تحديث الرادارات لحماية منصات الغاز البحرية الإسرائيلية من أي هجوم
لم تمر ساعات قليلة على الوصول المثير للمخاوف المتعاظمة لسفينة انتاج الغاز الطبيعي “انرجين باور” الى حقل كاريش المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل حتى راح الإعلام الإسرائيلي يتحدث عما وصفه بـ”دمج القبة الحديد بالكامل في السفن الحربية التابعة للبحرية الإسرائيلية وتحديث الرادارات لحماية منصات الغاز البحرية الإسرائيلية من أي هجوم”، بما يعكس استنفار هواجس المواجهة المحتملة بين إسرائيل و”#حزب الله” الذي التزم الصمت وعدم التعليق على هذا التطور مباشرة على عادته في مناخات محفوفة بمحاذير المواجهة.
في عز استغراق لبنان في استحقاقاته الدستورية والسياسية المتعاقبة الناشئة عن الانتخابات النيابية الاخيرة، ووسط معالم التعثر الواضح الذي بدأ يتصاعد من كواليس المساعي المبذولة لتلمس الاتجاهات الى الاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً اقتحمت “مواجهة كاريش” سلم الأولويات اللبنانية الأشد الحاحاً وحولتها في وجهة بالغة الخطورة تنذر بزج لبنان في ما لا قبل له او قدرة على مواجهة اكلافه وهو في أسوأ ما عرفه بلد في العالم ضربه انهيار مماثل. الانكى في هذا الهم الطارئ انه جاء ليكشف خطورة مضي الموقف اللبناني الرسمي ضائعاً ومنقسماً بين ذبذبات التردد والتراجع في الخلط بين الخطين 23 و29 فيما المرسوم 6433 الذي يحتاج الى تعديل لا يزال جامدا ومجمدا لدى رئاسة الجمهورية الامر الذي يعرض موقف رئيس الجمهورية ميشال عون لانتقادات داخلية، ويضعف الجبهة المفاوضة اللبنانية، في وقت يكرر الرئيس عون الطلب من الولايات المتحدة عبر سفيرتها في بيروت دوروثي شيا، إعادة تحريك وساطتها في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل من خلال ايفاد الوسيط اموس هوكشتاين .
والواقع ان المخاوف تفاقمت امس من صدام بحري على وقع انباء وصول السفينة المتخصصة باستخراج الغاز وتمركزها في حقل كاريش إيذانا ببدء اعمال الاستخراج في اشهر قليلة. وبازاء هذا التطور حددت أوساط لبنانية مواكبة ومعنية الاحتمالات الناشئة عن وصول السفينة بثلاثة: اما اندلاع مواجهة عسكرية جراء عملية يتولاها “حزب الله” كرسالة لمنع إسرائيل من الاستفراد بالساحة البحرية، وهو امر لا يزال مستبعدا قبل استنفاد فرص التفاوض ولو “على الساخن”، واما مسارعة الدول المعنية وفي مقدمها الولايات المتحدة وبعض الأوروبيين الى احتواء خطر المواجهة وتحريك مفاوضات ترسيم الحدود بما يملي توقف إسرائيل عن عمليات التنقيب والاستخراج من حقل كاريش وهو الاحتمال الكثر ترجيحا، واما الإفساح امام عمل ديبلوماسي سريع عبر الأمم المتحدة من خلال تحرك لبنان عبر شكوى على إسرائيل يقرنها بتقديم مستندات جديدة تتصل باعتماد الخط 29 منطلقا نهائيا للمفاوضات. وسيكون احتمال تحريك المفاوضات عبر الوساطة الأميركية محور الجهود الديبلوماسية في الأيام القليلة المقبلة علما ان معطيات سابقة لوصول السفينة الى حقل كاريش امس كانت تتوقع حركة قريبة في شأن إعادة تحريك وساطة هوكشتاين في وقت قريب.
في أي حال بدا الارتباك الرسمي في اقصى تجلياته حيال هذا التطور اذ ان الرسميين لم يملكوا سوى الإدانة والاستنكار فيما ظهر الارباك في شأن اعتماد خطوط التفاوض على اشده . كما انه من المفارقات المقلقة التي واكبت هذا التطور ان انباء كاريش كانت تسابق انباء تعرض الجيش اللبناني لمزيد من الاعتداءات والكمائن في بعلبك حيث تتصاعد المواجهة بين العسكر وعصابات المخدرات والتهريب ويمعن نواب من المنطقة في التحريض على العصيان المسلح على الجيش !
المواقف الرسمية
وذكر رسميا انه على اثر الانباء التي وردت عن دخول سفينة وحدة انتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه ENERGEAN POWER المنطقة المتنازع عليها في الحدود البحرية الجنوبية، “اجرى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اتصالات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدد من المعنيين للبحث في هذه التطورات. وطلب من قيادة الجيش تزويده المعطيات الدقيقة والرسمية ليبنى على الشيء مقتضاه، لافتا الى ان المفاوضات لترسيم الحدود البحرية لا تزال مستمرة، وبالتالي فأن أي عمل او نشاط في المنطقة المتنازع عليها يشكل استفزازا وعملا عدائيا”.
كما ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي علق على هذا التطور قائلا إن “محاولات العدو الاسرائيلي افتعال أزمة جديدة، من خلال التعدي على ثروة لبنان المائية، وفرض أمر واقع في منطقة متنازع عليها ويتمسك لبنان بحقوقه فيها، أمر في منتهى الخطورة، ومن شأنه احداث توترات لا أحد يمكنه التكهن بتداعياتها”.
أضاف: “من هذا المنطلق اننا نحذر من تداعيات اي خطوة ناقصة، قبل استكمال مهمة الوسيط الاميركي، التي بات استئنافها أكثر من ضرورة ملحة. وندعو الامم المتحدة وجميع المعنيين الى تدارك الوضع والزام العدو الاسرائيلي بوقف استفزازاته”. وختم: “الحل بعودة التفاوض على قاعدة عدم التنازل عن حقوق لبنان الكاملة في ثرواته ومياهه”.
واعتبر وزير الدفاع الوطني موريس سليم “ان التحركات التي تقوم بها اسرائيل في المنطقة المتنازع عليها في الجنوب اللبناني تشكل تحديا واستفزازا للبنان وخرقا فاضحا للاستقرار الذي تنعم به المنطقة الجنوبية من لبنان “ودعا “المجتمع الدولي والأمم المتحدة الى التحرك سريعا لوضع حد للممارسات الإسرائيلية المتجددة، وتطبيق القرارات الدولية لاستباق حصول اي تدهور أمني في جنوب لبنان ستكون له انعكاسات على الاستقرار في المنطقة”.
المعارضة
وسارع النائب #ابراهيم منيمنة باسم “النواب التغييريين” الى الإعلان “ان الرسالة التي أودعها لبنان الأمم المتحدة والتي يتمسك فيها بحقوقه وثروته، والتي تستعملها رئاسة الجمهورية للقول إن الرئاسة غير مقصرة، هو تبرير للتغطية على عدم توقيع المرسوم 6433 بما يتلاءم مع الخط 29 وإبلاغ الامم المتحدة رسميا. تاليا نحمل رئيس الجمهورية ميشال عون شخصيا مسؤولية التنازل عن حقوق لبنان البحرية. وللحديث تتمة (اليوم) الاثنين الساعة 1:45 في المؤتمر الصحافي الذي يعقده نواب قوى التغيير في البرلمان”.
“حزب الله”
اما موقف “حزب الله” غير المباشر فجاء على لسان رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين الذي اعتبر أنّ “لبنان يمتلك القدرة والفعالية في استخراج غازه ونفطه، وأن يكون مستقلًّا عن كلّ وسائل الضغط الذي يخاف منها بعض اللبنانيين في الداخل”، معتبرًا أن “اميركا هي السبب الرئيسي في منع لبنان من استخراج ثروته النفطية”. ولفت إلى أنّ “المطلوب من الدولة بشكل رسميّ وواضح أن تعلن الحدود وقناعتها بالحدود وما هي الحدود وما هي المناطق المتنازع عليها، ليجتمع عندها اللبنانييون بمقاومتهم وجيشهم وشعبهم وعزمهم ويأخذوا حقوقهم من قلب البحر وعمقه حتى إن أرادت أميركا او لم ترد”.