بقلم عقل العويط
أنتَ تفُاوضُ باسمي، وباسم الجمهوريّة، أيًّا كنتَ وأيًّا تكن، ما دمتَ ساهرًا على حقّي، وعلى حقوق الجمهوريّة، وعلى مصالحي، وعلى مصالح الجمهوريّة.
ما عدا ذلك، “يُعفيكَ” الدستورُ من أيِّ حقٍّ. بل ينزعُ عنكَ هذا الحقَّ نزعًا وانتزاعًا، وعلنًا، وجهارًا، ويُعرّضكَ للمساءلة. وخصوصًا إذا لم تكنْ أمينًا (؟!) لهذا الحقّ، أو إذا لم تكن في الأقلّ، على قدْر المسؤوليّة المؤتمن عليها.
وفي هذا الشأن، ما أدراكَ أيّها المؤتمَنُ المُفاوِض (كائنًا مَن كنتَ وأيًّا تكن)، ما المساءلة، ولا سيّما إذا كانت القضيّة التي تُفاوِضُ فيها لا تتحمّل الالتباس، ولا الغموض، ولا المناورة، ولا التلاعب، ولا التهاون، ولا البيع والشراء، بل تُعرِّضُ الجمهوريّة، والكيان، والمصير، والوجود، ومصالح البلاد للعليا للخطر، أو تتنازلُ عنها، أو تُقايضُ في شأنها. وهلمّ.
وما المناصب، وما المقامات، في هذا الشأن وفي غيره؟ّ إذا لم تكن مناصبَ ومقاماتٍ يُرتَجى منها العملُ في سبيل الخير العامّ، والحقّ العامّ، والمصلحة العامّة… العليا؟!
هناك جهاتٌ وأشخاصٌ وجهابذةٌ ملمّون بالحقوق، ومحنّكون، ومتضلّعون من المواثيق والوثائق والخرائط، ومن الحدود البرّيّة والبحريّة والجوّيّة، ومن الأرض ومن السماء، ومن خطوط الطول والعرض، والجغرافيا، والتاريخ، والجيوسياسة، ومن المصالح العليا، ومن العدوّ، والشقيق، والصديق، والطامع، ومن الظاهر، والباطن، ومن القريب، والبعيد.
هؤلاء الجهات والأشخاص والجهابذة، هم كانوا ولا يزالون تحت التصرّف، وقد وضعوا في التصرّف كلّ ما يملكون من علومٍ ومعارفَ وبراهينَ ومعطياتٍ، ولم يتركوا مناسبةً إلّا استخدموها للمناداة بهذه الحقوق والمصالح، وللتنبيه إلى أهمّيّتها، وللحؤول دون التهاون في شأنها، ولتوجيه التحذير تلو التحذير من التفريط بها.
ماذا جرى؟ ماذا يجري؟ لكي “يُستولى” (ع الهينة) على هذه الحقوق والمصالح استيلاءً سافلًا وبالعين المجرّدة، واضحًا – علنيًّا – سلسًا – ليّنًا – مطواعًا – هيّنًا – مهينًا – وبدون “حروبٍ” تُذكَر، أو حتّى بدون التهديد بها؟!
فأيّ عهودٍ هي العهود؟ وأيّ أماناتٍ هي الأمانات؟ وأيّ قَسَمٍ هو القَسَم؟
… وتحت نظر مَن؟ ومسمع مَن؟ وسلاح مَن؟ وممانعة مَن؟ ومقاومة مَن؟! وولاية مَن؟ ودولة ودويلة مَن؟!
والأمانة، ما الأمانة؟ والسرقة، ما السرقة؟ والتنازل، ما التنازل؟ والتفريط، ما التفريط؟ والمقايضة، ما المقايضة؟ والصفقة، ما الصفقة؟ والجريمة، ما الجريمة؟
… ثمّ الخيانة، ما الخيانة؟ وخصوصًا إذا كانت عظمى؟!
والقضيّة ليست قضيّة الخطّ 29 المنتهَك والمغتصَب والمتنازَل عنه فحسب. بل أيضًا قضيّة سماء لبنان الممرَّغة يوميًّا بذلّ العدوان العلنيّ الصهيونيّ. وقضيّة برّ لبنان المنتهَك ذهابًا وإيّابًا، وشرقًا وشمالًا و… جنوبًا. وقضيّة “تهريب” حدود لبنان، وترسيمها شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، وهلمّ.
فأين الأمانة؟ وأين العهد؟ وأين القسم؟ وأين الدستور؟ وأين القانون؟ وأين الحقّ؟ وأين المصلحة العليا؟ وأين المقاومة؟ وأين الممانعة؟ وأين السلاح؟ وأين الدولة وأين الدويلة؟ وأين رئاسة الجمهوريّة؟ وأين رئيس الجمهوريّة؟ والقائد الأعلى للقوّات المسلّحة الشرعيّة؟ وأين؟ وهلمّ؟!