قبل بضعة أشهر، استطاعت الشركة الصينية العملاقة هواوي التفوق واحتلال المركز الثاني في مبيعات الهواتف الذكية حول العالم، متخطية بذلك مبيعات الشركة الأميركية أبل ومنافسة الشركة الكورية سامسونغ على تبوؤ المركز الأول.
اجتمعت هواتف هواوي والعلامة التجارية أونور التابعة لها بتسجيل نمو قوي إلى حد ما، في وقت كانت فيه بقية سوق الهواتف الذكية تكافح حتى الحفاظ على ما كانت عليه لا سيما بعد المشاكل التي لاحقت هواتف أيفون وسامسونغ في الفترة السابقة.
باعت هواوي وأونور 200 مليون هاتف في السنة، واعتقدت هواوي أنها قد تصبح أكبر صانع للهواتف الذكية في العالم بحلول العام 2020، وقد كان الربع الأول من هذا العام أكثر قوة، مع زيادة بنسبة 50% مقارنة بالشحنات في نفس الوقت من العام الماضي، وقد أشارت أرقام شركة “اي دي سي” للأبحاث إلى أن شركة هواوي حصلت على حصة عالمية في سوق الهواتف الذكية بنسبة 21.4 %، خلف شركة سامسونغ الرائدة بنسبة 26%.
وبعد هذا النجاح الزاخم في عالم الهواتف الذكية، بدأت الشكوك حول هواوي بالبروز سواء في هواتفها او في معدات شبكات الهاتف المحمول، حيث بدأت الولايات المتحدة الأميركية حربها على العملاق الصيني متهمة إياها بالتجسس لصالح المخابرات الصينية ودعت العالم الى مقاطعة هواتفها ومعداتها.
وكانت شركة هواوي قد رفعت دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة ردًا على حظر استخدام التقنية الخاصة بهواوي في الشبكات الفيدرالية، ما يمنع المقاولين الحكوميين الرئيسيين من استخدام معدات هواوي، ونصت دعوى هواوي على أن الولايات المتحدة حددت العقاب على هواوي بشكل غير دستوري وأن الحظر المفروض عليها من شأنه أن يضع أميركا وراء المناطق الأخرى في السباق لبناء شبكات الجيل الخامس.
الحرب بلغت أوجّها
اليوم، يمكن القول إن الحرب بين الشركة الصينية والولايات المتحدة قد بلغت أوجّها، إذ بعد أيام قليلة من إضافة إدارة ترامب في الولايات المتحدة هواوي إلى قائمة الشركات التجارية المدرجة في القائمة السوداء للشركات الأميركية، أسقطت شركة “ألفابت” وهي الشركة الأم لـ”غوغل” ما يمكن وصفه بأنه قنبلة مدوية، حيث اعلنت عن وقف أعمالها التي تتطلب نقل منتجات عتادية وبرمجية مع شركة هواوي.
وبالتالي ستفقد هواوي على الفور إمكان الوصول إلى تحديثات نظام التشغيل أندرويد، كما ستفقد هواتفها الذكية المستقبلية التي تُباع خارج الصين إمكانية الوصول إلى التطبيقات، والخدمات الشائعة على أندرويد، بما في ذلك متجر “غوغل بلاي”، و تطبيق خدمة البريد الإلكتروني “جي مايل”.
وبعد هذا القرار، وعدت شركة هواوي بمواصلة تقديم تحديثات الأمان وخدمات ما بعد البيع للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية الخاصة بها، وأكدت انها ستستمر في بناء نظام بيئي آمن ومستدام، من أجل توفير أفضل تجربة لجميع المستخدمين على مستوى العالم.
كما أبدت الشركة استعدادها لمواجهة ضغوط واشنطن، مع تقليص ارتهانها للشركات الاميركية، وفقاً لما أكده مؤسسها رين تشنغفاي في تصريح للصحافة اليابانية. وأشار إلى أن مجموعته ستواصل تطوير مكوناتها الخاصة لتقليص ارتهانها لمجموعة المورّدين الأجانب، قائلاً : “لم نفعل أي شيء ينتهك القانون”، وتوقع أن يتباطأ نمو هواوي “إنما بصورة طفيفة فقط”.
وأكدت شنغفاي أن شركته لن تخضع لضغوط واشنطن، موضحاً أننا “لن نغير التوجه بناء على طلب الولايات المتحدة ولن نقبل المراقبة وستستمر هواوي في الوصول إلى نسخة نظام التشغيل “أندرويد” المتاحة من خلال الترخيص المفتوح المصدر، الذي يجعل النظام متاحًا لكل من يرغب في استخدامه.
الخطة “ب”
وكانت الشركة قد ذكرت سابقًا على لسان ريتشارد يو رئيس قسم المستهلكين في هواوي أنها تطور خطة “ب” وهي عبارة عن نظام تشغيل داخلي بديل لنظام أندرويد، جاهزة لتنفيذه في حال أدت معركتها القانونية في الولايات المتحدة إلى فرض حظر على تصدير المنتجات والخدمات الأميركية الصنع مثل أندرويد وويندوز.
ووفقاً لصحيفة ” South China Morning Post” فقد بدأت هواوي العمل على استبدال نظام أندرويد في وقت مبكر من العام 2012، عندما فتحت الولايات المتحدة تحقيقًا مع هواوي وشركة ZTE الصينية، وكانت لا تزال تعمل على تطوير النظام في العام 2016، ولكن حتى اللحظة ما زلنا لا نعرف كيف يعمل نظام التشغيل هذا، وما الذي يبدو عليه وما مدى طول دورة التطوير، هل سيكون جيداً بما يكفي ليحل محل تجربة أندرويد؟ وهل سيريد المستهلكون حقًا هاتفًا يعمل بنظام التشغيل أندرويد يفتقر إلى الوصول إلى متجر “بلاي” ، أو مجموعة كبيرة من تطبيقات غوغل الشائعة بشكل لا يصدق مثل جيميل والخرائط وكروم ويوتيوب!
الأمر لا يقتصر فقط على نظام تشغيل جديد، إذ تشير التقارير الأخيرة الى إن شركة هواوي، التي تعتمد على رقائق من شركات أميركية كإنتل وكوالكوم، تقوم بتطوير وتخزين رقائق ومكونات أخرى تحسباً للحظر، إذ قال الرئيس التنفيذي لشركة هواوي ” رين زيغنفي”، في حديث سابق، إن الشركة ستكون “جيدة” بدون رقائق أميركية.
وعلى الرغم من قولها إنها مستعدة لاستبدال نظام التشغيل لأجهزة الكمبيوتر الخاصة بها ، إلا أن هواوي ستحتاج إلى العثور على شركاء جدد في الأجهزة لأنها تعتمد على معالجات إنتل في أجهزة الكمبيوتر المحمولة، ونظرًا لأن شركة “إنتل” و “كوالكوم” و “برودكوم”، وهي ثلاث من مصممي وموردي الرقائق الرائدين في العالم، قد أوقفت تعاملاتها مع هواوي تماشياً مع مرسوم الحكومة الأميركية الذي يمنعها من التعامل مع الشركة، فقد تحتاج هواوي إلى بدء تطوير معالجاتها الخاصة بجهاز الكمبيوتر المحمول.
وأصدرت شركة هواوي رداً على أنباء “رويترز” بشأن تعليق غوغل بعض العلاقات التجارية معها، جاء فيه :
“ساهمت هواوي بشكل أساسي في تطوير ونمو نظام أندرويد في جميع أنحاء العالم.
وكوننا أحد الشركاء العالميين الرئيسيين لأندرويد، عملنا عن كثب مع منصة المصدر المفتوح التابعة لأندرويد لتطوير بيئة برمجيات استفاد منه المستخدمون والقطاع. وسوف تواصل شركة هواوي توفير تحديثات الأمان وخدمات ما بعد البيع لجميع الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية الحالية من هواوي وهونر بما في ذلك المنتجات التي تم بيعها أو لا تزال في المخازن على مستوى العالم. كما سنواصل في العمل على بناء بيئة برمجيات آمنة ومستدامة، من أجل توفير أفضل تجربة لجميع المستخدمين على مستوى العالم”.