ملف «إختلاسات حرب تمّوز » يُفتح من جديد

على الرّغم من الضجيج، فإن ورشة مكافحة الفساد، والتي يشاء البعض أن يُشيع أنّها بدأت نتيجة «ظرف قسري» مستمرّة، بحيث تظهر خلاصات الأيّام وما تحمل، أنّ الورشة متاحٌ أن تبلغ أكثر من إدارة عامة.. إنّها العدوى إذاً، العدوى التي تطبع المشهد اللُّبناني، وهي مرحبٌ بها ما دامَ أنها ستبلغ المُراد.

هناك في أدراجِ القضاء أكثر من دعوى قضائيّة مقامة ضدَّ أشخاص استفادوا من وجودهم في وظائفٍ مُحدّدة من أجلِ مراكمة إستفادة وإثراء غير مشروع من مال الدّولة، لكن ومع الأسف، فإن جزءاً يسيراً من تلك الدعاوى إمّا مجمّدة بفعل أسباب قانونيّة، أو هي منسيّة نتيجة ظروف أو ضغوطات سياسيّة.

ولعل قضيّة حرب تموز ٢٠٠٦ وما نشأ عنها من خلافاتٍ حول ذهاب وإهدار حقوق المتضررين، إلى جانب الإتهامات حول استفادة آخرين من أموال ليست لهم، وأخرى طالت الدّولة حول «إختفاء» أكداس مكدّسة من الأموال، ما زالت حاضرة رغم الزمن.

في أدراجِ القضاء يُكتشف ملف عمره من عام ٢٠٠٩ يعمل عليه تحت طبقةٍ من الضجيج، هو عبارة عن دعوى مقامة من جانب «الهيئة العليا للإغاثة» ضدَّ موظّفين و صيرفيين. في الشق الأوّل، مارسَ بعض الموظّفين فعل «السمسرة»، وفي الجانبِ الثاني عاونهم صيرفيّون، ما يعني أن الفريقان تقاسما الحصص من خلف الأعمال غير المشروعة.

خلال حقبة ما بعد حرب ٢٠٠٦، ضجّت البلاد بخبريات وأقاويل حول إختفاء أموال، وعدم التعويض على مُتضرّرين، خسروا منازلاً أو سيّارات أو أملاك، وقد ذهبَ البعض حدَّ توجيه اتّهامات إلى شخصيّات في السلطة وأحزاب، بـ«إختلاس الأموال» وصرفها في غير وجهتها، في حين لجأ آخرون إلى القضاء على أمل تحصيل حقوقهم، وإلى اليوم ما زالَ الكثير منهم يبحثون عن حقوقهم المهدورة، إلى جانب آخر اقتنع بضرورة تجاوز القضيّة واعتبارها نسياً منسيّاً، والتعويض عن خسائره بنفسه.

في أوراقِ قضيّة «الهيئة»، يتبيّن أنّها مقامة ضدَّ ١٤ شخصاً، بتُهم تتراوح بين الإختلاس والسرقة ومخالفة قانون الصيرفة، وهي بحسب مصادر حقوقيّة، «تُهماً جنائيّة تصل أحكامها إلى السجن».

في معلوماتِ «ليبانون ديبايت»، أنّ ٣ أشخاص جرى توقيفهم وجاهيّاً بعد خضوعهم للتحقيق لدى أحد قضاة التحقيق في بيروت، وهم ز.ال و ب.ش و ر.ح. وفي البحث يتبيّنُ أنهم موظّفون في «الهيئة»، ويبدو من خلال وقائع القضيّة، أن إتّهامات وجهّت إليهم بـ«الإختلاس والسرقة».

وتضيفُ المعلومات، أن النيابة العامة الماليّة أعادت تحريك الملف مؤخّراً وتمكّنت من توقيف الأشخاص الثلاثة، والنّية المتوفّرة الآن تكمن في الكشف عن أعدادِ الشيكات التي تمّ صرفها بالتعاون مع بعض الصيرفيين، والتي يبدو من أعداد المشتبه بهم أنها بالعشرات وتبلغ قيمتها الملايين. وبالفعل، حضرَ المتّهمين الثلاثة قبل أيّام جلسة محاكمة.

وتبدو خطوات النّيابة العامة الماليّة تندرج ضمن خانة إعادة فتح الملفات السّابقة التي تعود لإختلاسات حصلت خلال فترة ما بعد حرب تموز ٢٠٠٦، ويَثبت تورّط أشخاص فيها، من موظّفين وغير موظّفين، ما يوجب محاسبتهم نظراً للكميّات الهائلة من الأموال المنهوبة.

وفي تفاصيلِ القضيّة، أنّ «الهيئة العليا للإغاثة» شكّكت خلال مراجعاتها عام ٢٠٠٩، بوجود عمليّات إختلاس حصلت من قبل أشخاص في ملف التعويضات عن حرب تموز ٢٠٠٦ المخصّصة للمتضررين وعائلاتهم.

وقد استطاعت الهيئة الوصول إلى أدلّةِ حول تحرير شيكات إلى أشخاص وهميين وآخرين حقيقيين من غير المتضرّرين استفادوا من أموال بدون وجه حق، وذلك من قبل الموظّفين الثلاثة الموقوفين، الذين قاموا بتحرير الشيكات لقاء مكرومات، وتعاونوا مع بعض الصيرفيين من أجل تأمين صرف الشيكات لقاء عمولات جرى تقاسمها بينهم.. فما كان من الهيئة إلا وتقدّمت بادعاء رسمي إلى النيابة العامة الماليّة.

وتؤكّد أكثر من معلومة، أنّ عمليّة إستئناف الملاحقات في القضيّة فُتحت على مصرعيها من جديد وسط توفّر نيّة بحل الملف ووضعه على سكّة المحاسبة الصحيحة، وهذا سيكون مقدّمة لفتح ملفّات قديمة أخرى.

اخترنا لك