بيروت ـ آب ٢٠٢٢ – المكتب التنفيذي – لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني
لمناسبة الذكرى السنوية الثانية لجريمة تفجير مرفأ بيروت في 4 / 8/ 2020 التي هزت لبنان والعالم بأسره في حينها، والتي يحاول أرباب سلطة المحاصصة الطائفية إخفاء معالمها، أصدر المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني البيان الآتي نصه:
أيتها اللبنانيات واللبنانيون
مرَّ عامان على جريمة تفجير مرفأ بيروت، والعدالة ما زالت مغيَّبة بقدرة الفاعلين من أرباب السلطة الفعلية والمفترضة، الحاكمين منهم والمتحكمين بأوضاع البلد. التحقيق معطل، والمتهمون يسرحون ويمرحون، لانهم يشغلون مواقع تشريعية وتنفيذية في مجلس النواب وإدارات الدولة والقضاء وغيره.
وصوت أهالي الضحايا والمكلومين لم ولن يصل إلى آذان المسؤولين، الذين يصرون على تجهيل الفاعلين ممن أدخلوا نيترات الامونيوم، وعملوا طيلة سنوات على بقائها رغم مخاطرها، وصولاً إلى لحظة الانفجار المدمرة، التي أزهقت أرواح مئات اللبنانيين والعاملين، وجرحت الألوف ودمرت ثلث العاصمة تقريباً، بما فيها من منازل ومؤسسات ومصادر عيش، في انفجار هو واحد من ثلاثة أكبر انفجارات شهدها العالم المعاصر.
واذا كان هذا الحدث الذي يجتهد مسؤولو الكارثة في إخفاء معالمه، وصولاً إلى تدمير الاهراءات كشاهد إثبات بواسطة النيران المشتعلة منذ أسابيع يعبر عن أمر، فإنما يعبر عن المدى الذي بلغته وقاحة هذه السلطة الطوائفية المافياوية التي قطعت الطريق على التحقيق القضائي مع بعض كبار المسؤولين وسواهم ممن قد يظهرون مشاركين.
لكن هذا على أهميته هو غيض من فيض الممارسات الفجة والوقحة للمسؤولين وأصحاب القرار عن إدارة شؤون البلاد.
وقائمة سياساتهم أكبر من أن يتم جردها. وآخر فصولها تعريض اللبنانيين لخطر المجاعة، ودفعهم لخوض المعارك من أجل الحصول على رغيف الخبز، ومحاولة إلصاق الأزمة وتهمة التجويع بالنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين كفئات مهمشة ومستضعفة، دون تحريك ولو أصبع نحو القوة القاهرة التي قذفت بهم إلى لبنان، ممثلة بسلطة الاستبداد الأسدي، وقوة الاحتلال الاستيطاني الصهيوني لفلسطين وتهجير شعبها من بلاده، ورفض أي حل سياسي يتضمن حقهم بالعودة وبناء دولتهم الوطنية المستقلة.
أيها اللبنانيون واللبنانيات
إن جريمة انفجار مرفأ بيروت المروعة أكبر وأوسع من الأسماء المتداولة، وتشمل في ما تشمله قوى وجهات داخلية وخارجية تواطأت وما تزال، على حق اللبنانيين بالأمن والعدالة وسوق المتهمين إلى المثول أمام القضاء والمحاكم.
وهي جريمة واحدة من مسلسل الجرائم التي ارتكبت وترتكب بحق اللبنانيين صبح مساء، سواء من خلال نهب أموال المودعين التي جرى ادخارها بعرق الجبين والحرمان وتعب المهاجر، أو تهريب الأموال والسلع المدعومة إلى الخارج، وتدمير قيمة الليرة اللبنانية والأجور والمداخيل، وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الحصول على الكهرباء والماء والاستشفاء والطبابة، وتهشيم مؤسسات الدولة ومرافقها وقطاعاتها وفرض العجز عليها عن القيام بأبسط المعاملات وواجباتها … والأهم فقدان الايمان بأن هذا الوطن هو بلادهم وبلاد آبائهم وأجدادهم وأبنائهم وبناتهم، الذين “يهجُّون” نحو المهاجر القريبة والبعيدة.
إن ما جرى من قضاء ممنهج على سائر مقومات العيش في هذا الوطن، هو بمثابة جريمة موصوفة أدانها المجتمع الدولي بكل أطيافه، دون أن يرف للمسؤولين جفن يدفعهم إلى مباشرة الاصلاح للخروج من جهنم الافلاس والفقر والعوَز، الذي جعل أكثر من 85 بالمئة من المواطنين تحت خط الفقر، أسرى الحاجة إلى تأمين الحد الأدنى من أبسط مقومات العيش الكريم.
أيتها اللبنانيات واللبنانيون
إن انتفاضتكم في تشرين الأول من عام 2019 ، وممارستكم حقكم الديمقراطي السلمي ووقوفكم في الانتخابات الاخيرة إلى جانب نواب التغيير، والاقتراع لهم، ونزع الثقة عن هذه الطبقة المجرمة ذات التاريخ العريق بالفساد السياسي ومتفرعاته من كل نوع، يجب أن يتحول إلى عمل مثابر لإعادة بناء مؤسساتكم الديمقراطية والنقابية وقواكم السياسية المستقلة التي معها يمكن حمل همَ إنقاذ الوطن وأهله.
وهي مهمة جليلة لن يقدمها لكم الخارج الذي يراهن عليه البعض. لنشمِّر معاً عن سواعد الجد لتحقيق ما نصبو إليه من إنقاذ للدولة ومؤسساتها، وتحقيق التغيير في بنية هذه السلطة، وتأمين استقلالية القضاء وغيرها من مطالب عادلة… هذا هو السبيل الوحيد الذي يجب أن نسعى إليه جميعاً تحقيقاً للعدالة، واقتصاصاً من المجرمين الذين يفلتون دوماً من العقاب على جرائمهم بحق هذا الوطن والمواطنين، وفي المقدمة منهم ضحايا تفجير المرفأ، وكل الضحايا الذين يتساقطون يومياً دون سؤال عن الأسباب التي أودت بحياتهم.