على مقربة يومين من الانتخابات النيابية، تزدادُ الحماوة الانتخابية في دائرة الشوف – عاليه، المنطقة التي يعدّ فيها رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، هو الأقوى سياسياً.
مع هذا، فإن ما يؤجّج “الحماوة” هو التنافسُ الكبير بين مختلف الأطراف التي تسعى لضربِ بعضها البعض بأسرع وقتٍ ممكن قبل الخامس عشر من أيّار.
خلال اليومين الماضيين، شهدت العديد من المناطق تحرّكات أنذرت بـ”حصول إشكالات”، إذ شملت تمزيق صور لمرشحين فضلاً عن إشكال أمام مكتب انتخابي تابع لشخصية سياسيّة. واليوم، فإنّ كثافة اللقاءات الانتخابية تتزايد، ومنعاً لأي احتكاك وتفادياً لأي سيناريو غير محسوب في الشارع، علم “لبنان24” إنّ القوى الأمنية عززّت عملها “الإستخباراتي” على صعيد الشوف – عاليه، وتحديداً في المناطق المفصليّة انتخابياً.
توازياً، كشفت المعطيات أنّ هناك جهاتٍ مقرّبة من الحزب “التقدمي الإشتراكي” دخلت على خطّ دعم المرشح في لائحة “الشراكة والإرادة” النائب مروان حماده، في إقليم الخروب. وفقاً للمعلومات، فإنّ الأخير بدأ بزياراتٍ لعددٍ من الشخصيات في مختلف المناطق السنيّة في إقليم الخروب، سواء في شحيم، كترمايا، مزبود، برجا وغيرها من المناطق التي تتميز بثقل شعبي وانتخابي كبير، وذلك بهدف كسب الأصوات منها.
غير أنّ ما يحدثُ أثار حفيظة شخصيات سياسيّة بارزة في إقليم الخروب، إذ أبدت رفضها لما يجري، وعُلم في هذا الاطار ان هناك لقاءً حصل قبل يومين جمع شخصيات سياسية في الإقليم، وجرت خلاله مناقشة كافّة الأمور الانتخابيّة، من بينها الأمر المتعلق بتجيير الأصوات لصالح مروان حماده”.
ووسط ذلك، يقول خبيرٌ انتخابي بارز إنّ “التحركات المرتبطة بحماده، قد تؤثر سلباً بشكلٍ خاص على المرشح السنّي سعد الدين الخطيب، زميل حماده ضمن لائحة الشراكة والإرادة”.
أمرٌ واحد سيخلط الأوراق
وفي ظلّ كل هذا المشهد، فإنّ هناكَ أمراً يكشفُ عن تبدلٍ كبير سيقلبُ المعادلة الانتخابية في دائرة الشوف – عاليه، ويرتبطُ بعدد المغتربين المقترعين، إذ بلغ عددهم نحو 17066 في الشوف – عاليه مقابل 4960 في العام 2018. واستناداً إلى تلك الأرقام، فإنّ اقتراع المغتربين جاء هذا العام بزيادة 3 مرات وأكثر مقارنة بالعام 2018. وعليه، فإنّ عدد الـ17066 يعني حاصلاً انتخابياً ونصف الحاصل في الدائرة، الأمر الذي يؤكّد تماماً أنّ نسبة الاقتراع في الشوف – عاليه ارتفعت حُكماً بسبب اقتراع المغتربين، وبالتالي فإن الحاصل الانتخابي الأوّل سيكون أكثر من 13 ألفاً.
وبشكل فعلي، فإنه بين العامين 2018 و2022، اقترع 12106 مغترباً إضافياً، وهذا الرقم يُناهز عدد المقترعين من جمهور تيار “المستقبل” في العام 2018، إذ قدّموا 15 ألف صوتاً للائحة “المصالحة” التي كان يدعمها جنبلاط آنذاك. وعليه، فإنّ النسبة الكبيرة لاقتراع المغتربين قلبت المعادلة بشكل كبير، وساهمت في رفع الحواصل الانتخابية حتى لو عمد جمهور “المستقبل” إلى مقاطعة الانتخابات، علماً أن هذا المزاج بات يتبدّل بشكل بارز.
واستناداً إلى كل ذلك، فإنّه متى ما ارتفع الحاصل الانتخابي، فإنّ قدرة كل لائحة من لوائح “قوى التغيير” على الفوز ستتراجع بشكل كبير. فحالياً، هناك 5 لوائح لقوى المجتمع المدني، وبالتالي، فإن أصوات المغتربين الذين صوتوا لكل تلك اللوائح، تشرذمت في ما بينها. إذاً، فإنه مهما كانت نسبة المقترعين عالية لصالح لوائح التغيير، إلا أنه ما من لائحة محددة حصدت لوحدها تلك النسبة، ما يعني أن كل لائحة ستأخذ من درب الأخرى من جهة، وسيضعفُ الجميع معاً من جهة أخرى.
ومن دون أدنى شك، فإنّه لو كانت هناك لائحة واحدة للمجتمع المدني، لكانت الأمور مختلفة تماماً، والخرق تأمّن بسرعة. أما اليوم، فإنّ المغتربين والمقيمين الذين انتخبوا وسينتخبون لوائح “التغيير، ستذهب أصواتهم للوائح الخمسة، ما يعني أنّ كل جهة ستنالُ حصتها من التصويت بعد التوزيع الكلي، وعندها ستبرزُ صعوبة لدى كل اللائحة في الوصول إلى الحاصل الأوّل المطلوب. أما في ما خصّ لائحتي “الشراكة والإرادة” و “الجبل”، فإن الأحزاب فيها ضمن نسبة تصويت عالية خصوصاً أن نطاق تحركها أكبر، وقدرتها على التأثر في الناس واردة وكبيرة، وما يتبين هو أن الأحزاب هي التي ستكسبُ الرهان من جديد بصوت الناس.
وانطلاقاً من هذا الأمر، تشيرُ المعطيات التي برزت مؤخراً إلى أن المزاج العام بات يتجهُ نحو اللوائح القوية على قاعدة أن الناخب لا يريد أن يهدر صوته، وبالتالي سيصوت للائحة تضمن حواصل بشكل كامل، من أجل إيصال مرشحه.
بقلم محمد الجنون