بقلم غسان ريفي – سفير الشمال
بدا واضحا من البيانات التي أصدرها “التيار الوطني الحر” بقلم جبران باسيل، أن رئيس التيار البرتقالي يعيش حالة من “الهستيريا” السياسية على مسافة قليلة من إكتمال دائرة خسائره بإنتهاء عهد الرئيس ميشال عون، ما أدى الى خروجه عن طوره والى إستخدام كل ما لديه في معجم “البذاءة” السياسية للانقضاض فيه على موقع رئاسة الحكومة وإدخال البلد المنهار بكل قطاعاته في إنهيار أخلاقي، وفي متاهات سياسية ـ طائفية ليس أوانها، ولا يمكن لأحد أن يحتمل تداعياتها الخطرة، ما أعاد الى الأذهان ما فعله باسيل في قبرشمون عندما إستحضر الحرب الأهلية، وبعد ذلك في طرابلس وعكار حيث كان وقوع الفتنة قاب قوسين أو أدنى.
لم يعد مستغربا هذا الهجوم العنيف لباسيل على موقع رئاسة الحكومة وعلى الرئيس نجيب ميقاتي، فهو لا يتوانى عن محاربة الموقع السنّي الأول إنطلاقا من إعتراضه الدائم على اتفاق الطائف الذي أعطى هذا الموقع السلطة التنفيذية.
كما لا يخفي باسيل حقده على الرئيس ميقاتي الذي يجمع اليوم بين التصريف والتكليف، ويقف سدا منيعا في وجه طموحاته بتشكيل حكومة على قياسه لاجراء التعيينات وبسط النفوذ، من أجل التحكم بمفاصل الدولة في العهد الجديد ما يبقيه على قيد الحياة السياسية.
يُدرك باسيل أن الرئيس ميقاتي يتمسك أكثر من أي يوم مضى بالتشكيلة الوزارية التي قدمها الى رئيس الجمهورية، وأنه ليس في وارد تقديم الهدايا لأي تيار سياسي، ولن يقبل إلا بحكومة تشبهه وتستطيع مواجهة الأزمات ولا تكون مطية لتصفية الحسابات.
كما يُدرك باسيل أن هدوء ميقاتي وإبتسامته يخفيان وراءهما صلابة بات يعرفها، ما أفقده أعصابه وترجم ذلك ببيانات أساءت الى رئيس الجمهورية ميشال عون والى تياره السياسي قبل أن تصيب الرئيس ميقاتي، علما وبحسب المعلومات فإن باسيل واجه إعتراضات وسمع إنتقادات لاذعة من بعض النواب الاصلاحيين في التيار والذين يعارضون توجهاته ويرفضون أن يأخذهم رهينة مغامراته وطموحاته.
اللافت، أن باسيل يتحدث في بياناته ضاربا بعرض الحائط إحترام عقول اللبنانيين، خصوصا عندما يتهم الرئيس ميقاتي بالتعطيل، في حين أن الرئيس المكلف قدم تشكيلته الوزارية بعد يوم واحد من الاستشارات النيابية غير الملزمة محققا سرعة قياسية، لكن خطوته الدستورية التي تنم عن مسؤولية وطنية واجهت كل أنواع الاستهداف من التسريب الى حرب المصادر الى الاتهامات الباطلة، علما أنه إذا كان للتعطيل الحكومي عنوان في لبنان فهو “جبران باسيل” الذي عطل مع عمه العماد ميشال عون حكومة الرئيس تمام سلام 11 شهرا من أجل الحصول على حصته.
ثم دفع السفير مصطفى أديب الى الاعتذار بفعل الشروط غير المنطقية التي طرحها، ثم عطل الرئيس سعد الحريري تسعة أشهر ترافقت مع إساءات متعمدة من قبله وبواسطة مستشاري القصر الجمهوري الى موقع رئاسة الحكومة، ليأتي بعد ذلك ويتهم الرئيس ميقاتي بالتعطيل ليناقض نفسه ويُحرج عمه رئيس الجمهورية الذي نعى الحكومة في خطاب عيد الجيش، قبل دقائق من لقائه ميقاتي حيث كان من المفترض أن يبحث معه في التشكيلة الوزارية، قبل وصول هوكشتاين.
تشير مصادر سياسية مواكبة الى أنه إذا كان باسيل حريصا كل هذا الحرص على تشكيل الحكومة، فليدفع عمه الرئيس ميشال عون الى توقيعها وفك أسرها من أدراج مكتبه التي دخلتها قبل أكثر من شهر، لافتة الى أن باسيل اليوم في وضع لا يُحسد عليه، فهو أمام فرصة أخيرة للحفاظ على نفوذه السياسي تتمثل بتشكيل هذه الحكومة على قياسه، في حين يقف الرئيس ميقاتي سدا منيعا ويحول دون ذلك.
وتتوقع هذه المصادر ان باسيل الذي بدأ يعيش هستيريا سياسية قد يلجأ عبرها الى أساليب غير مسبوقة قد تؤدي الى ما لا يحمد عقباه، خصوصا أن ثمة مخاوف حقيقية من نهاية عهد عون، خصوصا أن خروجه من قصر بعبدا في العام 1989 كان على حساب دمار البلد.