يُنقل عن رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي النّائب السّابق وليد جنبلاط «عتبه» على حزب الله الذي لم يَصدر عنه بياناً كسائر الأحزاب والقوى، ينعى بموجبه البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، ولو أنّ «البيك» يُفضّلُ عدم التدخّل في شؤون الآخرين منعاً لفتح نافذة التدخل في شؤونه، لكن العتب أعلاه لن يكسر الجليد الذي عادَ لإحتلال رأس جبل العلاقة بين الجانبين.
هناك في بيئةِ حزب الله من ذهبَ إلى ربط غياب بيان التعزية بحوادث مشابهة أقدمَ على فعلها البطريرك المغفور له، حين لم يصدر عنه أي بيان تعزية بفقدان الطائفة الشيعيّة لأحد أبرز علمائها في لبنان والمنطقة، آية الله السيد محمد حسين فضل الله، وكان البطريرك يومها الوحيد الذي لم يُرسل إلى الضاحيةِ من ينوب أو يُعزّي عنه.
إلّا أن الحزب الذي لم يُفصح عن السبب الذي دفعهُ إلى عدم إصدار بيان تعزية، تولّت مصادر مقرّبة منه وأخرى محيطة به تأكيد أنّ الموضوع «غير متوقّف على بيان، فحزب الله أكثر من يعرف بالواجبات ولا يحتاجُ إلى شهادة حسن سلوك أو مزايدة من أحد»، مذكرةً بوجود «لجنة تواصل وحوار» بين الحزب وبكركي وتقوم بزيارات دوريّة.
على جبهةِ الضاحية – المختارة، وفي المعلومات الخاصّة بـ«ليبانون ديبايت»، إن مساعي التهدئة التي خاضها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، لم تُسفر عن أي نتيجة سوى إعتماد قناة الوزير السّابق غازي العريضي في إرساءِ نوع من أنواع التهدئة وسعي لإستئناف اللقاءات، وعلى حدٍ وصف مصادر مواكبة لمسار «الصلحة»، فإن المساعي هي أقرب إلى السّقوط منها إلى الحياة.
في الأفق، ثمّة جهد يبدو أنّه يُنازع على أعتاب عين التينة رغمَ سعيهِ إلى تصغير الهوّة التي تفصل بين الجانبين، عبر العمل على تأمينِ لقاء ثانٍ للأعضاء الذين اجتمعوا قبلَ مدّة قصيرة في الدارة برعاية برّي وحضوره، لكن الإشارات تبدو متضاربة، في ظل عودة «البيك» إلى نبرته السابقة حول مزارع شبعا و «حصرية الأمن والسلاح»، واعتبار حزب الله نفسه في حلٍ من أي عودة إلى الطاولة في ظلِ عدم تقديم «الإشتراكي» لعرضٍ حول الأسباب «المقنعة» التي دفعته إلى توتير الأجواء.
واللّافت ، أنّ اللقاء الأوّل لم يسفر عن تأمين انعقاد لقاء ثانٍ كان يفترض حصوله قبل أسبوع على الأقل، وقد ظهرَ أنّ الأجواء ما زالت ملبّدة بالغيوم. وفي ظلِ هذا الجو، اندفعَ الوزير السّابق غازي العريضي صوبَ عين التينة بطلب من رئيس المجلس لمحاولة رأب الصدع أو أقلّه تثبيت «هُدنة دائمة» بين الجانبين حتّى تتبلور الصورة النهائيّة لمسعى برّي، فعقد معه لقاء وضعته المصادر في إطار «اللقاءات التي يعقدها برّي مع المعاون المكلف من جنبلاط لتهدئة الأمور مع حزب الله».
وفي معلومات «ليبانون ديبايت»، أن عين التينة كانت تعمل على توجهِ لتأمين عقد لقاء ثانٍ بين الأركان المفوّضين من الحزبين في غضون الأيّام المقبلة، وذريعتها هذه المرّة، إستغلال «الزمن الرمضاني» في تأمين الإلتئام على طاولة إفطار برعاية «سيّد البيت»، على قاعدة الحديث الشريف: «من فطر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عزّ وجل عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه».
ويبدو أنّ النائب جنبلاط إستبقَ الحسنة بالمعصية مع عودتهِ مُجدّداً إلى الحديث عن لبنانيّة المزارع داعياً في تصريح أتى بعد لقاء بري – العريضي إلى «تثبيت لبنانيّة مزارع شبعا وتثبت الدّولة في كل مكان، وأن تكون الأمرة على الأرض اللبنانيّة للجيش والقوى الأمنيّة بالحوار بين اللبنانيين، وأن نعالج بهدوء مسألة المزارع». وفي معلوماتِ «ليبانون ديبايت» أنّ هذا الموقف قرأ على نحوٍ مزعج لدى الدوائر العاملة على حلّ الخلاف.
لكنّ مصادر أخرى لصيقة بعين التينة، تبدو ميالةً أكثر صوب الإيجابيّة على الرغمِ من توفّر أكثر من علامة سلبيّة، بدليل إشارتها إلى سهولة تجاوز أي تصريح وبخاصة حديث جنبلاط الأخير، الذي أقر خلالهُ بلبنانيّة المزارع لكنه دعا إلى تثبيتها، وهذا تحوّل كبير في الخطاب، إلى جانبِ ذلك، ثمّة «علامات مشجّعة» لم تُشر إليها، تُفيد في الجمع، الذين سيعود طرحه على الطاولة مُجدّداً ريثما يتم الفراغ من تشييع البطريرك صفير.
عبدالله قمح