طمأن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، أن “لبنان لغاية اللحظة بمنأى عن الإصابة بفيروس جدري القرود، إلا أن الاحتياط واجب، خصوصاً في الفترة التي يزداد فيها السفر بين البلدان”.
وفي حديث لـ “سكاي نيوز عربية”، قال: “في ما يخص الأمراض الوبائية الجرثومية نلتزم الإجراءات المطلوبة من منظمة الصحة العالمية لناحية تجهيز أماكن عزل وغيرها من الإجراءات الخاصة لمجرد ورود شكوى عن أية إصابة”.
وكشف أنه “أعطى التوجيهات لمديرية الوقاية في وزارة الصحة العامة لأخذ الإجراءات، سواء من خلال المنافذ، لا سيما مطار رفيق الحريري الدولي أو من خلال المعاينة في العيادات مع أطباء الأمراض المعدية”.
وبدوره, قال طبيب الأمراض الجرثومية البروفيسور جاك مخباط، أن “لا خطر على لبنان في الوقت الحالي من فيروس جدري القرود”، إلا أنه توقع “قدوم بعض هذه الحالات إلى لبنان، خصوصاً بعد أن ظهرت مؤخراً حالات معدودة منه في بريطانيا وإسبانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأميركية وكندا”.
وشرح مخباط لـ “سكاي نيوز” أسباب انتقال العدوى، فقال: “تنتقل عبر رذاذ الجهاز التنفسي عن مسافة قريبة، أي أقل من متر واحد، ومن خلال الملامسة الجلدية المباشرة لحبيبات الجدري التي تظهر”.
وأوضح مخباط أن “الأسباب التي أدت إلى ظهور العدوى لدى المصابين كانت إقامة علاقة جنسية مع أشخاص مصابين بالفيروس”.
وأكد مخباط أن “العلاقات الجنسية ليست سبب الإصابة بالفيروس، إنما هي سبب انتقاله من شخص مصاب إلى آخر غير مصاب”.
وأضاف: “قد ينتقل هذا الفيروس أيضاً عبر الأنسجة الملوثة كالثياب وأغطية السرير والمناشف”.
وأوضح مخباط أن “هذا الفيروس يصيب القردة والقوارض ونادراً ما يصيب الإنسان، إلا في حالة تعرضه لعوارض جلدية عند الحيوان”.
وتابع: “تبلغ فترة الحضانة لهذا الفيروس عند الشخص المصاب بين 5 أيام و 3 أسابيع من دون أية عوارض، وخلال هذه المرحلة لا ينتقل الفيروس ولا تتم العدوى إلا عند ظهور العوارض التي تتمثل بارتفاع درجة حرارة الجسم وآلام في العضلات والرأس، وطفرة جلدية مكونة من حويصلات تحتوي على كمية ضئيلة من السائل المليء بالفيروسات”.
ولم ينف مخباط “خطر حدوث حالات وفاة بسبب الفيروس”، موضحاً أن “نسبة الوفاة من جراء الإصابة بجدري القرود تتراوح ما بين 3.5 إلى 10 بالمئة، خصوصاً لدى حديثي الولادة وكبار السن ومن يعاني من أمراض مزمنة مثل نقص المناعة”.
وأوضح مخباط أنه “لا يوجد علاج في الوقت الحالي لفيروس جدري القرود، وقد يؤمن اللقاح ضد الجدري حماية كافية، إنما توقف هذا التلقيح عند الأطفال في عام 1972، وقد تم الإعلان عن آخر إصابة طبيعية به عام 1977 في الصومال، عندما أعلن انتصار العالم على الوباء”.
وأضاف, “لا يوجد أشخاص تلقوا اللقاح الخاص به بعد هذا التاريخ، ومن المعروف أن الحماية المتوفرة من لقاح الجدري قد تمتد لجدري القرود، إذ إن هذين الفيروسين من نفس الفصيلة”.
وتابع قائلا: “يختلف فيروس جدري القرود عن فيروس جدري الماء العادي والذي ينتشر في بلادنا، وهذا لا يزال موجوداً، واللقاحات ضده فعالة، إنما هو مرض بسيط ولا علاقة له بفيروس جدري القرود الذي ظهر مؤخرا”.
أما عن إمكانية انتقال الفيروس إلى لبنان، فقد شدد مخباط على “ضرورة المراقبة والتوعية ومراقبة القادمين من البلدان التي صرحت عن وجود حالات عندها، وفي حال ظهرت على شخص ما عوارض طفح جلدي يجب عزله”.
وأشار مخباط إلى أنه “لا خطر للعدوى إذا أصاب الفيروس الشخص وكان في مرحلة الحضانة، وإذا تم التصريح عن علاقة ما بشخص مصاب بهذا المرض، يتم الاتصال به يومياً والتوعية للتأكد من ظهور العوارض التي تفرض على الطبيب عزل الشخص ومتابعته طبياً”.
وفي وقتٍ لاحقٍ، أكد نقيب الاطباء شرف أبو شرف، في بيان، أن “لبنان ما زال في منأى عن عدوى جدري القرود”، وطالب الدولة ب”التعاون السريع مع منظمة الصحة العالمية لأخذ الإجراءات اللازمة لمنع انتشار العدوى عندنا، وخاصة بالنسبة الى القادمين من إفريقيا”.
وشدد على “ضرورة تزويد المختبرات بالمستلزمات المخبرية للتشخيص”. وأكد ان “التدابير الوقائية وعدم الاتصال الوثيق مع المصابين تبقى العلاج الأفضل، فالعدوى تأتي عبر التنفس المباشر والقريب من المريض او عبر الدم. وهذا الفيروس نادر وشبيه بالجدري البشري. وقد تم رصده للمرة الأولى في الكونغو في سبعينات القرن الماضي، وخصوصا في مجمع المثليين”.
وأشار إلى أن “خطر العدوى منخفض، وعوارضها الحمى وآلام العضلات وتضخم الغدد اللمفاوية وطفرة جلدية على اليدين والوجه ثم تنتشر في الجسم كافة، ويتعافى معظم الناس منها في غضون أسابيع قليلة. أما العلاج فيقتصر على علاج العوارض”.
وذكر أبو شرف أنه “تم القضاء على فيروس الجدري نهائيا عام 1980 ولقاح الجدري يوفر الحماية 85%، وهناك سلالتان رئيسيتان للمرض، سلالة الكونغو وهي الأشد خطورة ونسبة الخطورة قد تصل إلى 10% من الوفيات، وسلالة غرب إفريقيا بمعدل وفيات نحو الواحد بالمئة”.