بقلم منير الربيع
حضر لبنان بملفاته المختلفة في المباحثات الفرنسية- السعودية. في البيان الختامي للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أكد الطرفان “دعم سيادة لبنان وأمنه واستقراره، وأهمية تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة فيه”.
لقاء فرنسي سعودي
لا يزال الموقف في مضمونه هو نفسه، إذا ما كان لا بد من تناول مجموعة النقاط التي تتمسك بها السعودية، وتصرّ عليها في اللقاءات والاتصالات مع الفرنسيين، لا سيما لجهة تطبيق القرارات الدولية، واتفاق الطائف، وتحسين العلاقات اللبنانية- العربية، وحصر السلاح بيد الدولة.
هذه الملفات كلها نوقشت، إضافة إلى التداول في الانتخابات الرئاسية.
تبدي القوى الدولية اهتمامًا بالاستحقاق الرئاسي، لكن هذه القوى لا تزال تتمهل في انتظار دخول لبنان المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس.
استعرض الجانبان السعودي والفرنسي الاستحقاق الرئاسي من جوانب مختلفة، وربطا بين شخصية الرئيس والولاية الرئاسية، أي التلازم ما بين اختيار رئيس جديد ورئيس جديد للحكومة أيضًا.
فيطلق الرئيسان عهدًا لبنانيًا جديدًا. ولا بد لهذا أن يرتكز على تحقيق بعض التقدم في مسائل أخرى، كالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، إجراء إصلاحات اقتصادية ومالية واسعة، إضافة إلى إبعاد لبنان عن سياسة المحاور.
وهذا يتطلب موقفًا إيرانيًا قريبًا. والبعض يراهن في سبيل ذلك على تجديد المفاوضات الإيرانية-
السعودية في بغداد، ولقاءً منتظرًا قريبًا بين وزيري خارجية البلدين. وهناك أيضًا مسعى باريس لدى طهران، لإحياء المفاوضات النووية.
ماكرون ورئيسي
حسب مصادر ديبلوماسية، تواصل باريس مساعيها لمنع أي توتر أو تصعيد في المواقف. وهي تنقل أجواء إيجابية حول ترسيم الحدود، واستعداد شركة توتال الفرنسية للبدء بالتنقيب عن النفط في لبنان بعد إنجاز الترسيم. هذه المسائل حضرت في اتصال هاتفي دام ساعتين بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي.
وتفيد مصادر ديبلوماسية أن هناك محاولات للبحث عن شخصيات واستعراض سيرتها الذاتية لموقع رئيس الجمهورية في المرحلة المقبلة.
وحسب المصادر، تتراجع حظوظ الشخصيات من الصف الأول في الوصول إلى الرئاسة، نظرًا إلى حاجة لبنان إلى رئيس توافقي، لا مشكلة لديه مع أي من القوى السياسية، وقادر على نيل ثقة المجتمع الدولي.
احتمالات ثلاثة
هنا يقف لبنان أمام احتمالات ثلاثة: إما تقارب إقليمي ودولي يؤدي إلى توافق على شخصية تسووية. وإما غياب الاهتمام الإقليمي والدولي المباشر والتفصيلي بالتوافق على الرئيس والمرحلة المقبلة.
أما الاحتمال الثالث فهو استمرار الوضع على حاله. وهذا ينذر بفراغ معطوف على استمرار الانهيار ونشوب مشاكل داخلية على صعد مختلفة، في انتظار اللحظة المناسبة. هنا تشدد المصادر على أن المرحلة المقبلة محكومة بالتسوية.
إلى جانب هذه الاحتمالات، ثمة سيناريو آخر، رغم ضآلة حظوظه : قد يترك غياب أي اهتمام خارجي بالاستحقاق الرئاسي، وعدم تبلور أي نظرة توافقية بين القوى الإقليمية والدولية، هامشًا للبنانيين كي يبحثوا عن رئيس.
هذا الاحتمال تدرسه القوى السياسية، ويعتبر البعض أن حظوظ فرنجية مرتفعة في هذه الحال.
فرنجية وجوزف عون وأزعور
اللافت هنا حسب مصادر متابعة هو ما يقوله فرنجية في مجالسه، من أنه مرشح توافقي وليس مرشح تحدّ لأحد.
وهو لا يريد الوصول في صيغة التحدي، كي لا يكون عهده ضعيفًا. ولا يريد أن يأتي في صيغة مواجهة أو تحدّ لأي طرف، كي لا يكرر عهد الرئيس ميشال عون.
وفي البحث عن رئيس توافقي، تستعرض جهات داخلية وخارجية أسماء عدة. وهنا يبرز بوضوح تقدّم قائد الجيش جوزيف عون، الذي يرفض التداول في هذا الموضوع.
في المقابل هناك اسم آخر يحظى بمواصفات تتطلبها المرحلة. ففي ضوء البحث عن ما يشبه بروفيل الرئيس إلياس سركيس، يحضر في التداول اسم الوزير السابق جهاد أزعور.
وهو لديه خبرة في المجال المالي، وكان سابقًا وزيرًا للمالية. وحاليًا يشغل منصب مسؤول صندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط. ومثل هذا البروفيل يحتاجه لبنان لإنجاز إصلاحات، وعلى طريق التفاوض مع صندوق النقد.
طبعًا هناك من يعارض أزعور لأسباب سياسية. لكن الرجل يحظى بثقة خارجية، وعقد لقاءات في الخارج والداخل. ووصوله مرتبط بإمكان الوصول إلى توافق إقليمي دولي ينعكس إيجابًا على الساحة السياسية اللبنانية.