بقلم منير الربيع
مع اقتراب موعد زيارة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين بيروت، تتزايد المعطيات المتضاربة حول حقيقة نتائج هذه الزيارة. ثمة من يرى أن الأيام المقبلة تحمل أجواء إيجابية توصل إلى حلّ، طالما أن لا أحد يمتلك خيار الحرب. لكن هناك من لديه وجهة نظر أخرى : لا حلّ للملف اللبناني في ظل الصراع الدولي الكبير على النفط والغاز.
تفسيرات متضاربة
البعض يعتبر أن زيارة هوكشتاين إيجابية، وتؤسس لجولات جديدة من التفاوض، يمكن أن تؤدي إلى اتفاق في الأسابيع القليلة المقبلة. في المقابل، هناك من يعتبر أن الزيارة لن تخرج بأي اتفاق أو حل. وستظهر التباينات بعد لقاءات هوكشتاين : أن يكون الجواب “الإسرائيلي” سلبيًا.
في هذا الوقت، تعمد “إسرائيل” إلى تسريب أجواء سلبية : فرض شروطها التي كان لبنان قد رفضها سابقًا. أي رفض منحه مساحة الخط 23 كاملة، ورفضها التنازل عن حقل قانا، وعودتها إلى الحديث عن التنقيب المشترك.
هذا التصعيد الإسرائيلي له تفسيران في لبنان : الأول، أن “إسرائيل” تحاول تحسين شروطها وجس النبض اللبناني، قبل زيارة هوكشتاين. والتفسير الثاني هو عدم استعداد “إسرائيل” للتنازل، وعدم قبولها المقترح اللبناني. وبالتالي الاستثمار في تضييع الوقت وصولًا إلى شهر أيلول.
مصادر متابعة تعتبر أن التصعيد “الإسرائيلي” معروف : لا يخرج عن جدول التفاوض، لا سيما أن التنازل عن الخط 29 جاء في سياق البحث عن وصول إلى حلّ يقضي بحصول لبنان على مساحة الخطّ 23 زائد حقل قانا.
لذا برزت أجواء إيجابية من قبل. أما رفع سقف التصعيد فيدخل في خانة إبقاء الملف خاضعًا لمعايير البروباغاندا، في انتظار الوصول إلى حلّ. وهناك وجهة نظر أخرى تعتبر أن لبنان أضعف نفسه بتخليه عن الخطّ 29، وفقد قوة فرض شروطه. لذا لن تضطر “إسرائيل” إلى التنازل، إلا وفق معايير وتهديدات فرضها حزب الله وأمينه العام، أي الذهاب إلى حرب.
روسيا وغاز المتوسط
ثمة من يعتبر أن التطورات اللبنانية لم تعد مرتبطة بترسيم الحدود فقط، في ظل تبادل أميركا وروسيا الاستفزازات. لذلك هناك من يتوقع الذهاب إلى تصعيد أكبر، أو إلى مواجهة عسكرية. لكن مصادر متابعة تقول إن الموضوع يتجاوز لبنان، وقرار نصرالله الذهاب إلى ما بعد ما بعد كاريش، يقف خلفه دعم روسي كبير، لمنع تزويد أوروبا بغاز البحر المتوسط.
يرى هؤلاء أن “إسرائيل” لا يمكنها الموافقة على شروط حزب الله. لأن ذلك يعني بداية أزمة عميقة وكبيرة داخل الكيان. فالموافقة تدفع الأطراف الفلسطينية إلى فرض شروطها على “إسرائيل”، ما يؤدي إلى انعكاسات سلبية عليها. فأي موافقة “إسرائيلية” على شروط حزب الله تعني تحقيق الحزب إياه انتصاره الأكبر. وتعني أيضًا ضرب ما تبقى من دولة لبنانية، وسحق المطالبات بضرورة تعزيزها، وتغليبها على الدويلة.
هذا يعني أن أي مفاوضات مستقبلية ستكون قائمة بين قوى دولية وإقليمية مع حزب الله، من دون الحاجة إلى أي طرف آخر. لذلك يعتبر هؤلاء أن فرص الذهاب إلى تصعيد لا تزال قائمة، بينما تقلل مصادر متابعة حاليًا شأن ملف الترسيم، وتعتبر أن الطرفين محكومان بالوصول إلى تسوية.