم مجموعة من الضباط نفذوا تمرداً عسكرياً مسلحاً ضد القوات البريطانية، ودارت اشتباكات بالذخيرة والمدافع الرشاشة، واعتُقل من بقي حياً وسجنوا بـ”كوبر”، وبعدها نفذ فيهم حكم الإعدام رمياً بالرصاص.
عثمان ميرغني من القياده الان متي قرر الجيش سقوط البشير #مدن_السودان_تنتفض pic.twitter.com/jUhtc8O81N
— lord (@nubiankinglord) April 18, 2019