تحت عنوان قصة المواجهة بين فرقة ألفا الروسية وحزب الله، كتب موقع “المدن” : امتازت العلاقة بين روسيا و”حزب الله”، في السنوات الأخيرة، بـ”المصير المشترك” في سوريا، حتى أن البعض وصفها بأنها تحالف استراتيجي.
وانتشرت تقارير عن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تتحدث عن مخاطر تعاون مقاتلي الحزب مع القوات الخاصة الروسية على الدولة العبرية. لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذه العلاقة التي تطورت منذ بضعة سنوات، اتسمت بالسوداوية سابقاً، وانحدرت حتى المواجهة في عام 1985.
في بيروت
تروي مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية قصةً حدثت في بيروت في منتصف الثمانينات، ولم تتردد على مسامع الكثيرين، وترتبط بوصول فرقة “ألفا” الروسية، وهي ذراع القوة للخدمات الداخلية، ومهماتها مكافحة الإرهاب والجريمة، والقيام بمهمات التجسس، إلى لبنان، للقيام بمهمة استثنائية.
في 20 أيلول 1985، اختطفت منظمة تُسمى “الجهاد الإسلامي” وهي كما يقال تابعة لـ”حزب الله”، أربعة دبلوماسيين روس في بيروت. والرسالة كانت، كما تروي المجلة، بأن الأسرى السوفيات الأربعة سوف يتم إعدامهم واحداً تلو الآخر، ما لم تضغط موسكو على رجال الميليشيات الموالية لسوريا، لوقف قصف المواقع التي تشغلها الميليشيات الأصولية الموالية لإيران في مدينة طرابلس، شمال لبنان. فتلك المرحلة شهدت اشتباكات عنيفة بين “حركة التوحيد” التي سيطرت على طرابلس، والسوريين.
فشل التفاوض
حاولت موسكو، في البداية، فتح قنوات اتصال، على أمل التفاوض على إطلاق سراح الرهائن. وبينما كان يُنسب لفترة طويلة للواء غازي كنعان، الرئيس السابق لشعبة المخابرات السورية في لبنان، الفضل في تنظيم عملية إطلاق سراح الروس. تنقل المجلة عن المراسل الأميركي المخضرم، جاك ماكيني، بأن الفضل في تحريرهم كان حصراً لفرقة “ألفا” الروسية.
بعد أن أعدم الخاطفون أحد الدبلوماسيين الروس، أرسلت موسكو فرقة “ألفا” إلى بيروت، وباشرت الفرقة جهودها بخطف أحد أقارب رئيس المنظمة، وقامت بقطع أذنه وإرسالها إلى أسرته. وفي مكانٍ آخر، اختطفت فرقة “ألفا” أحد إخوة الخاطفين، وأرسلت اثنين من أصابعه إلى منزل عائلته في ظرفين منفصلين.
وقد قامت الفرقة حينها، حسب ما تروي “ناشيونال إنترست”، بخطف عشرات المواطنين الشيعة، أحدهم كان قريب زعيم “حزب الله”. وعمدت بعد عملية الخطف لإطلاق النار على رأسه وتصوير عملية الإعدام، ثم أرسلت جثته إلى الحزب، مع رسالة وعدت فيها بمصير مشابه لـ 11 أسيراً شيعياً آخر، إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن السوفيات الثلاثة.
إطلاق سراح الرهائن
تم إطلاق سراح الرهائن الباقين في غضون أسابيعٍ قليلة، الأمر الذي كان بمثابة مفاجأة للصحافيين، بالنظر إلى أن العديد من الرهائن المحتجزين في لبنان، احتُجزوا لشهور أو حتى سنوات. وقد نجحت فرقة “ألفا” بإطلاق سراح الرهائن بسرعة كبيرة، في حين أن دولاً أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة، فشلت في توفير مثل هذه الاستجابات السريعة من محتجزي الرهائن في لبنان.
لدى روسيا سياسة طويلة الأمد في استهداف أفراد عائلات مَنْ تدخل في نزاع معهم. وتتوافق تقارير أفعال فرقة “ألفا” في بيروت، كما ترى المجلة، مع هذا التقليد. ويمكن القول إن قصة بيروت هي أكثر عمليات فرقة “ألفا” إثارةً، على الرغم من استمرار الفرقة في لعب دور بارز في الجهود العسكرية والاستخباراتية الروسية، في السنوات التي تلت هذه المهمة.
دور عماد مغنية
تتوافق المعلومات الجديدة التي نشرتها “ناشيونال إنترست” مع ما كشفته قناة “روسيا اليوم” عام 2016، أن عماد مغنية، مسؤول ما كان يُسمّى “الجهاد الإسلامي” في “حزب الله”، كان هو خاطف الديبلوماسيين السوفيات الأربعة في بيروت عام 1985.
وبالرغم من أن وثائقي القناة الروسية لم يتطرق لمدى الوحشية التي استُخدمت لإطلاق الرهائن، إلا أنه كشف بأن أحد شروط إطلاق سراح الديبلوماسيين الثلاثة، الذين بقوا على قيد الحياة، كان يشمل عدم التعرّض للخاطفين، أي لعماد مغنية ومن معه والاكتفاء بمراقبتهم عن بُعد.