إليكم ما سيحدث لو اندلعت حرب نووية

في تقرير نشرته مجلة “The National Interest” الأميركية، وترجمه موقع “عربي بوست”، طرح سؤالاً عن وقوع الحرب النووية، وعن عدد الضحايا.

ولفت التقرير إلى أنّ طرح هذه الأسئلة لا يعد بالأمر الخيالي، لاسيما وأنّ سيناريوهات هذه الحرب كادت تقع عدة مرات، لاسيما خلال الحرب الباردة والتي كادت أن تتحول لحرب نووية مدمرة.

عصر حجري وتحلُّل المجتمع ومليار قتيل
بحسب التقرير الذي نشرته الصحيفة، فإنّ معظم دول العالم الصناعي ستعود بعد الهجوم النووي الشامل، إلى العصر الحجري مرةً أخرى، كما سيقتل مئات الملايين بشكل مباشر، وقد يصل عدد القتلى بسبب الإشعاع والمرض والمجاعة في فترة ما بعد الحرب، إلى مليار شخص أو أكثر.

المناطق العالم التي ستتضرر من الحرب النووية
ترى الصحيفة، أنّ سيناريو الحرب وإن كان خيالياً، إلا أنّ تقديرات ما بعد الهجوم النووي حقيقية للغاية، ووفقاً لوثيقة التعليمات التي تضمنتها الخطة الأميركية للحرب النووية SIOP-62، والتي وثقت الآثار على الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو والصين، والتي كشفت عنها مؤسسة أرشيف الأمن القومي في عام 2011، فإنّ توقعات مستقبل دول الكتلة الشيوعية، التي كانت ستتعرَّض للثِقَل الكامل للقوة الذرية الأميركية، كانت قاتمة.

وكانت هذه الوثيقة تفترض اندلاع أزمةٍ جديدة ببرلين، على غرار الأزمة التي وقعت في عام 1961، وأنّ هذه الأزمة ستتصاعد إلى حربٍ واسعة النطاق في أوروبا الغربية.

وقسَّمت الوثيقة سيناريوهات الهجوم إلى فئتين: السيناريو الأول كان من المنتظر أن يشهد ضرب الاتحاد السوفييتي وحلفائه بقوة الإنذار النووي الأميركية، التي تُمثِّل نسبةً من إجمالي القوى النووية تكون في حالة تأهب دائم. أمَّا السيناريو الثاني، فكان سيشهد استخدام الثقل الكامل للقوة النووية، والمعروف باسم القوة الكاملة.

وبحسب الوثيقة، فإنّه كان من المفترض أن تُضرَب نحو 1000 منشأة مرتبطة بـ “القدرة على التوصيل النووي”.

وكان السيناريو، الذي افترض تحذيراً مسبقاً من وقوع هجوم سوفييتي وتوجيه ضربة وقائية أميركية، سيشهد مهاجمة 75% من هذه الأهداف بقوة الإنذار. وكان الهجوم سيكون بمنزلة ضربة “قوة مضادة” إلى حدٍّ كبير، إذ كانت القوات النووية الأميركية ستهاجم القوات السوفييتية وحلف وارسو وقوات القيادة والتحكم والقوات النووية الصينية.

وذكرت الوثيقة أنَّ نسبة الأهداف التي كانت ستُدمَّر تتراوح بين 83 و88%، مع ضمان تدمير 70%.

حجم خسائر الهجوم النووي المحدود
توضح الصحيفة، أنّه في سيناريو الهجوم بقوة الإنذار، كان من المنتظر ضرب 199 مدينة سوفييتية، عدد سكانها يبلغ خمسين ألف نسمة أو أكثر. وهذا الهجوم كان سيحول 56% من سكان المناطق الحضرية و 37% من مجموع السكان إلى ضحايا، معظمهم كان سيموت في نهاية المطاف، بسبب انهيار المجتمع بعد الهجوم.

وفي الصين، كان الهجوم سيضرب 49 مدينة، وهو ما كان سيحوِّل 41% من سكان المناطق الحضرية و10% من إجمالي السكان إلى ضحايا.

أمَّا في شرق أوروبا، فكان الهجوم سيضرب أهدافاً عسكرية بحتة فقط، وكان عدد القتلى المتوقع هناك بسبب الهجمات النووية الأميركية يبلغ 1.378.000 شخص.

حجم خسائر هجوم القوة الكاملة الشاملة

تشير الصحيفة، إلى أنَّ هجوم القوة الكاملة الشامل أسوأ بكثير؛ إذ كان سيسفر عن تدمير 295 مدينة، تاركاً خمس مدنٍ فقط، يبلغ عدد سكانها خمسين ألف نسمة أو أكثر، دون أذى.

في حين كان 72% من سكان المناطق الحضرية و54% من إجمالي السكان سيصبحون ضحايا، وفقاً لأرشيف الأمن القومي، وهو ما يعني مقتل 108 ملايين نسمة من إجمالي 217 مليون نسمة.

في الصين، سيضرب الهجوم 78 مدينة، وهو ما كان سيؤثر في 53% من سكان المناطق الحضرية و16% من إجمالي السكان، في حين بشرق أوروبا، كان عدد الضحايا سيزيد إلى أكثر من ضعف ضحايا هجوم قوة الإنذار، ليصل إلى 4.004.000 شخص.

وإجمالاً، كان من شأن الهجوم الأميركي النووي الشامل على الاتحاد السوفييتي والصين والدول التابعة لهما في عام 1962، أن يؤدي إلى مقتل 335 مليون شخص في غضون أول اثنتين وسبعين ساعة.

الخسائر الأميركية
بحسب الصحيفة، فإنّ الوثيقة لم تحاول تقدير الخسائر الأميركية في حال اندلاع حرب نووية، إلاّ أنّ تقريراً قد أُعِدَّ في العام 1978 لمكتب تقييم التكنولوجيا التابع لوزارة الدفاع الأميركية، بعنوان “آثار الحرب النووية”، أوضح بتفصيلٍ قاتم لما سيحدث إذا أطلق الاتحاد السوفييتي ترسانته النووية على الولايات المتحدة.

وذكر التقرير أنَّه في حالة الهجوم السوفييتي على القوات النووية الأميركية، وأهدافٍ عسكرية أخرى، وأهداف اقتصادية وأهداف سكانية، فقد يسفر ذلك عن مقتل عددٍ يتراوح بين 60 و80 مليون أميركي.

وفي حال إطلاق تحذير قبل الهجوم بوقتٍ كاف، يمكن إخلاء المدن الكبرى والمناطق الصناعية، لكن ذلك سيؤدي فقط إلى خفض القتلى إلى عددٍ يتراوح بين 51 و47 مليون شخص.

وتوضح الصحيفة، أنّ هجمات نووية ستقع بكل تأكيد على حلفاء الولايات المتحدة، وضمن ذلك دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) واليابان وكوريا الجنوبية، لكنَّ الدراسة لم تتطرَّق إليها.

وتوقفت الصحيفة، عند تقرير آخر، عنوانه “الخسائر الناجمة عن الانفجار والحرارة والتهاطل الإشعاعي الناتج من هجمات نووية افتراضية مختلفة على الولايات المتحدة”، وافترض التقرير وقوع هجومٍ سوفييتي ضد 1215 هدفاً أمريكياً استراتيجياً نووياً.

ويشمل ذلك الهجوم الافتراضي نحو 3 آلاف رأس حربي، يبلغ إجمالي قوتها التدميرية نحو 1340 ميغاطن. ونظراً إلى افتراض أنَّ تلك الهجمات ستُشَن ضد منشآتٍ مُحصَّنة، لا سيما صوامع الصواريخ الباليستية العابرة للقارات من طراز MX وMinuteman III، افتُرِض تنفيذ الهجمات باستخدام صواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز SS-18 المعروفة باسم “الشيطان”، والتي تحمل عشرة رؤوس حربية تتراوح قوتها التدميرية بين 550 و750 كيلوطن. وافتُرِضَ كذلك تنفيذ هجمات على القاذفات وقوات التزويد بالوقود بصواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ باليستية تطلقها غواصاتٌ متمركزة قبالة الساحل.

لماذا ستكون الخسائر الأميركية أقل من الروسية؟
بحسب التقرير، فإنّ الولايات المتحدة إذا تعرَّضت لهجومٍ بنحو 1215 سلاحاً نووياً، فستخسر ضحايا أقل بكثير من الضحايا الذين كانوا سيلقون حتفهم في الاتحاد السوفييتي عام 1962، حسب تقدير القيادة الجوية الاستراتيجية الأميركية.

ويرجع هذا التفاوت بحسب الصحيفة إلى القوة التدميرية الكبيرة للأسلحة النووية الأميركية في الستينيات مقارنةً بقوة الأسلحة النووية السوفييتية بالثمانينيات. لكن هناك سببٌ آخر، وهو أنَّ القوات النووية السوفييتية وقت كتابة تقرير القيادة الجوية الاستراتيجية كانت تعتمد في الأساس على القاذفات.

إذ كان الاتحاد السوفييتي لديه في عام 1962 ما بين 300 و320 سلاحاً نووياً، جميعها كانت تعتمد على القاذفات باستثناء 40 سلاحاً فقط. وربما كانت قواعد القاذفات أقرب إلى المناطق السكانية الرئيسة.

ومن العوامل الأخرى التي كانت ستجعل الهجوم الأميركي النووي يُركِّز على المدن السوفييتية وجود مطارات محلية بجوار المدن، كانت القاذفات السوفييتية المُسلحة نووياً ستُقلع منها.

أمَّا على الجانب الآخر، فالهجوم السوفييتي كان سيُركز تركيزاً كبيراً على صوامع الصواريخ الباليسيتة العابرة للقارات وقواعد القاذفات الواقعة في مناطق ذات كثافة سكانية منخفضة بمنطقة الغرب الأوسط الأميركية، بالإضافة إلى بضع قواعد بَحرية في كلا الساحلين.

خسائر ما بعد الهجوم ستكون أكبر من ذلك بكثير
توضح الصحيفة الأميركية، أنّ هذه الدراسات الثلاثة تذكر الآثار المباشرة للهجوم النووي، لكنَّ المشكلات طويلة المدى قد تقتل أشخاصاً أكثر من الذين يموتون في الهجوم نفسه، فتدمير المدن سيحرم ملايين الجرحى، حتى أولئك الذين قد ينجون من الهجوم بسهولة، من تلقي الرعاية الطبية الأساسية.

أمَّا بقايا الحكومة، في أي بلدٍ يتعرَّض لهجومٍ نووي، فسيكون من الصعب عليها الحفاظ على النظام في مواجهة تضاؤل إمدادات الغذاء والطاقة، وتلوث البيئة، وانتشار الأمراض، وتدفق حشود اللاجئين. وعلى مرِّ عامٍ كامل بعد الهجوم، قد يتضاعف إجمالي الوفيات الناجمة عن الهجمات بناءً على شدة الهجوم.

اخترنا لك