بقلم الأسير المحرر د. داود فرج – كاتب و ناشط سياسي
الرابع من آب في العام 2020 شكل منعطفا سلبيا في مسار اللبنانيين المواطنين من خلال تفجير مرفأ بيروت التاريخي الممتد عبرالحضارات، وقد وقع اللبس في هذه الحادثة الموجعة ما بين الانفجار أو التفجير، وهو فرق كبير ما بينهما، فالانفجار يعني القضاء والقدر الرباني، بينما التفجير يعني القضاء المقصود على كل الضحايا من الذين قضوا، ومن الأحياء كل الأحياء من الشعب اللبناني.
وسواء كانت الحادثة انفجار أم تفجير فهي كشفت وفضحت طبيعة النظام اللبناني في الصميم، ففي كلا الحالين يظهر السوء في التعامل مع هذه القضية من قبل النظام اللبناني، وحدهم أهالي الضحايا لا زالوا يشتمون ويتلمسون دماء موتاهم.
فلنفترض أن الحادثة كانت انفجارا، كيف تعامل سياسيو النظام مع هذه القضية ؟
بعد مرور عامين على الحادثة نرى في أعين السياسيين إنها حادثة وقعت وانتهت في حينها وكأن شيئا لم يكن، أن هذا التعامل مع هذه القضية كغيرها من القضايا اللبنانية لهو منهج سياسي يستحوذ على متحاصصي الدولة منذ قيام هذا النظام بعد الحرب الأهلية.
ان هذا المنهج السياسي اصبح عقلية تحكم سياسيو المنظومة الحاكمة، فمن خصائص المحاصصة أنها تقوم على “الأخذ” وعلى المواطن “الدفع”، والنتيجة في انفجار المرفأ أنه من البديهي أن يدفع المواطن وان يأخذ السياسي !
وهذا يقودنا إلى استنتاج بأن أي مشروع استثماري قادم للمرفأ يستفيد منه السياسيون سوف يتسابقون عليه، وأي استثمار يستفيد منه المواطن لا نصيب له.
إذن الانفجار كشف عيوب بنية النظام اللبناني في العمق. والآن ماذا عن التفجير ؟
في ذلك اليوم لقد سمعت أصوات حركة الطيران “الصهيوني” بدون توقف من منزلي في منطقة صور، وهي الأصوات نفسها تحصل عند كل تفجير يقوم فيه العدو الصهيوني في سوريا، والشهود العيان في بيروت عن الطائرات الحربية والكاميرات التي التقطت الصاروخ الهابط من السماء أثناء التفجير، وحتى الاعلام الصهيوني اعترف بالتفجير الأول أي قبل ربع ساعة من التفجير الثاني الهائل، وبعد هول الانفجار الثاني الكل صمت.
انا سأعتبر أن كل ذلك هو تركيب ومفبرك وغير صحيح…
إلا أن هناك مشهدا لإحدى الكاميرات الثابتة في أحد شوارع الجميزة، وانتشر ذلك الفيديو وهو لا لبس فيه أو أية شكوك حوله، فكان أحدهم خرج من محله التجاري يتكلم مع شخص آخر في محله التجاري وينظروا الى السماء ويشير بيديه حول إغارة الطائرة، وأشار بيده كيف أطلق الصاروخ ثم طار معه وطار الشارع، وإيماءات المارّة عن صوت الطائرة كلهم جرفهم ضغط الانفجار وقوة تدميره، وهذا المشهد لا يمكن لأحد يراه و يستطيع ان يقول شيئا آخر.
هنا بيت القصيد في هذه القضية، لماذا سارع المسؤولون اللبنانيون من أعلى المستويات في الإنكار وعدم الاعتراف وتبرئة العدو الصهيوني ايضا ؟
وإذا صحّت الفرضية الاولى بانها كانت انفجار، قد فضحت فيه عيوب بنية النظام اللبناني، فإن الفرضية الثانية وهي التفجير، فإنها تنبئ عن خطورة هذا النظام في مواجهة المواطن اللبناني وقضاياه الطبيعية.
وهنا، لا أريد الآن أن أدخل في تفسير الأسباب التي أدت الى الانكار، بل سأكتفي بقول النتائج الراهنة.
جميعنا يعلم من هو المسؤول عن أمن مرفأ بيروت ومن هي الجهة التي أدارت مرفأ بيروت، كما أن الجميع يعلم من كان يستخدم مرفأ بيروت للقضايا المرتبطة بالاسلحة غير المعلن عنها، وبات واضحا من الذي قصف هذا المرفأ.
وهذه الأطراف الأساسية هي نفسها من تدير لعبة ترسيم الحدود البحرية، فهل سنكون نحن المواطنون ضحية مرة اخرى ؟!