وفد حزب الله عند ريّا الحسن : «إنتوا مميّزين»

على رغم التمايزات في السياسة التي تطبع علاقة حزب الله بـ«تيّار المستقبل»، يفضّل الحزب دائماً انّ يضع جانباً كل السلبيّات ويفصل بين الإنماء وحاجات المواطنين وبين السياسة، وانّ يحرص في التعاطي باسلوبٍ «مؤسّساتي» مع الوزارات الذاهبة إلى حصة «التيّار» ، بعيد عن المناكفات.

لا بل انّ «الحزب» يحرص كليّاً انّ يلف العلاقة بين الضاحية و تلك الوزارات واستطراداً «تيّار المستقبل»، بإحاطة خاصة ومميزة.

يندرج ذلك ضمن ثقافة «الدولة» التي يُلاحظ أنها تنمو وتعوم بشكل متين داخل النطاق الجنوبي لمدينة بيروت، وهذه باتت موضع إهتمام لدى كل من حزب الله وإتحاد بلديات الضاحية الجنوبيّة.

بعد فترة رزحت خلالها المنطقة تحت وابل الإتّهامات المجحفة التي طالت هويّتها، وكانت تتوزّع بين «خروجها عن الدولة» أو اعتبارها «دولة ضمن الدولة» حيث لا تسود لغة القانون.

كما انّ الاهتمام قد لا تجدهُ عند الحزب واتّحاد البلديّات فقط، بل انّ المُدقّق في أسرار العلاقة بين الصنائع والضاحية، يُلاحظ إهتمام ملحوظاً وبالغاً في «الحديقة الجنوبيّة» من الوزراء المتعاقبين، وهذا المنطق رسّخه وزير الداخليّة السابق نُهاد المشنوق، الذي ابدى حرصاً مبالغاً فيه احياناً، في التّعاطي معها وتفريغ أمكنة خاصة لها في «الصنائع».

من هنا، كانت زيارة وفد حزب الله المؤلّف من وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمود قماطي والنائبين علي عمّار وأمين شرّي إلى جانب رؤساء بلديات المنطقة، والذي وضعَ على درجة عالية من الأهميّة والاهتمام.

في الشكل، حرص حزب الله على تمثيل كافة مستوياته ضمن الوفد بحيث قدّمه غنيّاً بمكوناته، وكان لافتاً أنّه تشكّل من نوّاب ووزراء من أبناء منطقة المتن الجنوبي حصراً، وقد طُعّمَ بنائب بيروتي (أمين شرّي)كدلالة ربّما لإمتداد «الضاحية» الجغرافي، وقد أظهرَ «الحزب» في تشكيله للوفد، لياقة مضافة على قيمة قدّمها إلى الوزيرة ريّا الحسن من باب الدلالة إلى أهميّة الزيارة، وهو ما أخذته الوزيرة برحابة صدر وترحيب وازى قيمة الوفد.

وعلى مسمع الموجودين، أبدت الحسن إعجابها بأسلوب عمل بلديات الضاحية وتميّزها عن غيرها في ترتيب الملفات وتنظيمها، بحيث لا يجد المعنيون في الوزارة عبءاً لدى متابعتها، كما أنها أبدت حرصها على التعاون معهم.

في المضمون أتت الزيارة علنيّة بعد أولى جاءت من خلف الأسوار والضجيج الإعلامي، قامَ بها الحاج وفيق صفا بعد وقتٍ قصير على تبوء الحسن مقاليد كرسي «الصنائع»، مثلت تلك الزيارة التماس الأوّل بعد «مشاحنات سياسية» متراكمة بإمتياز من فترة وجود الحسن في حكومة السنيورة. يومها كان الضجيج يعلو حول «البلوكات و الطرقات المقفلة» فاستغلها «صفا»كخطوة منه لبحث حاجات الضاحية.

طُرحت في ذلك الاجتماع أفكار حول تدابير أمنيّة جديدة في الضاحية منها إزالة بعض الحواجز الأمنيّة نظراً إلى إنخفاض مستوى التهديدات، وكانت دعوة من صفا للحسن، القيام بجولة ذات طابع أمني، واستطلاع الحواجز والإجراءات الأمنيّة المعمول بها، والتشارك في بناء «دراسة أمنيّة» تلحظ التبدّلات التي طرأت عقب «هزيمة الإرهاب»، لكن بدا انّ الزيارة لم تؤتِ مفعولها بدليل عدم حصول الجولة.

جلّ ما طُبّقَ في الاجتماع المذكور «كسر الجليد» الذي أسس إلى لزيارة الحالية.

الجولة في الصنائع هذه المرة كانت مختلفة، تذكر مصادر شاركت في الإجتماع لـ«ليبانون ديبايت»، انّه كان رشيقاً مثمراً، خالٍ من السياسة، إنمائي – خدماتي محض، إستمعت خلاله الوزيرة إلى رؤساء البلديّات وحاجاتهم، وقدّمت إليهم الأفكار والوعود، بينما انحصرت مهمّة نواب ووزراء الحزب بـ«الرعاية والحيّز الاجرائي».

التبدّلات في الوضع الأمني الذي طرأ أخيراً وطرق الباب من بوّابة طرابلس، كان له وقعه خلال الاجتماع، بحيث بدا انّ رؤساء البلديّات تخلّو عن فكرة إزالة بعض من الحواجز نظراً للظروف المستجدّة، مقابل الطلب زيادة عديد القوى الأمنيّة على كافة المستويات، من مفارز السير إلى المخافر فالدوريات، وقد إمتدَ ذلك لطلب «المؤازرة الأمنيّة» في مجال «رفع التعديات» على كافة الاصعدة.

لكن هذا الطلب لن يحيّد «الحواجز» كُليّاً، بل في بال المعنيين بهذا الملف، فكرة «إصلاحية» تقوم على نقل النقاط إلى مستوى أريحيّة أفضل. المطروح، بحسب ما يُنقل، إجراء «دراسة اثر» على حواجز قوى الأمن المنتشرة داخل الضاحية، تقود إلى إزالة من ليس مفيداً منها وتوزيع عناصرها على مفارز الضاحية ومخافرها.

تطبيق الشق الأمني في الزيارة، متروك لـ«اصحاب الشأن» الذين أصبحوا على بيّنة، كما تقول المصادر المشاركة في الاجتماع، التي تنفي أنها تمتلك، أو سمعت، أي إشارات نحو عودة المخاطر الأمنيّة إلى الضاحية، بل تحصر ما طرحت في شؤون التنظيم والترتيب العام، وملء الشواغر في المخافر والمفارز وتعزيز عناصرها.

إجتماعيّاً، طرحَ رؤساء البلديّات «أزمة مطمر الكوستابرافا» المستفحلة، ومن باب الحيطة، ذكروا انّ القدرة الإستيعابيّة المخصّصة للمطمر في الجزء الذي جرت توسعته من قبل المتعهّد، قاربت على النفاذ، ما يعني عودة إحتمالات «أزمة النفايات» من جديد، مطالبين بإيجاد حل سريع.

ويبدو من خلال الخلاصات الممكن تجميعها من «إجتماع الصنائع»، انّ الضاحية قادمة على درجة عالية من الأهميّة ستنعكس حضوراً واضحاً للدولة في المدى المنظور، إضافة إلى إرساء قاعدة تعاون ستلمس تفاصيلها قريباً.

عبدالله قمح

اخترنا لك