كتب جان فغالي في” نداء الوطن”
كلِّ مرة يعتقد اللبنانيون أن الرئيس نبيه بري لم يعد لديه «أرانب» سياسية ودستورية، يُخرجها من أكمامه، حتى يفاجأوا بأن «الأستاذ» نبعٌ لا ينضب، لا من الأرانب ولا من الأكمام.
أحدث أرانبه، وليس آخرها على ما يبدو، ما أعلنه أخيراً أنه لن يدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية إلا بعد إقرار الإصلاحات الإقتصادية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي.
هذا «أرنبٌ» مخالِف للدستور، الذي ورد في الباب الثالث منه، المادة 73 عن انتخاب رئيس الجمهورية، ما حرفيته : «قبل موعد انتهاء ولایة رئیس الجمهوریة بمدة شهر على الأقل أو شهرین على الأكثر یلتئم المجلس بناء على دعوة من رئیسه لانتخاب الرئیس الجدید واذا لم یدع المجلس لهذا الغرض فانه یجتمع حكماً في الیوم العاشر الذي یسبق اجل انتهاء ولایة الرئیس».
لم يرِد في هذه المادة، المتعلِّقة بانتخابِ رئيس الجمهورية، ولا بغيرها من المواد الدستورية، ربطُ تحديد موعد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية بإجراء إصلاحات اقتصادية!
هنا يُطرَح السؤال : لماذا لم يُظهِر الرئيس بري هذا «الأرنب» عند انتخاب رئيس للمجلس النيابي ؟ لماذا تسري الشروط المسبقة على انتخاب رئيس للجمهورية ولا تسري على انتخاب رئيس لمجلس النواب، والذي تمَّ من دون أي شروط مسبقة ؟ الرئيس نبيه بري، من حيث يدري او لا يدري، يبدو أنه يقرأ في كتاب ««خصمه اللدود» العماد ميشال عون.
الجنرال، حين عُيِّن منتصف ليل 23 أيلول 1988 رئيساً لحكومة إنتقالية التي كان من مهامها تأمين انتخابِ رئيس للجمهورية، رفض إجراء الإنتخابات النيابية، مشترطاً انسحاب الجيش السوري لأنه لا يجوز إجراء الإنتخابات في ظل الوجود السوري. هكذا طارت الإنتخابات ودخل لبنان في المجهول.
ماذا يفعل الرئيس بري اليوم غير ما فعله العماد عون منذ أربعة وثلاثين عاماً ؟ شرط العماد عون آنذاك أدى إلى تطيير الإنتخابات التي لم تُجرَ إلا بعد اتفاق الطائف، فهل يعيد التاريخ نفسه وتطير الإنتخابات ولا تُجرى إلا بعد اتفاقٍ ما، يسميه البعض مؤتمراً تأسيسياً؟