بقلم فادي عيد
ساعات معدودة وينطلق المسار الجديد لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، على قاعدة الربط المباشر ما بين تطوّرات هذه القضية على المستوى الديبلوماسي من خلال زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، وما بين الإنسداد والتجاذب على مستوى المفاوضات النووية في فيينا، إذ تكشف معلومات ديبلوماسية، عن انتقال قضية الترسيم من ملف نزاع بين لبنان وإسرائيل، إلى ورقة إيرانية إضافية على طاولة فيينا، وبمعزلٍ عن كل المواقف والبيانات والمزايدات السياسية المحلية.
وليست التهديدات المتبادلة منذ أيام ما بين “حزب الله” وإسرائيل، سوى رسائل غير مباشرة في فضاء فيينا، ولكنها لن تصل في أي مرحلة إلى الترجمة الفعلية، على الأقل في الفترة الحالية، لأن التصعيد لن يحقّق أية مكاسب لأي طرف إقليمي أو دولي، وسيكون مدمّراً للأطراف المحلية.
ووفق هذه المعلومات، فإن واقع الإرباك الواضح لدى القوى السياسية اللبنانية، والإنشغال بالحسابات والمصالح الضيقة أولاً، والإنهيار المتسارع ثانياً، قد شكّل مساحةً أمام إسرائيل للمضي في استباحة حقول الغاز في منطقة متنازَع عليها مع لبنان، من خلال البدء بالإستعدادات العملية لإنتاج الغاز في حقل “كاريش”، تمهيداً لللإستثمار عبر الضخّ إعتباراً من نهاية العام الحالي.
لكن سفينة “إنرجين باور” اليونانية التي توقفت عند حدود الخطّ 29، تنتظر كما اللبنانيين، زيارة هوكشتاين، والتي لن تكون على مستوى التطلّعات اللبنانية، كما تكشف المعلومات، لأن هوكشتاين يعود “مُستمِعاً” ولن يطرح أي جديد، وسيودِّع المسؤولين “المُربَكين”، لأنه سيزور بيروت للمرة الأخيرة.
وبالتالي، فإن التوقّعات كبيرة، إنما المعطيات الفعلية والأوراق التي يملكها المفاوض اللبناني، غير قابلة للإستخدام حالياً، فالوسيط الأميركي، أوجز عناوين مهمته قبل مغادرته واشنطن، فيما لبنان الرسمي لم يعلن موقفاً واضحاً، باستثناء الخطاب المتمسِّك بالحقوق في الثروة النفطية، ولكن من دون الذهاب إلى ترجمة هذا الشعار عبر خطوة وحيدة بتوقيع المرسوم 6433، لتكريس المواجهة الديبلوماسية والقانونية لاستباحة إسرائيل للسيادة اللبنانية وثروته النفطية، ونقل المواجهة بالتالي إلى المحافل الدولية، على أن تكون النتيجة الأولية، منع السفينة من بدء أعمالها في الأشهر المقبلة.
والثابت، بحسب المعلومات، أن نسبة التوتر قد ارتفعت، والخطاب السياسي المتشنِّج بات العنوان الرئيسي الذي سيطغى على أية عناوين أخرى، حتى ولو كان العنوان إنهيار وتفكّك الدولة ومؤسّساتها، فالطروحات المتناقضة، من خطوط الترسيم البحري وعدم التوافق على أيّ منها، ستحضر على هامش لقاءات هوكشتاين، وستحوّل زيارته إلى محطة للتوظيف السياسي الداخلي من دون تحقيق أية نتيجة فعلية، باستثناء زيادة منسوب التعقيدات، وتالياً الأزمات.